الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التمسك بمبدأ العدل والإنصاف سر السعادة في الدنيا والآخرة

التمسك بمبدأ العدل والإنصاف سر السعادة في الدنيا والآخرة
22 ديسمبر 2011 19:58
أكرمنا الله سبحانه وتعالى بالإسلام «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا» سورة المائدة الآية3، هذا الدين الذي ختم الله به الرسالات «ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا» سورة الأحزاب الآية40، ومن فضل الله علينا أن ديننا الإسلامي قد تضمن مبادئ جليلة وأحكاماً عظيمة وأخلاقاً رفيعة، هذه الأخلاق عندما نتمسك بها فإننا نسعد في الدنيا والآخرة إن شاء الله، ومن جملة تلك المبادئ والأحكام التي جاء بها الإسلام مبدأ العدل والإنصاف بين الناس فيما لهم من حقوق وعليهم من واجبات، ففضيلة العدل من الصفات الكريمة التي دعا إليها الإسلام. وظيفة الرسل ومن المعلوم أن ديننا الإسلامي، قد دعا إلى التزام العدل في شتى الأقوال والأفعال والسلوك، فالعدل هو وظيفة الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام، كما أنه غاية الرسالات السماوية كلها:«لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ»سورة الحديد الآية25، فبالعدل قامت السموات والأرض، و العدل مفتاح الحق، وجامع الكلمة، ومؤلف القلوب، ولأهمية العدل في الإسلام فقد وردت مادة العدل في القرآن الكريم 28 مرة، ووردت كلمة القسط المرادفة لها 25 مرة. أمة الحق إن الأمة الإسلامية هي أمة الحق والعدل، لذلك فقد أمرها الله سبحانه وتعالى بإقامة العدل في كتابه الكريم حيث يقول«إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى» سورة النحل، الآية90، ويقول: «وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» سورة الحجرات، الآية9، والمقسطون هم العادلون، ويقول أيضا «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا»سورة النساء الآية 135، وقد أمر الله بالعدل في الأحكام كما أمر به في الأقوال، حيث يقول تعالى:«وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ»سورة النساء، الآية 58، ويقول أيضا :«وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى» سورة الأنعام، الآية 152. ومن الجدير بالذكر أن سنة الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد اشتملت على كثير من الأحاديث التي تحث على العدل وتشجع عليه وتدعو إليه، كقوله، صلى الله عليه وسلم: إن المقسطين عند الله على منابر من نور، عن يمن الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلوا .أخرجه مسلم . فجر الإسلام لقد كانت البشرية قبل بزوغ فجر الإسلام، تعرف العدوان أكثر مما تعرف الحق، وتحترم القوة أكثر مما تحترم الحقوق، والإنسانية تعيش في ظلمات بعضها فوق بعض، يفتك القوى بالضعيف، ويأكل القادر حقوق العاجز، ومع ذلك عرف العرب في جاهليتهم حلف الفضول، «السيرة النبوية لابن هشام جـ1 ص133»، أن ينصروا المظلوم ويقفوا معه حتى يأخذ حقه من الظالم، وذلك الحلف الذي قال فيه الرسول، صلى الله عليه وسلم، لو دُعيتُ إليه في الإسلام لأجبته.أخرجه مسلم . وجاءت رسالة الإسلام، رسالة العدل والمساواة، حيث أشرقت الأرض بنور ربها ، وارتفعت كلمات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حجة الوداع «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا»أخرجه مسلم . ومن قبل ذلك كله كان المثل الرائع على عهد النبوة لتطبيق العدل دون أن يميل مع القربى، أو يحيف مع الشنآن، وسنضرب لذلك مثالين: أولاً :عندما جاء أسامة بن زيد يشفع لمخزومية سرقت، فكانت كلمات رسول الله -صلى الله عليه وسلم، نوراً يهدي من بعده«إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها»،متفق عليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقبل أن يختلَّ ميزان العدالة لأجل أحد. ثانياً:كان ذلك عندما تواطأ البعض على اتهام يهودي ظلماً بسرقة وقعت في المدينة المنورة،«فقد روي أن رجلاً من الأنصار يقال له:«طُعمة بن أُبيرق»من بني ظفر، سرق درعاً من جاره«قتادة ابن النعمان» في جراب دقيق، فجعل الدقيق ينتشر من خرقٍ فيه، فخبأها عند«زيد بن السمين» اليهودي، فالتُمست الدرع عند طعمة فلم توجد، وحلف ما أخذها وما له بها علم فتركوه، واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوها، فقال: دفعها إليّ طُعمة وشهد له ناسٌ من اليهود، فقالت بنو ظفر: انطلقوا بنا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وشهدوا ببراءته وسرقة اليهودي، فَهَمَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن يفعل فنزلت الآيات«إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا، وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا، وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا»، الخ الآيات، وهرب طُعْمة إلى مكة وارتد، ونقب حائطاً بمكة ليسرق أهله، فسقط الحائط عليه فقتله.صفوت التفاسير للصابوني 1/ 299. وسار الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين، على هدي نبيهم محمد، صلى الله عليه وسلم، في ذلك، فقد ذكرت كتب السيرة أنه لما بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن رواحة، رضي الله عنه، لأهل خيبر، كي يُقدر محصولهم من الثمار والزروع، طبقاً لعهد الرسول، صلى الله عليه وسلم معهم، بعد فتح خيبر، حاول اليهود رشوته ليرفق بهم في التقدير، فقال لهم:«والله، لقد جئتكم من عند أحبّ الخلق إليّ، وإنكم لأبغض الناس إليّ، وما يحملني حُبّي إياه وَبُغضي لكم، على ألاّ أعدل«، فقالوا له: بهذا قامت السماوات والأرض، نعم بهذا العدل انتشر الأمن في المجتمع. ومن أنواع العدل الذي أوجبه الإسلام على المسلمين: إن يعدل الرجل في أهله، فإذا كان له زوجتان أو أكثر، فعليه أن يعدل بين زوجاته في الحقوق الزوجية من نفقة وكسوة وحسن معاشرة وغير ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم :«من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامة وشقه ساقط» أخرجه أحمد والترمذي، وفي رواية وشقة مائل، أخرجه أبوداود. ويعدل بين أولاده، الذكور منهم والإناث على السواء، في الاهتمام بهم والعناية بهم جميعاً في تعليمهم وتربيتهم، كما يساوي بينهم في العطية والمعاملة، ولا يحرم أحدًا منهم من نصيبه الشرعي، لما ورد عن النعمان بن بشير، رضي الله عنه، أن أباه أتى به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:«إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال، عليه الصلاة والسلام: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم. قال: فرجع أبي فردَّ تلك الصدقة»أخرجه البخاري. ومن العدل المطلوب من المسلم، أن يعدل كل مسؤول فيما هو مطلوب منه في رعيته، كالمدرس والمربي نحو تلاميذه وطلبته في التعليم وتقدير جهودهم، وكالمسؤول مع موظفيه ومساعديه في تقديرهم وتشجيعهم وإنصافهم في الحقوق، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم :«كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» أخرجه أحمد . هذا هو الإسلام دين الحق والخير،دين العدل والمساواة، سبب السعادة والرخاء، لمن أراد أن يحيا حياة كريمة في الدنيا والآخرة . الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yo sefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©