اللون الأخضر الذي يكسو أرجاء العاصمة يكتسب ألقا مميزا في مشهد يجمع السحب الغائمة ونفحات النسيم المصاحبة لخيوط الشمس ظهرا وهبوب الرياح ليلا، وكلها علامات تطلق دعوات للخروج إلى الهواء الطلق حيث تحتفي الطبيعة بأجمل مواسمها. وما أكثر خيارات التنزه في العراء وعند المساحات الخضراء والبر الممتد حتى حدود التلال الصحراوية. وكلها أفكار لمواقع كفيلة بتغيير جدول برامج عطلة نهاية الأسبوع والإجازات لاستغلال الأجواء الباردة وقضاء ساعات من المرح حتى وإن كان في الحدائق العامة.
للنزهات الخارجية معنى آخر هذه الفترة من السنة. ومع كل المعالم السياحية المنتشرة في البلاد، تبقى الحدائق العامة الملاذ الأوفر متعة حيث يمارس الجميع هواياتهم. من حفلات الشواء إلى حلقات اللعب والاسترخاء في الطبيعة. وإذا كانت البداية من مدينة أبوظبي، فهي تنعم بقائمة من المتنزهات التي تخضع باستمرار للتطوير بما يخدم رغبات العائلات. وأهمها على الإطلاق كورنيش العاصمة الذي يتيح للجمهور رياضات وفقرات ترفيهية يحرمون منها خلال أشهر الصيف، ومنها ما يناسب الكبار والصغار ويرسم مشهدا سياحيا ملونا للاستفادة من كل فراغ لتمضيته على مسافة قريبة من رحابة السماء وسعة البحر.
من دون تخطيط
منطقة الكورنيش هي بلا منازع الشريان الحيوي لمدينة أبوظبي والموقع الأكثر استقطابا للزوار والسياح والسكان، ممن يجدون فيه متنفسا وملاذا لتجمع الأهل والأصدقاء. وحتى للأفراد من عشاق المشي والهرولة ممن يعتبرونه ونيسهم الأول لممارسة التأمل والاستجمام الروحي.
إلى ذلك، تذكر روان الساعد التي تتردد على الكورنيش باستمرار برفقة زوجها وأبنائها أن أكثر ما يشدها إلى هذا المكان كونه مشروعا خفيفا لا يحتاج إلى تخطيط مسبق. ويكفي افتراش العشب عند واحدة من حدائقه، حتى تبدأ النزهة وتشعر بالرضا الواضح على ملامح أبنائها الذين يلهون هناك كل الوقت.
وتقول أختها ميادة إن الحدائق المنتشرة في أبوظبي لطالما كانت من أكثر الأماكن استقطابا للعائلات إذ لا يقتصر التوجه إليها على وقت معين. وأجمل ما فيها أنها متداخلة بين المناطق السكنية وعلى مقربة من المراكز التجارية والأبراج والبيوت لتدخل ضمن أفضل الخيارات الترفيهية في فصل الشتاء.
وبالنظر إلى أهم الحدائق في العاصمة أبوظبي، تشكل حديقة الشيخ خليفة حالة اجتماعية محببة ولاسيما مع استضافتها مجموعة من الفعاليات الترفيهية لصغار السن. وهي تعد واحدة من أضخم حدائق المدينة ومن أبرز معالمها، ولاسيما بفضل سعتها وجماليات تصاميمها المستوحاة من فن العمارة العربية الإسلامية. أما حديقة المشرف للأطفال فتتميز بمساحتها الشاسعة وأشجارها الكثيفة، وهي تضم ردهة خاصة بالنساء لمزيد من الخصوصية للأمهات الراغبات في زيارة الحديقة وحدهن برفقة الأبناء. ومنها يمكن الوصول بيسر إلى متنزه المطار القديم، والذي يمثل وجهة هادئة لسكان الجوار، حيث الأجواء لا تخلو من اللوحات الطبيعية الجميلة. وأكثر ما يميز الحديقة وجودها على مقربة من حلبة التزلج على الجليد. والموقع الأكثر شعبية من قبل غالبية السكان، هو حديقة العاصمة التي اكتسبت رونقها من كثافة الفعاليات الاجتماعية التي تقام عندها وفي محيطها. إذ تشكل عامل جذب لكل من يمر على امتداد منطقة الكورنيش ولاسيما بعد تزويدها بالكثير من أدوات اللهو وهياكل التسلق والأراجيح والمزالق. وهي العنوان الأبرز لإقامة الأنشطة الثقافية والترفيهية والفنية. وكذلك الأمر بالنسبة لحديقة الخالدية التي تحتفظ بطابعها المحبب وجلساتها المقابلة لمجموعة الأبراج الحديثة الموزعة في الجوار. وحديقة آل نهيان التي تشهد اعتناء دائما لوقوعها في منطقة كاشفة لأجمل نقطة على الكورنيش.
