السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

بيتر سكولد يرسم فظاعات الحروب على الوجوه

بيتر سكولد يرسم فظاعات الحروب على الوجوه
8 فبراير 2014 00:43
فاطمة عطفة (أبوظبي) - الحروب هي من أقسى التجارب التي يمكن أن يعيشها الإنسان، لما فيها من أحداث دامية ومصائب وآلام، ولكن الفنان التشكيلي الذي تدفعه الظروف للعيش في قلب هذه المعارك بين القتل والتدمير، لا بد أن يخرج بتجربة فريدة تعبر عن تلك المعاناة، ليس بشكلها المباشر والمؤلم ولكن بما تتركه في أعماق النفس من آثار، ليجد في لوحته وألوانه شيئاً من العزاء أو التوازن الذي يخفف من قسوة تلك المشاهد وآلامها. الفنان السويدي بيتر سكولد عاش تلك التجربة، وعبر بأعماله الفنية عن ذلك من خلال التجربة القاسية في حرب البوسنة وما شهده من فظائع وأهوال، حيث شهد حرب البلقان وهو في قوات حفظ السلام الدولية، وعاش أهوال القتال مرتين، وخرج منها بإصابة أدت إلى شلل يده وفقدان الحس فيها، وكان ذلك حافزاً له للإبداع، ولكن بطريقته الخاصة. حالياً يعرض الفنان بيتر سكولد أربعين لوحة في معرضه «كريزي إيرث، ذا آرت واي»، المقام بفندق «فيرمونت باب البحر» بأبوظبي، ويستمر حتى الأول من أبريل القادم، وفيه يعبر عن الأرض المسعورة بالحروب. يركز الفنان في أعماله كثيراً على الوجوه، ويصورها بأشكال قبيحة مع محافظته على لمسات من حسنها، حيث أفقدها تناسق ملامحها في الغالب وكستها التشوهات المؤلمة، فلا العيون حافظت على كامل سلامتها وصفائها ولا الأفواه والأسنان، على اعتبار أن ملامح وجه الإنسان مرآة صادقة لما يحس به من مشاعر وما يعانيه من مخاوف وآلام، ولذلك لا نرى في العديد من لوحات الفنان وجوهاً سليمة مرتاحة أو باسمة، ولكننا نرى بقايا وآثاراً من مخلفات الحرب وآلامها في الجماجم والأفواه الفاغرة وكأنها صرخة احتجاج ضد فظاعة القتل والدمار، كما أن ملامح الوجوه جميعها فقدت جمالها ونضرتها وأصابتها تشوهات الصراع الدامي، وحتى الألوان القاتمة من بني ورمادي التي كانت في البداية تغلب على أعمال الفنان الأولى، ثم دخلت الألوان الأخرى، وخاصة اللون الأحمر ليظهر بقوة وبشكل لافت ومؤثر. جميع أعمال الفنان بأبعادها المختلفة توحي بروعة الفن وجماله من رقة الحركة وتناغم الألوان مع بعضها، وإن كانت فكرتها تعبر عن فظاعة الحرب وقسوة التجربة، وتجعل مشاعر من يشاهدها مثقلة بالألم والاستنكار لكل ما يؤذي سلامة الإنسان. ومن أعماله المعروضة لوحة تظهر فيها كمنجة مرمية على الأرض وكأنها طفل قتيل، وقد امتلأ جوفها بالدم، بينما يبدو إلى جانبها الأعلى وجه صبية وجذعها وحركة يديها توحي بأنها روح شهيدة صاعدة إلى السماء. ويمتاز الفنان بيتر سكولد بأنه طور طريقة جديدة لرسم اللوحات، فهو يضع اللوحة على الأرض ثم يرش الألوان فوقها، وذلك بسبب إصابة تعرض لها في الحرب حيث فقد الشعور بيده اليمنى، وكانت النتيجة إبداع هذه اللوحات التي استهلكت سبعة ليترات من الطلاء حسب تقنية الفنان، وقد استغرق في عملها سنوات. ويعد معرضه هذا الأول له في الشرق الأوسط بعد أن حقق نجاحاً كبيراً في معظم أنحاء العالم من بلاده السويد إلى روسيا، فالصين والولايات المتحدة الأميركية وغيرها. وحول هذا المعرض يقول الفنان سكولد: «أخذ العمل مني ثلاث سنوات حتى أنجزت لوحات هذا المعرض»، ويضيف موضحاً: «أملي أن أعطي الزائرين طابعاً خيالياً وأجعلهم يشاركونني في المشاعر ويفكرون بفني وما يمثله، أنا عندما أبدأ بالرسم لا أفكر إلا بالإنسان، وكل ملامح الوجوه والقصص التي تظهر ملامحها في أعمالي أنا أعرفها والتقيت بها». قسوة وجمال ولد بيتر سكولد في السويد، وكان لديه شغف بالفن منذ الطفولة، حيث يقول إن الرسم والتلوين كانا جزءاً من حياته، واضطر الفنان لتأدية خدمته العسكرية خلال حرب البلقان سنة 1990، حيث عمل مع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مرتين. في الأولى شهد فظاعة الحرب وأهوالها من جهة ومخاوف وآلام سكان القرى من جهة أخرى، وفي الثانية تعرض لإصابة في الرأس أدت إلى دخوله في غيبوبة لبضعة أيام، وحين بدأ يتماثل للشفاء، علِم أن الأعصاب في يده اليمنى قد شلت وأنه فقد الشعور بها، عاد بعد ذلك إلى المنزل، حيث عزل نفسه عن العالم ولم يجد عزاء إلا في الرسم، وكانت أعماله الأولى تتسم بالحزن. وينظر سكولد إلى تجربته القاسية وذكريات الحرب المؤلمة، ويعبر عن ذلك قائلا: «الحياة جميلة ومجنونة والرحلة بإمكانها أن تكون فرحة جداً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©