الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التوجهات الأميركية للإدارة الجديدة... ألغاز يصعب حلها!

التوجهات الأميركية للإدارة الجديدة... ألغاز يصعب حلها!
26 فبراير 2017 13:24
حسام عبدالنبي (دبي) ما إن انتُخب رجل الأعمال الشهير دونالد ترامب رئيساً يوم 8 نوفمبر الماضي حتى توجهت أنظار الاقتصاديين في العالم إلى الولايات المتحدة الأميركية ترقباً للقرارات الاقتصادية التي يمكن أن تصدر عن الرئيس الجديد لدولة تعد أكبر الاقتصاديات في العالم وأكثرها تأثيراً على الاقتصاد العالمي. وكان الترقب يأتي من عنصرين رئيسيين، أولهما أن «ترامب» يعد رجل أعمال ناجحاً وربما يكون أول رئيس أميركي يأتي من خلفية البيزنس ولم يمتهن السياسة بالشكل الواضح، كما كان الجدل المثار الأكبر حول قدرة الرجل على تنفيذ برنامجه ووعوده الانتخابية والتي جاءت جريئة وصادمة في الوقت ذاته. وخلال أسابيع قليلة أصبح ظهور «ترامب» مرادفاً لوجود قرارات اقتصادية جديدة سواء عبر تغريداته على حسابه الشخصي على «تويتر» أو خلال المؤتمرات الصحفية والتصريحات التي تصدر عنه. ويرى الخبراء أن حالة الجدل التي تثار حالياً تأتي من التأثير المتوقع للتصريحات والقرارات التي يمكن أن تصدر عن الإدارة الأميركية الجديدة والتي أصبحت تشكل ألغازاً يصعب حلها، فكل ما يصدر يمكن أن يغير خارطة العالم الاقتصادية، ويؤثر على الأسواق والبورصات والعملات والسلع الدولية وحتى العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية بين الدول. وترصد «الاتحاد» من جانبها عدداً من التوجهات الاقتصادية التي صدرت عن الإدارة الأميركية الجديدة، وتحلل عبر آراء الخبراء تأثيراتها. حيث كانت البداية ارتفاع جميع المؤشرات الأميركية الكبرى لمستويات قياسية جديدة عقب انتخاب الرئيس الجديد وزيادة التفاؤل بين أوساط المستثمرين بالقرارات التي يمكن أن تصدر عنه خاصة ما يتعلق بالإنفاق الحكومي على تطوير البنية الأساسية. وتلا ذلك حدوث تقلبات في أسواق المعادن مع تراجع الذهب في البداية ثم صعوده كملاذ آمن، أما أكثر التوجهات التي تم الإعلان عنها وتسببت في حالة من الجدل فهي التأكيد على عودة السياسات الحمائية والتي تهدد بنزاعات تجارية عنيفة مع عدد من الدول خاصة الصين ما يمكن أن يثمر في النهاية خروج أميركا (راعية العولمة وسياسات السوق المفتوح) من عضوية منظمة التجارة العالمية. وكان «ترامب» قد قال نصياً في خطاب تنصيبه «ينبغي علينا حماية حدودنا من الويلات التي أصابت الدول الأخرى التي تصنع منتجاتنا، وتسرق شركاتنا وتدمّر وظائفنا»، «اشتروا البضائع الأميركية واستأجروا العمال الأميركيين». ما دفع شركات أميركية لتدشين تحالف يدعم التوجه نحو الحمائية الأميركية. وإلى ذلك نالت عملة الاحتياط العالمي الأولى وهي الدولار الأميركي نصيبها من احتمالية التأثر بتوجهات الإدارة الأميركية الجديدة، حيث يرى ترامب أن الدولار أقوى مما ينبغي ويسعى في الوقت ذاته إلى تغيير المبدأ الرئيسي الذي يؤكد أن «قوة الدولار تصب في مصلحة الولايات المتحدة» والذي تم اعتماده في منتصف التسعينات. أما آخر التصريحات المثيرة للجدل من الرئيس الجديد فتمثلت في موقفه المتشدد تجاه المكسيك والتي تعد هدفاً سائغاً، حيث تذهب 80% من صادراتها إلى أميركا، ومن بعدها إيران حين ذكر أن الأخيرة تلعب بالنار، وأن الإيرانيين لا يقدرون كم كان الرئيس السابق باراك أوباما (طيباً معهم)، مؤكداً أنه لن يكون مثله وأن كل