الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السِّلْم المجتمعي الخليجي!

السِّلْم المجتمعي الخليجي!
11 ديسمبر 2012
السِّلْم المجتمعي الخليجي! يرى محمد خلفان الصوافي أن قضية السلم الاجتماعي التي باتت تهدد استقرار المجتمع الخليجي تقلقنا بنسب متفاوتة، نتيجة لغياب الوعي الوطني لدى البعض، مع أنهم يحملون درجات علمية كبيرة، ويفترض منهم الانتباه والمقارنة مع ما يحدث في المجتمعات الأخرى. هي اليوم أشبه بظاهرة عربية. وإذا وجدنا العذر لمواطني بعض الدول العربية لأسباب مختلفة فإن الأمر خليجياً يكاد يكون نوعاً من «البطر السياسي»، خاصة وأنني كنت في زيارة لدولة عربية وتعمدت الاحتكاك بالمجتمع، وبات بعض المراقبين فيها يتوقع أن تنفجر مسألة السلم المجتمعي في أي لحظة. ومما يزيد القلق أن الذين يعملون على هز هذا الاستقرار مجموعة من أبناء الخليج ومن داخل الدول الخليجية نفسها، كل في مجتمعه، وبات لا يسمع إلا صوته، ولا يرى ما يحدث في المجتمعات الأخرى، وكأنه فقد رشده؛ إما لأهداف شخصية لها علاقة بانتماءاته الخارجية بعد صعود تيارات دينية معروفة بولاءاتها العابرة للحدود، أو لأهداف خارجية تشترك معهم فيها منظمات مشبوهة، لها أهدافها الاقتصادية -قبل السياسية- ضد الاستقرار الخليجي. والملفت أن هذا الموضوع بات على لسان كل مراقب أجنبي للشؤون الخليجية، وبات للآخرين خيالات حول إمكانية مس هذا الاستقرار نتيجة لتواجد جاليات أجنبية في هذه الدول، بقدر ما أنه يتعدى الجالية العربية التي يمكن أن تكون الجماعات الدينية مسيطرة عليها لكون التنظيم «الإخواني» تنظيماً عالمياً. والكل يؤكد أن الموضوع مسألة وقت. بل إن الصحافة الغربية، وغيرها من وسائل الإعلام، لا تكاد تخلو من ذكر هذا الموضوع واستقراء مستقبله؛ وهو ما يعني أهمية إدراك أبعاد الموضوع وأخذه بجدية من أبناء الخليج؛ لأنهم هم الخاسر الأكبر فيه. قد تختلف الأسباب التي تدعو هؤلاء الأفراد الخارجين إلى هز الاستقرار وكأن الأمر لا يعنيهم ولن يمسهم؛ فالحالتان الإماراتية والكويتية غير الحالتين البحرينية أو السعودية، والحالة العمانية هي الأخرى تختلف عن الحالات الأخرى، ولكن النتيجة هي اهتزاز السلم المجتمعي الخليجي، الأمر الذي يظهر الحاجة إلى موقف خليجي موحد، من أجل صد هذا الخطر بشكل واضح وصريح. الجيل الأخير للصحافة الورقية يرى سعيد حمدن إنه قبل سنوات قريبة كنا نناقش ظاهرة الصحافة الإلكترونية وتأثيرها على الورقية، ندرس بكل جدية في ذلك الزمن هل نفرض رسوماً على الدخول إلى مواقع الصحف الإلكترونية، أو نتركها كخدمة دعائية للجريدة، وهل تكون على شكل نص أو مجرد صورة، وبعضهم كان يناقش إذا وضعنا الصفحات كاملة هل نضعها بالإعلان التجاري، أم نفرض رسوماً أخرى على المعلن الذي يرغب في أن يظهر إعلانه إلكترونياً، أو هل نضع الجريدة بأكملها أم مجرد مقتطفات منها، ومتى يتم بث المادة، هل مع صدور الصحيفة أم في ساعات متأخرة حتى لا تؤثر على التوزيع والمبيعات الورقية. اليوم عندما نتأمل الواقع الذي وصلنا إليه ونتذكر تلك الاجتماعات والنقاشات والدراسات والنظريات المتشائمة أو الجريئة في تحمسها للثورة التكنولوجية، لا نملك إلا الضحك، كيف أن التقنية ضحكت علينا جميعاً وتجاوزت كل تخوفاتنا وتطلعاتنا، وساقتنا إلى واقع آخر، وتطور لم يخطر على بال أحد. «أبشر»... طوق النجاة حسب أماني محمد أنه من المهم جداً أن يكون للدولة مشروعها الوطني للتوطين، وقد جاءت مبادرة «أبشر» لتعلن أن العام القادم عام التوطين والنية الحقيقية للتوطين ولحل مشكلة ما زالت بعض تداعياتها متواصلة. فسوق العمل هو مصهر التجربة التنموية، وهو وحده القادر على اجتذاب الأفضل، وعلى تمكين خريجي الجامعة من الوصول إلى وظائف تناسب قدراتهم وتعزز كفاءاتهم. لذلك لم يكن الهدف هو التوطين، بقدر ما كان التأكيد على تطوير الكفاءات التي لابد من جعلها في مقدمات الأهداف التنموية. فبعض الأقاويل المتداولة حول الشباب المواطنين بوصفهم أشخاصاً مدللين وغير قادرين على إنجاز ما يوكل إليهم من مهام، هي أقاويل تخلو من الحقيقة وتجانب