تلعب مادة الجبس دوراً مهماً في التصميم الداخلي، فهي تحول الردهات الداخلية إلى فراغ مكسو بالفخامة والإبداع، وتنقلنا تارة إلى محطة شرقية عبر زخارف ونقوش دقيقة وتارة أخرى إلى وجه من وجوه النمط الحديث المدعم بالأسقف الجبسية البسيطة في خطوطها وشكلها، وبالرغم من تعدد خامات الديكور الداخلي وتنوعه، إلا أن الجبس ما زال محافظاً على مكانته ودوره في إكساب الجدران والأسقف العارية رونقاً وجمالاً.
حول عنصر الجبس وكيف يمكن أن يتواجد في ردهات المنازل، يشير أبو أنس من شركة السبل للتصميم الداخلي قائلاً: لا يمكن أن يكتمل تفاصيل التصميم الداخلي من غير أن يتواجد الجبس في هذه الخامة التي تعتبر مادة يمكن تطويعها وتشكيلها وفق فكرة التصميم الداخلي، كالأسقف، أو الأعمدة أو حتى الحوائط، فهي أداة في يد المصمم يمكن أن يحول بها الفراغ العادي إلى تحفة فنية رائعة تذهل الزائر للمكان. موضحاً أن التعامل مع خامة الجبس متعة في حد ذاتها، فهي بسيطة في تصنيعها إلا أنها بحاجة إلى دقة وحذر عند حفرها وتشكيلها لتظهر النتيجة وفق الشكل المطلوب.
تصنيع الجبس النحتي
ويتابع أبو أنس موضحاً: لو تحدثنا قليلاً عن عملية وأساليب تصنيع قطعة الجبس النحتية، لوجدنا أن عملية الزخرفة تتم عن طريق تصنيع قالب مكون من إطار خشبي حسب القياس المطلوب، ويصب داخل الإطار خليط الجبس ثم يترك القالب ليجف نصف ساعة ثم يتم طبع الزخرفة المطلوبة عن طريق ورق النايلون وبعد مرحلة طبع الزخرفة يتم البدء بتحديد الخطوط الخارجية للوحة بواسطة معدات الحفر الخاصة وتتم عملية الحفر بدقة حتى لا يتأثر الإطار الخارجي لهذه الوحدات، ويتم تفريغه بالمقابل بعد جفاف اللوحة ثم نبدأ بالمرحلة قبل النهائية وهي استخدام المبرد للتسوية ثم عملية التشطيب والسنفرة وبعدها تكون جاهزة للتركيب. وهناك القوالب المطاطية يتم اللجوء إليها في حال تكرار الزخرفة فبدلاً من القيام بتكرار عملية الحفر اليدوي التي يمكن أن تستنزف المزيد من الوقت والجهد يتم تجهيز قطعة واحدة ثم يتم نسخها.
ويلفت أبو أنس قائلاً: يمكن أن نصنع من الجبس ما نشاء من قطع تزيينية كالتماثيل والتحف الفنية أو قطع تزيينية جدارية وسقفية، كما يمكن صنع بعض الأرفف المحرابية من الجبس لخلق نوع من الحركة الجميلة والحيوية على الجدران بإضافة بعض التحف والفازات والأواني إليها. بالإضافة لذلك يمكن استخدام الجبس في تشكيل قطع إنارة بأشكال مختلفة حيث تستخدم هذه القطع كعلب مفتوحة توضع فيها المصباح للتحكم بمستوى الإنارة في داخل الأبنية أو أن تكون حاملة للشموع. ولمحبي الزخارف والنقوش، يمكن تزيين أطراف وحواف الأبواب أو النوافذ بهذه الإبداعات الجبسية.
زخارف ونقوش
يشير أبو أنس مؤكداً: هناك نوعان من الزخارف الجبسية، منها ما هو منفصل حيث يتم إنشاؤه بشكل كامل بأعمدته وعتباته وتيجانه، أما النوع الآخر فهو الذي يتم فيه علاج فتحة الأبواب أو فتحة المكان، ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن حجم الفتحة بالنسبة للمكان يلعب دورا مهما في اختيار شكل الديكور من حيث وضع وإضافة قطع التزيين عليها، ويبقى مبدأ الزخرفة والسادة مرهونا أيضا بحجم المساحة والمكان، وعادة ما يتم انتقاء الزخارف الكبيرة في الأماكن الواسعة الرحبة، كما يمكن أن نخلق إيحاءً بأن الفتحات الصغيرة ذات حجم أكبر مما هو عليه في الواقع، عندما نلجأ إلى القطع الضيقة وتكون النقوش قليلة وسادة.