الخيارات مطروحة فيما يتعلق بالرد على قيام إيران بتجربة صاروخية، وبالطبع فإن مثل هذه التصريحات قد تحمل تأثيرات قوية على أسواق النفط حال تصاعد الأمور. ووفقاً للمحللين فإن التوجهات الجديدة تحمل فقاعة من التخمينات غير المؤكدة والتي سيتم الحكم عليها حسب قدرة الرئيس الجديد على الالتزام بتعهداته، لافتين إلى أن الواقع العملي ربما يجبر الإدارة الأميركية على التراجع عن بعض الوعود الانتخابية أو تخفيف حدتها، إذ أن الطريق لن يكون ممهداً في دولة تحكمها المؤسسات وليس الفرد. ارتفاع البورصات في أعقاب انتخاب دونالد ترامب رئيساً يوم 8 نوفمبر، ارتفعت جميع المؤشرات الأميركية الكبرى لمستويات قياسية جديدة، فارتفع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 8%، وارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ومؤشر ناسداك المركب بنسبة 5%، وتفوق مؤشر راسل 2000 على أقرانه بعد أن ارتفع بأكثر من 13%. ويرى بيتر جارنري، رئيس استراتيجيات الأسهم لدى «ساكسو بنك» أن فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية في الثامن من شهر نوفمبر الماضي شكّل حافزاً لتفاؤل المستثمرين مطلع العام 2017، معرباً عن اعتقاده أن هذا الجانب ربما قد حظي باهتمام أكثر من اللازم، خاصة وأن العديد من التوجهات المهمة قد ترسّخت قبيل فوز ترامب، بما في ذلك ارتفاع ثقة المستهلكين والمستثمرين، وارتفاع أسعار الأصول، وتزايد سقف التوقعات حول التضخم. وأكد جارنري، أن التوجه التصاعدي في أسواق الأسهم الأميركية، قد يكون هشاً لأن سياسة الرئيس الجديد لن تحمل تأثيرات مباشرة على الاقتصاد حتى أكتوبر 2017، أي عندما تبدأ السنة المالية للإدارة الأميركية الجديدة. وقال إن في غمرة الزخم القوي في أسواق الأسهم، ارتفعت المخاطر الهبوطية، وبات التضخم بشكل خاص خط الدفاع الأول لدعم استمرارية هذا الاتجاه التصاعدي في أسواق الأسهم، منوهاً أن معنويات المستهلكين الأميركيين بلغت أعلى معدل لها منذ العام 2004، فيما لامست أسواق الأسهم الأميركية أعلى مستوياتها على الإطلاق ما يعد بوادر تنبئ بعام إيجابي لأسواق الأسهم. تغريدات ترامب أضاف «ترامب» قبل تولية الرئاسة الأميركية فعلياً، مؤشراً جديداً إلى قائمة المؤشرات التي يقوم المتداولون اليوميون بمتابعتها حيث أصبح مؤشر تغريدات ترامب على حسابه في تويتر أحد العوامل المؤثرة في البورصات الأميركية، فعلى سبيل المثال في يوم 6 ديسمبر الماضي، غرد ترامب قائلا «شركة بوينج تبني طائرة جديدة من طراز 747 لتكون طائرة رئاسية في المستقبل، ولكن تكلفتها مرتفعة جدا، أكثر من 4 مليارات دولار، سألغي هذه الصفقة»، وبعد هذه التغريدة بلحظات فقد سهم شركة «بوينغ» ما يقرب من مليار دولار من قيمته السوقية. ويتوقع حسين السيد، كبير استراتيجيي الأسواق في شركة «إف إكس تي أم» أن يرى العالم الكثير من هذه التغريدات في العام 2017، مشيراً إلى ان من المحتمل أن تحتاج اللوغاريتمات فقرة طويلة حتى يمكن أن تحقق نتائج جيدة، ما سيمنح المتداولين الأفراد فرصاً للربح من مثل هذه الاضطرابات التي ستحدث في الأسواق. عودة الحمائية أعادت الإدارة الأميركية الجديدة التأكيد على عودة السياسات الحمائيّة ففي خطاب تنصيبه قال «ينبغي علينا حماية حدودنا من الويلات التي أصابت الدول الأخرى التي تصنع منتجاتنا، وتسرق شركاتنا وتدمّر وظائفنا»... «اشتروا البضائع الأميركية واستأجروا العمال الأميركيين» ما يمكن أن يشكل خطوة قاسية للمستثمرين، كما