الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا: النقاب والجنسية

22 ديسمبر 2011 00:31
فجأة ومن دون مقدمات وقف"جاسون كنن" وزير الهجرة والجنسية الكندي وأعلن أمام مجلس العموم (البرلمان الفيدرالي) أنه قد أصدر قراراً وزارياً بحرمان أي امرأة مسلمة منقبة (من نقاب) حيث لا يظهر من وجهها سوى عينيها من الحصول على الجنسية الكندية عندما تأتي لأداء القسم في الاحتفال القضائي المعتاد حيث يؤدي المواطنون الجدد قسم الولاء لجلالة الملكة (رأس الدولة الكندية). واستطرد أنه لم يكن يعلم أن بعض النساء المنقبات قد أدَّين القسم وهن في تلك الحالة إلا بعد أن اتصل به أحد زملائه النواب (نائب من طائفة السيخ) وأبلغه أنه قد خرج من توه من حفل أداء القسم في مدينة "ميسبساقا"، وشاهد امرأة مسلمة منقبة تؤدي قسم الولاء دون اعتراض القاضي. وتحدث الوزير طويلاً عن القيم الكندية والقوانين التي تحكم منح الجنسية الكندية، وكيف في رأيه أن دخول أي إنسان في حظيرة الأسرة الكندية يبدأ ذلك اليوم وأن عليه أن يقيم ويلتزم بأعرافنا وتقاليدنا ومن بين أهدافنا أن تتحقق (للمرأة) المساواة الكاملة بالرجل، وأن فرض النقاب على المرأة ينقص من كرامتها وإنسانيتها. وقال بحزم شديد (لا جنسية دون رفع النقاب). المفاجأة ليست في صدور الأمر الوزاري (فللوزير وحزبه موقف معلوم من الإسلام والمسلمين المنقبات والسافرات الوجوه) إنما المفاجأة جاءت على لسان بعض نواب حزبه الذين أعلنوا أن الوزير قد اتخذ قراره هذا دون أن يعرضه على هيئتهم البرلمانية أو مشاورتهم خاصة أن قراراً كهذا (حرمان مواطن أكمل شروط استحقاق الجنسية يدخل في باب المناقشات والأفكار حول دستورية وقانونية هذا الأمر، وأعجب وأغرب من ذلك فإن الوزير يعلم أن المحكمة الدستورية العليا تنظر منذ أسابيع في قضية مماثلة، إذ رفضت شاهدة منقبة أن ترفع نقابها أمام محكمة أدنى استجابة لطلب الدفاع عن متهم في قضية لأن كما تقول (إن ذلك يخالف تعليمات وأوامر دينها)، ووافقها القاضي واضطر محامي المتهم إقامة دعوى أمام المحكمة العليا الدستورية التي قرر قضاتها التسعة تأجيل النظر في الدعوى حتى يتسنى لهم دراستها والوصول إلى رأي دستوري يحدد هذه المسألة. وانقسم الرأي العام حول موقف الوزير الأصولي وأصبحت قضية المرأة المنقبة قضية رأي عام (تأكد بعدها أن الحادثة التي أبلغها النائب (السخي) لزميله الوزير لم تحدث كما زعم). لكن القضية أعادت إلى الساحة السياسية والإعلامية القضية التي كثر الجدل حولها منذ عامين عندما قرر برلمان (كبيك) ألا يسمح للمنقبات بالمشاركة في انتخابات المجالس النيابية في الإقليم وحرمانهن من شغل الوظائف العامة المتصلة بالجمهور، الأمر الذي رفضه المجتمع واضطر الحكومة للتراجع عنه، وكذلك في كثير من ديار المسلمين هنالك خلاف في الرأي حول شرعية النقاب. لكن الأمر الذي يهم كثير من المواطنين والمواطنات الكنديين من غير المسلمين يتعلق بالسؤال حول شرعية قرار الوزير، ومن هو صاحب الحق في إصدار قرار خطير كهذا؟ هل هو السلطة التنفيذية أم البرلمان صاحب الحق في التشريع. لقد كان بإمكان وزير الهجرة والجنسية الكندي أن يتقدم بمرسوم وزاري للبرلمان لتحقيق ما أراده منفرداً وهو مطمئن على موافقة أغلبية البرلمان (التي يملكها حزبه) أن تستجيب للأمر. لكن ما أراده الوزير هو حرمان المعارضة البرلمانية من فرصة مناقشة الأمر بجدية وعدل. حزب "المحافظين" الكندي حزب عقائدي جامد وموقفه من المسلمين والمهاجرين من العالم الثالث تحكمه عقدة التاريخ الذي يجب أن يتجاوزها العقلاء عندما يحملون مسؤولية الحكم، بحيث يكونوا أول المدافعين عن الأقليات. فالقضية ليست قضية امرأة مسلمة منقبة أدت القسم، أو لم تؤد القسم فالأمر في البداية والنهاية هو أمر السياسة والأفكار الرجعية التي يقوم عليها موقف "المحافظين" الكنديين ونظرتهم للوطن والعالم. وكما كتب صحفي مرموق فإن الوزير الماكر (جاسون) قد مارس لعبة فارغة، ففي الوقت الذي يجد المواطن الكندي نفسه مهموماً بالأزمة المالية، فجر الوزير قضية المرأة المنقبة والجنسية، فأصبحت القضية رقم واحد التي تراجعت (إعلامياً) أمامها قضايا حياتية كبرى. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©