الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعبع 2013 وتمنيات 2014

23 ديسمبر 2013 09:21
من يتابع مواقف المسؤولين في الصراعات الدائرة بدول المشرق العربي، ويطالع الدراسات والتقارير ووسائل الإعلام والنقاش عن أحوالها ومصيرها، يجب أن يلحظ بأن طرح التقسيم لم يعد بعبعاً وواحداً من المحرّمات، وإن لاقى الاعتراض هنا وهناك. من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنه رصد عدة تيارات، أبرزها تيار منخرط بهذه الصراعات، وآخر لا يزال يقاوم الاستسلام لليأس من مجريات الأمور، وثالث أرهقه انتظار الفرج لدرجة الاستعداد لتقبل أي مخرج من دائرة القتل والاحتراق والنفوذ المتعاظم لخطاب الكراهية الذي يلفّ خاصة سوريا والعراق ولبنان. وفي هذا المناخ لم يعد مُفاجئاً الوقوع على تعليقات أو تغريدات صريحة تدعو لطلاق نهائي بين مكونات الشعب الواحد على قاعدة مذهبية. ورغم عدم استبعاد وجود تخطيط وراء هذا التوجه، ورغم كثرة المُعترضين عليه على قاعدة «إمّا أن نعيش معاً كأخوة، أو نموت معاً كأغبياء»، رغم كل ذلك لا تخلو مواقع التواصل من تعبيرات مريرة وصادقة، من نوع المكاشفة مع النفس، مثل ما جاء على أحد حسابات تويتر باللهجة اللبنانية: «يمكن يجي نهار نقول: خلينا نعيش سوا، منفصلين. لأنه بطّلنا منشبه بعض بشي. ما بقى يجمعنا شي كلبنانيين غير التفرقة والانقسام». من وجهة نظر قومية عربية، كان التقسيم يُطرح كمؤامرة في كل مرة يشتعل فيها نزاع في دولة عربية. كان يُنظر له كنوع من الخيانة أو الجريمة بحق الهوية العربية. حتى الأمس القريب، كان ما زال تهمةً أو تهديداً أو ابتزازاً. لكن يبدو أنه أصبح اليوم، خياراً نفسياً صريحاً لا يلقى استنكارا واسعاً. للأسف لم يعد ممكناً اليوم مقارعة التقسيم بطروحات وحدة التاريخ والثقافة واللغة والمصير المشترك.«الوحدة العربية» أصبحت حالياً نسياً منسياً. والوحدة الوطنية الداخلية أصبحت نعمة نادرة، ممنوعة حتى إشعار آخر عن شعوب سوريا والعراق ولبنان. في الأيام الأخيرة من هذا العام الذي يدفعنا لنؤمن بسوء الطالع (الرقم 13)، حتى كلمة الوحدة الوطنية باتت نادرة للغاية، وتمنياتنا في العام الجديد تكاد تنصب على الوعي ولو متأخرين بخطر الانقسام والتقسيم على المصلحة الذاتية للفرد والجماعة والتحذير من مزيد من سوء المصير. فالتقسيم قد يبدأ على قاعدة فرز طائفي ومذهبي واحد، ولكنه لن ينتهي من نزاعات وربما تقسيمات بين مختلف الطوائف والمذاهب.. والمناطق، أو تليه نزاعات وتقسيمات على قواعد إثنية أو جغرافية. ومن يدري، فربما يتوسع ليكون على قاعدة عشائرية وقبلية (كما يحصل الآن في دولة جنوب السودان التي انقسمت على أساس ديني). ومن التمنيات، إضافة إلى كل ذلك، عدم نسيان ما سيؤدي إليه نهج الانقسام والتقسيم إلى تفريخ نزاعات الملل والمدارس داخل المذاهب. ومن لا يريد ذلك لكن يستبعد حصوله، أتمنى له وللجميع تمنيات أفضل. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©