الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مستشفيات سورية تشهد «مذابح» وشمال لبنان يوفر حضناً للأمن والعلاج!

مستشفيات سورية تشهد «مذابح» وشمال لبنان يوفر حضناً للأمن والعلاج!
23 ديسمبر 2011 01:05
عكار (لبنان) (أ ف ب) - استغرقت رحلة أبو حمدو من مدينة القصير السورية إلى داخل الأراضي اللبنانية 11 ساعة محفوفة بخطر الموت في كل لحظة، تحامل خلالها على جرح بالرصاص في أسفل بطنه أصيب به في تظاهرة مناهضة للنظام السوري، ليصل منهكاً إلى مستشفى آمن شمال لبنان. وأبو حمدو هو واحد من عشرات الجرحى السوريين الذين يدخلون لبنان تسللاً بعد أن يؤمن “الجيش السوري الحر” للكثير منهم الطريق حتى الحدود، ومتعاطفون لبنانيون، الاستقبال والمأوى في الجانب اللبناني. وهم يفضلون هذه المعاناة على مستشفيات في بلادهم غير مرحب بالمعارضين داخلها. ويقول أبو حمدو (25 عاماً) الذي قدم نفسه باسم مستعار، من أحد منازل الاستشفاء المخصصة للجرحى السوريين بمنطقة عكار شمال لبنان، “المستشفيات النظامية في سوريا أصبحت ثكنات عسكرية، الداخل إليها من غير رجال الأمن يقتل فوراً”. ويضيف “كل متظاهر مصاب يعامل على أنه مسلح متمرد، لأن التظاهرات بالنسبة إلى السلطة أخطر من السلاح”. ويروي رحلته الشاقة ليلاً إلى جانب مهربيه سيراً على الأقدام حيناً أو محمولاً أحياناً، أو على دراجة نارية عندما تسمح الطريق، وعبر مسالك وعرة ومتعرجة لتفادي نيران الأمن السوري والألغام التي زرعها الجيش السوري مؤخراً على الحدود. ويقول “كان جرحي يؤلمني بشكل لا يحتمل لدرجة تمنيت لو أنني أفقد وعيي، فلا أعود أشعر بشيء”. في المنزل-المستشفى المستحدث في عكار، جلس أبو حمدو على فراش على الأرض بملابس رياضية. وإلى جانبه، تمدد جريح آخر ينتظر موعد إجراء عملية زرع عظم في المستشفى بعدما مزقت طلقات نارية عظام قدمه. ويقدم عدد من اللبنانيين منازل في المنطقة تستخدم للاهتمام بالجرحى قبل خضوعهم لعمليات جراحية أو بعدها. وأصيب أبو حمدو في تظاهرة بمدينة القصير التي تبعد 12 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية الشرقية. ويوضح مسؤول عسكري في “الجيش السوري الحر” من داخل القصير في اتصال هاتفي مع فرانس برس أن مجموعة من قواته “تهتم بمواكبة الجرحى عبر طرق فرعية ليصلوا إلى الحدود”، مضيفا “نحاول أن نتجنب قدر الإمكان الاشتباك مع الجيش النظامي، ولا نطلق النار إلا عند الضرورة لفتح طريق يخرج منه الجرحى”. ويروي جرحى سوريون التقتهم فرانس برس أن عناصر الجيش الحر يتواصلون مع أفراد الجيش النظامي المتعاطفين معهم الذين يدلونهم على الطرق الآمنة. عند الحدود، يتم الاتصال بالصليب الأحمر اللبناني لنقل الجرحى إلى مستشفيات في الشمال. إلا أن الحكومة تغطي مصاريف استشفائهم لفترة محددة، يتولى بعدها ناشطون لبنانيون متعاطفون مع المحتجين السوريين تأمين المأوى والعلاج والعناية اللازمة. ويقول أبو فداء، وهو ناشط نقل إلى لبنان لإجراء عمليات جراحية جراء إصابته بالرصاص في قدمه الشهر الماضي في تظاهرة بحمص، “قبل وصولنا إلى الحدود بقليل، انفجر لغم بلبناني أثناء محاولته مساعدة جرحى على الدخول، فتتبعنا آثار أقدامه لأن الطريق الذي سلكه أصبح خالياً من الألغام..رحمه الله”. وقد كان لأبو فداء، وهو اسم مستعار أيضاً، تجربة مريرة قبل أشهر في أحد المستشفيات السورية. ويروي هذا الشاب العشريني الذي تبدو في رأسه ووجهه وجسمه آثار طعنات بليغة وكدمات أنه اعتقل في مارس الماضي وتعرض للتعذيب “بالضرب بالسكاكين والصعق بالكهرباء”. ويقول إن عنصر أمن “طلب مني أن أقول (بشار ربي)، فأجبت (الله ربي)، فضربني بالسكين ضربة أولى في وجهي ثم في رأسي”. ويضيف “في المستشفى كنت أسمع صراخاً كل الوقت. وكان رجال أمن وممرضون وممرضات وأطباء يضربون المصابين..لم يكن مستشفى بل مسلخاً يذبح فيه الناس كما تذبح الحيوانات، لكنهم يعذبون قبل الذبح”. بعد 5 أيام، نقل إلى مستشفى في حمص بين الوعي واللاوعي. فالقاه عناصر الأمن جانباً ظناً منهم أنه نزف حتى الموت، وطلبوا تسليمه إلى اهله. فنقله ناشطون إلى أحدى المستشفيات الميدانية، وهي منازل سرية منتشرة في حمص ومناطق سورية أخرى، تقدم فيها الاسعافات الأولية للجرحى قبل نقلهم إلى لبنان. وتقول أم عبده (ممرضة) التي انشأت مشفى في منزلها في حمص “عملي كان يقتصر على الاسعاف الأولي: وقف النزيف وتعويض السوائل وسحب الرصاصات من المصابين إلا إذا كانت في الرأس”. وكانت ام عبده تستقبل كل يوم جمعة “ما لا يقل عن 10 إصابات”. وكانت أم عبدو تخبىء الأدوية والمعدات وتعيد ترتيب المنزل “ليبدو بيتاً عادياً”، بحسب قولها، كلما أبلغها ناشطون باحتمال حصول مداهمة أمنية. إلا أنها أضطرت أخيراً بسبب تعرضها لمضايقات عدة، إلى مغادرة سوريا إلى عاصمة عربية حيث تم الاتصال بها. ويقول الصيدلي اللبناني أحمد الحجيري إن عيادة ميدانية ينشط فيها في محلة مشاريع القاع اللبنانية الحدودية مع سوريا، استقبلت الأسبوع الماضي حوالى 25 جريحاً سورياً. ويوضح أن “العيادة تجري الاسعافات الأولية للجرحى الواصلين إلينا قبل تسليمهم إلى الصليب الأحمر”. ويقول مصطفى، وهو ناشط سوري في تنسيقية دعم اللاجئين السوريين بلبنان التي تأسست قبل شهرين، إن الجرحى ينقلون إلى شمال “لأنها منطقة آمنة بعيدة عن الأذرع الأمنية لـ”حزب الله” والنظام” السوري، مضيفاً “البيئة في شمال لبنان عموماً متعاطفة جداً معنا، والناس يحاولون أن يؤمنوا لنا المساعدات”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©