صحراء الغربية
بالانتقال إلى المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي، نجد أنها تزدهر بالكثير من المعالم السياحية التي تحتفظ لنفسها بخصوصية لا تشبه سواها. وعلى تفردها الجغرافي ضمن صحراء ليوا، تشكل عامل جذب لكل من يعشق الطبيعة البكر التي تسبح في زرقة البحر المتموج بثرواته وتستريح عند أجمل الكثبان الرملية. وهناك كيفما اتجه السائح، يشعر بأنه في ضيافة سكون الطبيعة الحالمة ونسمات البر وأصوات الفهود والضباع النادرة التي تأبى العيش إلا وسط التلال الذهبية ومتنزه الحياة البرية العربية. ويتضمن المتنزه محطات مثيرة للاهتمام ويحمل بداخله الكثير من المفاجآت المفتوحة على الهواء الطلق مما يبعث إلى الذهول والاسترخاء. إذ يتربع عند جزيرة «صير بني ياس»، وهي واحدة من أكثر الجزر أهمية في المنطقة. ويتحدث محمد العامري عن ارتياحه لاصطحاب أسرته إلى متنزه الحياة البرية مع اعتدال الجو، قائلا إن أكثر ما يميز الموقع امتداده الفسيح، بحيث يغطي أكثر من نصف مساحة الجزيرة بما يعادل 4200 فدان. وهو يجده عنوانا مهما لتثقيف الأجيال حول البيئة والثروات الحيوانية، والتعرف على الأصناف المهددة بالانقراض بما فيها المها العربي وغزال الريم والغزال العربي المعروف بغزال الجبال، وكذلك الحيوانات المفترسة.
ويرى يوسف العابد أن الاستمتاع بالطبيعة لا يقتصر على رحلات الشواء وحسب، وإنما لابد من استغلال الطقس الشتوي بزيارات ميدانية إلى الصحراء. وهذا ما يفعله غالبا عبر تنظيم نزهات برفقة مجموعة من أصحابه وأبنائهم ممن يعشقون البيئة الرملية وثقافة التخييم بالليل على ضوء القمر ودفء الحطب. مع ركوب الدراجات على الهضاب الكاشفة، وممارسة الرياضة في قلب الطبيعة. إضافة إلى تناول الطعام في العراء مما يفتح الشهية المنبعثة من رائحة الأرض وحرارة الشمس ونكهة الرمال.
متنزهات العين
تعتبر منتزهات العين من أكثر الأماكن المحببة خلال فصل الشتاء. وهناك يمكن استغلال الطقس الجميل برحلة إلى باحات العين الفايضة حيث تنتشر المطاعم والشقق الفندقية بأسعار مناسبة. كما تعتبر منطقة مبزرة الخضراء، خياراً ممتعاً لكل من يعشق اللعب بالمياه الدافئة التي تمنح المكان خصوصية من المرح اللامتناهي. وتقول نورة المنصوري: لطالما كانت العين مدينة السياحة الطبيعية من الطراز الأول، وهي من أكثر المناطق السياحية المناسبة برأيها للترويح العائلي والثقافي والفن الراقي. وإعجابها بالعين ينبع من كل ما فيها من عوامل جذب بدءا من جبل حفيت إلى المتنزهات الغنية بالعيون والمياه الساخنة والمتاحف والقلاع والحدائق.
وتشير مهى عبدالرؤوف إلى أنه عند زيارة العين لابد من التوجه إلى جبل حفيت الذي يشكل الوصول إلى قمته متعة لا تخلو من الإثارة والتشويق، وذلك عبر اجتياز طريقه الملتف والكاشف لمعالم المدينة ومن حولها الصحراء والإضاءة الليلية الساحرة. وعند أسفل الجبل تقع المبزرة الخضراء، وهي واحدة من أجمل البقع السياحية في المنطقة وتتوافد إليها الأفواج السياحية بقصد الاستمتاع بمياهها الدافئة المتدفقة من الآبار. وهي تضم الكثير من الاستراحات المخصصة للعائلات. وكذلك الأمر بالنسبة لمدينة ألعاب الهيلي التي تعد أكبر حديقة ترفيهية في المنطقة، وفيها الكثير من الألعاب وأجملها القطار الكهربائي والقوارب الكبيرة وسيارات التصادم ولعبة الرحلات الفضائية.
عدد اليوم