هي الحال في عالم تسوده العولمة، حيث ستصبح الحمائيّة مسألة مكلفة اقتصادياً بالنسبة لدولة تضعها موضع التنفيذ على نطاق واسع. ويقول كريستوفر ديمبك، رئيس قسم التحليلات الشاملة، «ساكسو بنك»: «لا يعتبر هذا موقفاً وإنما قناعة راسخة بكل تأكيد، مدللاً على ذلك بأنه في نهاية ثمانينيات القرن العشرين، تحدث «ترامب» علناً ضد اتفاقيات التجارة الحرة، كما أن الحمائيّة ترتبط بشكل وثيق مع التاريخ السياسي للولايات المتحدة الأميركية فخلال القرن التاسع عشر، بني التطور الاقتصادي للدولة على قدر كبير من الحمائيّة، وفي الفترة بين عامي 1812 و1849، ازداد متوسط التعرفة الجمركية من 25% إلى 40%، منبهاً أنه في عالم تسوده العولمة، لا يعد هذا الأسلوب صالحاً بعد الآن خاصة وأن الحمائيّة تتساوى مع الضريبة التي ينبغي على العائلات تسديدها نظراً لارتفاع تكلفة المنتجات المستوردة. ومن الوهم الاعتقاد بإمكانية إنتاج صيغة جيدة من الألف إلى الياء في دولة متقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية دون زيادة التكاليف. ويرى ديمبك، أن في الوقت الراهن، يتم استهداف المكسيك، والتي تعد هدفاً سائغاً، حيث تذهب 80% من صادراتها إلى أميركا، بيد أنه ذكر أن الهدف الحقيقي ربما يكون هو الصين التي ستكون خصماً لدوداً أكثر قوة. وأشار إلى أن الصين والدول المصدّرة تسهم بنسبة 40% من الناتج المحلي الإجمالي (3.1 تريليون دولار أميركي)، وإذا لزم الأمر، فإن الصين أمام خيارين للتحرك ضد الولايات المتحدة الأميركية أولهما اتخاذ قرار بشراء قدر أقل من سندات الخزينة الأميركية، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة ويشكل مزيداً من الصعوبات أمام برنامج الإدارة الأميركية الجديدة في مجال البنية التحتية، محدداً الخيار الثاني للتحرك الصيني في اللجوء إلى هيئة تسوية المنازعات في منظمة التجارة العالمية في حال وقوع نزاع تجاري (مثل زيادة الرسوم الجمركية) إذ ستمثل هذه الحالة عملية قانونية طويلة وشاقة، ولكن القرار سيكون ملزماً على الولايات المتحدة الأميركية، وفي حال عدم امتثالها، يمكن أن يؤدي ذلك إلى خروجها من هذه المنظمة الدولية، ما يعد في النهاية خياراً اقتصادياً خطيراً لأن منظمة التجارة العالمية رديف داعم جيد للمصدّرين الأميركيين. صعود الذهب فور الإعلان عن نتائج الانتخابات الأميركية، شهدت أسعار الذهب تراجعاً قوياً حيث اعتبرت النتائج سلبية بالنسبة للمعادن الاستثمارية بشكل عام، ثم استعادت المعادن الثمينة بعض من خسائرها والتي حدثت بسبب تراجع الأسعار في أواخر العام 2016، على خلفية تنامي الشكوك حيال الأثر الاقتصادي والجيوسياسي لإعلانات السياسات المالية الخاصة بالرئيس الأميركي وسط توقعات بحدوث الكثير من التقلبات في السوق خلال الأشهر القادمة لاسيما وأنه يمكن أن تشكل مخاطر اندلاع حرب تجارية، خاصة مع الصين، وإدارة السياسة الخارجية عبر تويتر، ضغطاً في الطلب على الأصول الآمنة. وخلال الأسابيع الماضية جاء استمرار حالة الانتعاش التي يشهدها الذهب الذي صعد من أدنى مستوياته التي سجلها خلال شهر ديسمبر نظراً للشكوك التي تحيط بالمستقبل، كما تلقى هذا الانتعاش المساعدة من ضعف الدولار وانتعاش سوق السندات التي شهدت انخفاض العائد على السندات الأميركية لأجل 10 سنوات (أحد المحركات الرئيسية للذهب) إلى أدنى مستوياته خلال شهرين. فقاعة ستنفجر بعض التوجهات الاقتصادية للإدارة الأميركية الجديدة قد تشكل فقاعة من