ويضيف أبو أنس: هناك الكثير من الأشكال الجبسية التي يتم توظيفها وتوزيعها في ثنايا المنزل داخليا أم خارجيا، ومن هذه القطع نجد التيجان حيث تتعدد الأشكال التي يمكن إضافتها للأعمدة سواء على هيئة تيجان أو غير ذلك من العتبات او الجسور التي تشكل ديكورات البوابات والمداخل، وتتميز التيجان بتنوعها سواء من حيث المظهر أو الاتساع وشكل المكان، ويمكن استخدام التيجان كقطع تزيينية منفردة أو ضمن مجموعة من تشكيلات مختلفة ضمن إطارات على الجدران، أو السقف أو غير ذلك من المساحات الكبيرة والصغيرة. ونجد التيجان تستخدم كواجهات وكقطع فنية بشكل لوحات حجرية من الجبصين محاطة بإطار مثبت عند أركان الجدران أو كقطع تزيينية تثبت على طاولات حجرية أو جبصية منوعة من الديكور، فعند وضع قطعة من التاج عند الزاوية الركنية بين قائم الفتحة والعتبة الأفقية فوقها نراها تعمل على كسر حدة الزاوية بينهما. ولتمييز قطعة التاج عن بقية العناصر الجبسية الأخرى يمكن منحها لوناً متناسقاً مع لون الجدار والسقف والكورنيش.
تزيين الأبواب
ينوه أبو أنس قائلاً: تعتبر مقاسات عتبة فتحة وجوانب الباب من العناصر الهامة في الديكور حيث يتم اللجوء إلى تزيين الأبواب الخارجية بالقطع التزيينية من الجبس من خلال وضع الكورنيش فوق عتبة الباب، فهذه اللمسات تمنح الأبواب إيحاء بالكبر وضخامة المدخل، وهناك بعض الاعتبارات الهامة التي لابد من التقيد بها عند اختيار التصميمات الجبسية، منها حجم الأبواب بالنسبة للمكان، فالعلاقة بين حجم الأبواب وأبعاد الكورنيش هي علاقة طردية. حيث يمكن أن نضع تاجا من الجبس على النوافذ لتخفي سكك تعليق الستائر مما يعطي إيحاء بكبر فتحة النافذة أو الشرفة وصولاً لامتداد السقف. وعادة ما يتم اللجوء إلى الكورنيشات العريضة نسبيا على الجدران الواقعة في مكان واسع أو في حال وجود فتحة كبيرة بين صالتين مثلا بينما يتم اللجوء إلى الكورنيشات الضيقة في المنافذ الصغيرة.
وعادة ما تتوقف عملية انتقاء واختيار شكل الجبس وفقا لنمط وطراز البيت، حيث نجد الجبس السادة والبسيط في الطراز الحديث، والجبس المطعم بالزخارف يناسب الطراز الكلاسيكي، ولكن هذا يتوقف على نظرة المصمم وتفاصيل الأثاث والأكسسورات ومساحة المكان ومستوى الأسقف.
إخفاء عيوب البناء
يرى أبو أنس، أنه بغض النظر عن الشكل الجمالي الذي من الممكن أن يتركه الجبس إلا أن وجوده أيضا يساهم في علاج بعض عيوب البناء، منها عملية إخفاء وتغطية هذه العيوب فبعد الانتهاء من عملية التشطيب، يمكن استخدام الجبس في علاج مساحة السطح الصماء الكبيرة من خلال وضع ألواح الجبس وفق تشكيل جميل من الإطارات المتراكبة لتحتوي على إطارات أصغر وذات ألوان مغايرة للتمييز بين المساحة العلوية والمساحة السفلية. بالإضافة إلى عمل بعض الكرانيش والأسقف المستعارة كي يغطي على عيوب التقابل، ويمكن وضع إضاءة مخفية في أي مكان من الجبس، واستخدام الجبس لعمل بعض الحوائط والفراغات في قلب الجدار الأمر الذي يمنح المكان قدرا من التنوع في تفاصيل التصميم الداخلي. فهذه الحوائط تستخدم لعمل حاجز في بعض الفراغات مثل حائط يفصل مكان الطعام عن الجلسة، أو جدار يفصل حيز النوم عن التسريحة أو محطة لتغير الملابس، أو حتى ركن لقراءة كتاب أو مشاهدة التلفاز، فهو عنصر بسيط في التعاطي معه بنتائجه المذهلة.
عدد اليوم
