الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجفاف... تحد جديد أمام الحكومة الهندية

12 ديسمبر 2012
على غرار والده أمضى «فينكاتباه» حياته كاملة في زراعة الأرز والخضار في قطعة الأرض الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها الفدانين في قرية «ناجيناهالي» البعيدة بحوالي ثلاث ساعات عن مدينة بانجالور الهندية. لكن المشكلة اليوم أن الاستمرار في مهنة الأجداد باتت أكثر صعوبة في ظل العوامل المناخية غير المناسبة، لا سيما تأخر سقوط الأمطار الموسمية المعروفة في المناطق الاستوائية. فقد قلت الأمطار خلال السنة الماضية، بل شحت أكثر في الصيف الماضي، وهو ما يعبر عنه «فينكاتباه» قائلًا: «سقطت أمطار غزيرة في وقت وجيز ثم اختفت بعد ذلك»؛ غير أنه هذه السنة يأمل في تخفيف بعض الأضرار التي لحقت بمحصوله من خلال الاستفادة من برنامج حكومي وُضع خصيصاً لمساعدة المزارعين من أمثاله، فبإشراف من مسؤولين في الإدارة قام المزارع بحفر بِرك وحواجز بجانب الأرض لحصر المياه والحفاظ عليها. كما حفر خنادق للحفاظ على ما يتبقى من مياه الري، هذا بالإضافة إلى تنويع المحصول واختيار البذور بعناية حتى يقلل من الخسائر. والحقيقة أن عدداً من المبادرات الجديدة أقدمت عليها الحكومة الهندية في الآونة الأخيرة بعد استشراء ظاهرة الجفاف وتقلبات سقوط الأمطار لمساعدة المزارعين على التكيف مع الأوضاع المناخية الجديدة في الوقت الذي تتنامى فيه المخاوف من تداعيات التغير المناخي. ومن بين المبادرات المهمة التي تمولها الحكومة الهندية برنامج الزراعة المقاومة للتغير المناخي، وهي المبادرة التي كلفت حتى الآن 63 مليون دولار حيث غطت 130 قرية في مرحلتها التجريبية الأولى، وتعتمد المبادرة على ترشيد استهلاك المياه والاستخدام الأمثل للموارد الشحيحة لسقي المحصول، كما تحاول المبادرة إتاحة أنواع أفضل من البذور للمزارعين تتميز بمقاومتها للظروف المناخية الصعبة. وعن هذا الهدف من المشروع، يقول «سيريناث ديكسيت»، المشرف على البرنامج الحكومي «الغرض الأساسي هو توفير نموذج جديد لتقليص هشاشة المزارعين وتعرضهم للتقلبات المناخية». ويُعتقد أن ارتفاع درجة الحرارة والتغيرات التي تشهدها التساقطات المطرية ستؤثر سلباً على المزارعين الصغار في عدد من البلدان النامية، حيث عدد كبير من السكان ما زال يعمل في القطاع الزراعي في ارتباط وثيق بالأرض لكسب العيش، وحيث الوسائل ما زالت تقليدية إلى أبعد الحدود مع اعتماد المزارعين على الأمطار. والمشكلة أن القطاع الزراعي لم يحظ باهتمام كبير في اللقاءات الدولية التي تعقد دورياً حول التغير المناخي، وحتى عندما يتم التطرق إلى الزراعة فغالباً ما يتم ذلك في إطار إسهامها في إطلاق الغازات الدفيئة، والدليل على ذلك أن حصة الزراعة من المشاريع التي أُطلقت للتخفيف من حدة التغيرات المناخية لا تتجاوز 4.5 في المئة مع إجمالي مشاريع وصل إلى 3380 حول العالم، وهو ما يؤكده مدير برنامج الأمم المتحدة للبحث الزراعي، «بروس كامبيل»، قائلًا «ما زالت الزراعة قطاعاً هامشياً في الاهتمامات الدولية المرتبطة بالتغير المناخي»، داعياً في بيان أصدره البرنامج إلى «التحرك العاجل لضمان الأمن الغذائي في ظل التغير المناخي». ففي الهند على سبيل المثال تحتاج المحاصيل الزراعية كي تلبي النمو السكاني زيادة بحوالي 30 إلى 50 في المئة لإطعام السكان خلال العشرين سنة المقبلة، لكن ارتفاع الحرارة بدرجة واحدة كفيل بالتأثير سلباً على محاصيل القمح والصويا خلال الفترة نفسها، فيما التقلبات المطرية وعدم انتظامها سيقلص محاصيل الأرز. وفي هذا السياق يقول «سوهاس واني»، العالم الزراعي في المعهد الدولي لأبحاث المحاصيل بالمناطق شبه الجافة «بدون تدخل الحكومات والمجتمع الدولي من الصعب جسر الهوة الموجودة في المحاصيل تحت الظروف المناخية الحالية التي يتسبب فيها الاحتباس الحراري». ومع أن سكان القرى الفقيرة في الهند مثل «ناجيناهالي» لا يعرفون الكثير عن نظرية التغير المناخي وتشعباتها، إلا أنهم يعرفون الكثير عن تقلبات الطقس الملموسة لديهم، ففيما تُظهر الأرقام التي تسجل نسبة هطول الأمطار في القرية أن المعدل العام للتساقطات المطرية ظل هو نفسه على مدى 30 عاماً الماضية، إلا أن عدد أيام هطول الأمطار تقلص، كما تضاعفت بثلاث مرات فترات الجفاف الممتدة على مدى 15 يوماً، علماً أن سقوط أمطار طوفانية خلال فترة قصيرة من الوقت وانقطاعها بعد ذلك لا يفيد المحاصيل في شيء، لذا تأتي محاولات الحكومة الهندية لمساعدة المزارعين على حفر البرك وأماكن لحفظ الأمطار واستخدامها لاحقاً كجزء من مجهود عام لمساعدة المزارعين على التأقلم مع التغير المناخي وحماية محاصيلهم من تداعياته. ومع أن هذه الممارسات التي تشجعها الحكومة للحفاظ على المياه ليست جديدة، بل كان معمولا بها في السابق، فإنها تُركت بسبب الوسائل الحديثة لحفر الآبار، واليوم ومع نضوب المياه الجوفية بسبب الاستخدام المفرط للآبار تم الرجوع إلى الأساليب التقليدية مثل حفر المستودعات لتخزين المياه وإقامة الحواجز لمنع تسرب المياه وإهدارها. وفي السياق نفسه، تشجع الحكومة الهندية المزارعين على الرجوع إلى ما كان عليه الوضع قبل الثورة الزراعية في ستينيات القرن الماضي عندما كان المزارعون ينوعون محاصيلهم، وهي العادة التي تم التخلي عنها لمصلحة زراعة أحادية تركز على القمح، أو الأرز بسبب ارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق والأرباح التي يجنيها المزارعون من ورائها حتى وإنْ ارتفعت كلفتها المائية. فيشنافي شاندراشيكار الهند ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ياينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©