التخمينات غير المؤكدة والتي سيتم الحكم عليها بناء على قدرة الرئيس الجديد على الالتزام بتعهداته، تلك الرؤية صادرة عن «ساكسو بنك» حيث يوضح كريستوفر ديمبك، رئيس قسم التحليلات الشاملة، إنه حتى الآن، تجلى التأثير الفوري الأكثر وضوحاً لانتصار الرئيس الأميركي الجديد في ارتفاع أسعار الفائدة (50+ نقطة أساس على عائدات السندات المستحقة بعد 10 سنوات منذ 8 نوفمبر). ورداً على السؤال الأكثر إلحاحاً عن التفاؤل بمستقبل الاقتصاد الأميركي في عهد ترامب كواحد من أنجح رجال الأعمال، أجاب ديمبك أن سجل الأداء الاقتصادي لسنوات رئاسة أوباما يظهر ملامح إيجابية إلى حد بعيد، حيث غادر باراك أوباما وجانيت يلين، والاقتصاد يعيش حالة صحية جيدة نوعاً ما، وشهد في كثير من الأحيان قوة أكبر مما سبق في العام 2008، وخاصة فيما يتعلق بالقطاع المالي. وأضاف أن سوق العمل في الولايات المتحدة صارت قريبة من التشغيل الكامل، فعلى مدار العامين الماضيين، أوجد سوق العمل 4.9 مليون فرصة عمل، مما أدى إلى معدل بطالة بنسبة 4.7%، ونتيجة لذلك، وللمرة الأولى منذ سبتمبر العام 2008 انخفض عدد الأميركيين العاطلين عن العمل ممن تتراوح أعمارهم بين 25-34 عاماً إلى أقل من 22% في نهاية العام 2016. وأشار إلى أنه في عهد أوباما عاد التضخم «الجيد» مجدداً ما يعني قدرة ارتفاع معدلات التضخم (المتوقع عند 2% في العام 2017) على تخفيض أعباء الديون للعائلات الأميركية (نحو 12.29 تريليون دولار) والحد من المخاطر المرتبطة بفقاعة التعليم بالولايات المتحدة الأميركية (والتي تمثل أكثر من 1.23 تريليون دولار وفقاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي)، لافتاً إلى أنه مع ذلك، لم تكن إنجازات أوباما متميزة على الدوام إذ يتجلى إخفاقه الاقتصادي الأبرز في عجزه عن محاربة ارتفاع معدل عدم المساواة، والذي يعد بدوره من أبرز العوامل التي دفعت ترامب نحو تحقيق الفوز بالانتخابات، منوهاً أن حصة الدخل التي يمتلكها الأغنياء(ونسبتهم 1%) وصلت مجدداً إلى أعلى المستويات التي شهدتها في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين (حوالي 17%)، فيما خاضت مراحل هبوط مستمرة من منتصف عشرينيات القرن العشرين وحتى منتصف سبعينيات القرن العشرين. واعتبر ديمبك، أن التدابير الاقتصادية الجديدة تثير الشكوك حول القدرة على معالجة مسألة عدم المساواة، والتي يمكن أن تؤدي بسرعة إلى إيجاد حالة استياء. وذكر أن في الواقع، ينطوي اثنان من التدابير الاقتصادية فقط على منطقية اقتصادية وهما خطة الإنفاق على البنية التحتية، والتخفيضات الضريبية ولكن بدرجة منطقية أقل. وقال إن النقطة الثانية التي ينبغي طرحها هي النظر في العلاقات الأميركية مع الشركاء الرئيسيين، إذ أنه ومن شبه المؤكد أن يكون عهد ترامب بداية لحقبة جديدة من الصراعات، على الصعيدين المحلي والخارجي، منوهاً بأن الرئيس الأميركي الجديد، وقبل كل شيء، هو رجل أعمال وهو خبير في اغتنام الفرص ويفضل الاستفادة من التحالفات التي تنطوي على مزيد من الفرص، إلى حد ما على النحو الذي تتبعه الصين، مما قد يربك بشدة الشركاء الأوروبيين للولايات المتحدة الأميركية. العودة إلى السبعينات تعيد استراتيجية «ترامب» للأذهان فترة السبعينيات، لاسيما مبادئ الرئيس الأميركي الأسبق ريتشاد نيكسون خلال شهر أغسطس 1971، عندما فرض وزير الخزانة جون كونالي بشكل أحادي ضريبة إضافية بنسبة قدرها 10% على جميع الواردات الخاضعة للرسوم الجمركية، إضافة