الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

كابيسا.. نموذج مرير لأفغانستان بعد الانسحاب المنتظر للحلف الأطلسي

21 ديسمبر 2013 23:52
كابيسا، أفغانستان (أ ف ب) - تتكثف المعارك في مناطق نفوذ حركة طالبان، لكنها تبقى بعيدة عن عاصمة ولاية كابيسا. فبعد عام على مغادرة الجنود الفرنسيين، تشكل ولاية كابيسا الاستراتيجية نموذجا مريرا لأفغانستان، بعد انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي في 2014. ففي صباح شتائي في بلدة “محمود راقي”، يشرب رجال جالسون قرب مدفأة على الحطب، الشاي الأخضر الغامق في مقهى تخترقه أولى إشعاعات الشمس، ويناقشون مسائل سياسية ويأكلون قطعة لحم حشرت في رغيف ساخن، ثم يلقون التحية على هذا التجمع الصغير ويغادرون المقهى مطمئنين. وفي هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة على سفح جبال تكلل الثلوج قممها، تلازم الطالبات صفوفهن وينشط التجار في السوق المزدحم بالبضائع. وتتابع الحياة وتيرتها الطبيعية. فبعد عام على انسحاب الجنود الفرنسيين، لم تقع السماء على رؤوس سكان محمود راقي عاصمة كابيسا الولاية الاستراتيجية على مداخل كابول، حيث تتعايش أبرز اتنيتين في البلاد، الطاجيك والباشتون. ما هي حصيلة الوجود الفرنسي؟ يبدو هذا السؤال تافها في نظر السكان المنهمكين في شؤون حياتهم اليومية ومستقبل البلاد والتسيب الأمني في القطاعات التي تسلل إليها المتمردون، من طالبان وسواهم في الولاية مثل تغاب ووادي الاساي اللذين يشهدان أسوأ الأوضاع الأمنية. وقال قلندار السائق الذي يتحدر من هذه المنطقة وهو جالس أمام مقهى في محمود راقي، إن “الوضع سيء جدا في 90% من تغاب”. وأضاف “ثمة مواجهات بين القبائل وبين العائلات وطالبان موجودون بكثافة فيها”. ولم يأخذ على الجنود الفرنسيين تقاعسهم عن تسوية هذه المشاكل المحلية العميقة. ومنذ انسحاب الفرنسيين، لم يحرز المتمردون أي تقدم في كابيسا، لكنهم كثفوا في المقابل هجماتهم في مناطق مثل تغاب، حيث تتمتع محاكم طالبان بشعبية تفوق شعبية المحاكم المدنية الفاشلة. وقال عزيز الرحمن تواب نائب حاكم الولاية “تدور معارك كثيفة اليوم”. وخلافا للقوات الفرنسية من قبل “تفتقد القوات الأفغانية إلى مروحيات ولا تستطيع أن تعول على دعم جوي، مما يوفر لطالبان مزيدا من حرية التحرك لشن عمليات”، كما قال. وليست كابيسا حالة معزولة على ما يبدو. وفي مناطق نائية انسحبت منها قوات الأطلسي، يركز المتمردون هجماتهم على الجنود والشرطة الأفغان الذين لا يتمتعون بدعم جوي. وتعتبر وزارة الدفاع الأميركية أن تمرد طالبان “يعزز” مواقعه في بعض المناطق النائية ويلحق مزيدا من الخسائر بالجيش والشرطة، مشيرة في الآن نفسه إلى تراجع عدد الهجمات هذه السنة في البلاد. وترى الأمم المتحدة في المقابل أن “مستوى من أعمال العنف” ضد القوات الأفغانية والدولية “لم يبلغ هذا الارتفاع منذ 2010”. وحتى لو تدهور الوضع في المناطق النائية، لم تسقط بعد أي من المدن الرئيسية الأربع والثلاثين في أيدي المتمردين حتى الآن. واعتبر جريمي سميث المحلل في مجموعة الأزمات الدولية في كابول أن “في معظم الأماكن التي انسحبت منها قوات الحلف الأطلسي، تتصف المواجهات بمزيد من العنف .. إننا نترك بلدا يحترق”. وقد توصل إلى هذه الخلاصة على اثر تنقلاته الأخيرة في أربع ولايات. وكلما انكفأ الجنود الأجانب من حول كبرى المدن، تضاءلت بالتالي قدرتهم على جمع معلومات حول الهجمات التي يشنها متمردون في المناطق المحيطة بها، والتي تصبح بالتالي “ثقوبا سوداء”. وقال سميث إن “الحكومة ما زالت صامدة حتى الآن .. لكن يجب أن تتأكد من الحصول على دعم جوي والسعي إلى تأمين رواتب عناصر الشرطة والجنود”. ويرفض الرئيس حميد كرزاي توقيع اتفاق أمني ينظم بقاء الجنود الأجانب ولاسيما الأميركيون بعد 2014، ويمكن أن يؤمن دعما جويا أفضل لـ 350 ألف عنصر من القوات الأفغانية. وفي كابيسا كما في مناطق أفغانية أخرى انسحب منها حلف شمال الأطلسي، يواصل الغربيون دفع الأموال لبناء مستشفيات وتدريب الممرضات وإيصال التيار الكهربائي إلى مناطق نائية. وذكر رحمة الله عبيد في إحدى قرى كابيسا “لم نكن نحب الجنود الفرنسيين، لكننا نريد مشاريع تنمية. لكن لا يعرف احد ماذا سيحصل بعد انسحاب الحلف الأطلسي.. كل شيء ممكن”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©