الصواب، بل فيها الكثير من الإجحاف والترويج لصورة استساغها البعض رغبةً منه في الحفاظ على مكانه. فالمواطن الذي يعمل اليوم في كل المجالات، يصعب أن نلصق به أوصافاً جاهزة تعكس نية ضمنية ضد التوطين. "البيان رقم واحد” استنتج د. بهجت قرني أنه في واقع الأمر قد يكون مرسي في وضع صعب: بين واجبه وحتى رغبته في أن يمثل كل المصريين، وبين ضغوط «عشيرته وأهله» في أن يمثل خط الإسلام السياسي الذي يعتقد أنه وصل للحكم بعد طول انتظار، وبالتالي فهو يحاول أن يستثمر هذه الفرصة لتشكيل الحكم وحتى المجتمع طبقاً لرؤيته. لكن كيف يتصرف مرسي وهو بين شقّي الرحى والضغوط الكبيرة من الناحيتين؟ وكيف ستكون تضاريس الأزمة القادمة؟ وما دور القوة المنظمة الوحيدة الباقية، أي الجيش؟ هل توجد دولة بلا قضاء؟ أشار د. وحيد عبد المجيد إلى أنه عندما حاصر آلاف المتظاهرين مقر المحكمة الدستورية العليا في مصر الأسبوع الماضي وعطلوا العمل فيها وهاجموا قضاتها وسَّبوا بعضهم، كان هذا مشهداً لا سابق له في تاريخ العالم الحديث. لم تتعرض محكمة لمثل هذا الاعتداء السافر في أكثر البلاد استبداداً، ناهيك عن أن يكون الاعتداء على المحكمة العليا نفسها. ولذلك سيظل يوم الثاني من ديسمبر 2012 في ذاكرة التاريخ ضمن الأيام التي تعتبر حالكة الظلام في حياة الشعوب والأمم. لكن ما حدث في ذلك اليوم لم يكن إلا حلقة في مسلسل بدأ بمحاولة إلغاء الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا في يونيو الماضي بحل مجلس الشعب (البرلمان) بسبب عدم دستورية القانون الذي انتُخب على أساسه. فقد بدأ الرئيس مرسي عهده بإصدار قرار لدعوة هذا المجلس للانعقاد بعد حله، رغم أنه تعهد في برنامجه الانتخابي بإقامة نظام ديمقراطي يقوم على قواعد في مقدمتها الفصل بين السلطات واحترام أحكام القضاء. وإذا كانت ردود الفعل السلبية الواسعة حينئذ دفعته إلى سحب ذلك القرار، فقد تواصلت الحملة التي شنها حزبه والقوى الأصولية المتحالفة معه ضد القضاء. وجاء الإعلان الدستوري الذي أصدره في 22 نوفمبر الماضي لمحاصرة دور السلطة القضائية تتويجاً لتلك الحملة. ولم يُلغ هذا الإعلان في 8 ديسمبر الجاري إلا بعد أن حقق الهدف منه وهو تحصين الجمعية التأسيسية التي وضعت مشروع دستور غير توافقي- حتى تحديد موعد الاستفتاء عليه. وعندما اقترب هذا الموعد (بعد غد) لم تعد ثمة حاجة للإعلان الذي ستظل آثاره سارية، وأهمها تحصين كل ما صدر عن رئيس الجمهورية منذ انتخابه ضد الطعن القضائي عليه، الأمر الذي يغلق باباً رئيسياً لا يمكن أن تتحقق عدالة بدون فتحه. وهذا فضلاً عن انقضاء جميع الدعاوى المتعلقة بقرارات رئيس الجمهورية السابقة والمنظورة أمام أية جهة قضائية. «الإخوان»... الإسلام دين لا حاكمية ملثمين! يقول رشيد الخيون: في هياج الإسلام السياسي لتطبيق الشريعة، في عصر تبدلَ فيه كل شيء، إلا الثوابت الدينية التي لا تتعارض مع العصر، لنا الاستشهاد بما سماه الخليفة عمر بن الخطاب (اغتيل 23 هـ) بـ«زمان الضرورة» (الطَّبري، تاريخ الأمم والملوك)، بمعنى ليس هناك قانون لإدارة الحياة يكون صالحاً لكل زمان ومكان! هذا الذي لا تريد الأحزاب الدينية تقديره. لأن الدعوة إلى تطبيق الشريعة على الحياة العامة، يضمن لهم أسلمة المجتمع، وبالتالي لا تداول في السلطة، فهم الفائزون في كل انتخاب، وتدريجياً تتحقق لهم ديكتاتورية دينية، تلك التي حذر منها من لا يزايد على تدينه، ويعذرني القارئ إن كررت الاستشهاد. قال عبد الرحمن الكواكبي (ت 1902): «تضافرت آراء أكثر العلماء، من الناظرين في التاريخ الطبيعي للأديان، على أن الاستبداد السياسي متولد من الاستعباد الديني. والبعض يقول: إن لم يكن هناك توليد فهما أخوان، وأبوهما التغلب والرياسة، أو هما صنوان قويان بينهما رابطة الحاجة على التعاون، لتذليل الإنسان، والمشاكلة بينهما أنهما حاكمان، أحدهما في مملكة الأجسام، والآخر في عالم القلوب (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)، والأحزاب الدينية تريد جمع المملكتين فيها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©