إلى خفض بنسبة 10% في الإنفاق على المساعدات الخارجية، فضلاً عن تعليق قابلية تحويل الدولار الأميركي إلى ذهب، وفرض وقف إجباري لمدة 90 يوماً على الأجور والأسعار. ويرى الخبراء أن مبادئ ترامب يبدو أنها ترتكز إلى تلك الإجراءات كنمط للسياسات الجديدة المتعلقة بضرائب الشركات والأنشطة التجارية، والتي «يغرّد» ترامب حولها. وكانت السياسة الأميركية في فترة السبعينيات تركز على الشركات الكبرى، والحدود المغلقة، وأيضاً نظام الدولار الأميركي الذي يتلخص وضعه اليوم في العبارة الشهيرة والتي جاءت على لسان جون كونولي، وزير الخزانة في عهد الرئيس نيكسون حين قال أمام وزراء المالية الأوروبيين خلال اجتماع مجموعة الدول العشر الكبرى في روما، إن «الدولار هو عملتنا... ولكنه مشكلتكم» حيث تسبب ذلك في انهيار النظام النقدي الدولي الذي أقر في مدينة بريتون وودز الأميركية، إضافة إلى انخفاض قيمة الدولار بنسبة 20%. ويرجح الخبراء بمرور الوقت أن يلتزم «ترامب» مزيجاً من السياسات المستمدة من عهد الرئيسين نيكسون وريجان، مطالبين بتوخي الحذر حيال بعض التقلبات الحادّة. شد وجذب إيراني جاء الإيمان القوي بقدرة منظمة «أوبك» على خفض إنتاج النفط وإعادة التوازن إلى السوق بمثابة المحرك الرئيسي لارتفاع الأسعار، مع تسجيل خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت لمستويات طلب قوية. ولا يزال تداول النفط الخام محصوراً بنطاق ضيق مع عمليات خفض الإنتاج التي تنتهجها منظمة «أوبك» والمخاوف الجيوسياسية ذات الصلة بالموقف المتشدد الذي أعلن تجاه إيران ومقابلته نوعاً ما برفع الإنتاج الأميركي والليبي. وكان الرئيس الأميركي قد ذكر إن إيران تلعب بالنار، وأشار في تغريدة على موقع تويتر إلى أن الإيرانيين لا يقدرون كم كان الرئيس السابق باراك أوباما (طيباً معهم)، مؤكداً أنه لن يكون مثله وأن كل الخيارات مطروحة فيما يتعلق بالرد على قيام إيران بتجربة صاروخية. وفي المقابل رد وزير الخارجية الإيراني عبر تغريدة أيضاً فقال، إن إيران لا تعبأ بالتهديدات الأميركية ولكنها لن تبادر بإشعال حرب. أميركا أولاً يسعى «ترامب» إلى تغيير المبدأ الرئيس الذي يؤكد أن «قوة الدولار تصب في مصلحة الولايات المتحدة»، والتي اعتمدها روبرت روبن، وزير الخزانة في عهد الرئيس بيل كلينتون في منتصف التسعينات (رغم عدم تنفيذ هذه الاستراتيجية في واقع الأمر). وأصبح الاعتقاد العالمي بازدياد قوة الدولار الأميركي خلال العام 2017 موضعاً للشك حيث اتضح هذا الأمر بعد الانتقادات التي وجهتها الإدارة الأميركية الجديدة للصين وأوروبا واليابان واتهامها بانتهاج سياسات عملات ضعيفة، فعندما يقول «ترامب» إن اليوان الصيني ضعيف للغاية، فإنه يشير بصورة غير مباشرة إلى أن الدولار الأميركي أقوى مما ينبغي. وكنتيجة لهذه التصريحات، هبط الدولار بنسبة تقارب 2% أمام سلة من العملات الرئيسية منذ بداية العام. وبعد مرور الأسبوع الأول من الولاية الرئاسية لدونالد ترامب، شهد العالم بالفعل توظيفاً واضحاً شعاره «أميركا أولاً» من خلال مبادرات سياسية. ولكن لا يزال من المبكر الحكم على ما إذا كانت الحواجز التجارية والضرائب المطبقة على الواردات ستؤدي إلى دولار أقوى، وفي المقابل يمكن أن تؤدي النزعة الحمائية إلى حدوث انكماش في التجارة العالمية، وإذا حدث هذا الأمر قد نشهد مستويات أدنى، وليس أعلى، للطلب على الدولار الأميركي.  
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©