الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانقسام الفلسطيني··· وسيناريوهات المرحلة القادمة

17 يونيو 2007 23:17
مع ازدياد عزلة الضفة الغربية وقطاع غزة عن بعضهما بعضاً في أعقاب أسبوع من الاقتتال بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة، تبدو إسرائيل والولايات المتحدة متفقتين على سياسة تقوم على التعامل مع الضفة والقطاع على أنهما كيانان منفصلان، ومتفقتين أيضاً على دعم ''فتح'' في الضفة والتضييق على ''حماس'' في القطاع· أما الفكرة، فتتمثل في تركيز الجهود والأموال الغربية على الضفة الغربية المحتلة، التي تخضع لحكم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة ''فتح''، في مسعى لجعلها النموذج اللامع لفلسطين جديدة، يمكن أن تحمل ''حماس'' على التوافق مع ''فتح''· وفي هذا الإطار، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي ''إيهود أولمرت'' إن حكومة تشكلها ''فتح'' من دون ''حماس'': ''يمكنها أن تشكل بداية جديدة''· وكان أولمرت قال في حوار مع صحيفة ''نيويورك تايمز'' بعد فشل حكومة الوحدة الوطنية: ''أقترح أن ننظر إلى الأشياء بطريقة أكثر واقعية''· إلا أنه وعلى غرار كل الحلول التي تقترح في هذه المنطقة، فإن هذا الحل ينطوي على العديد من المثالب والتداعيات؛ ذلك أنه من غير الواضح تماماً ما إن كانت ''حماس'' ستقف موقف المتفرج أمام هذه الجهود، وما إن كان عباس سيقبل بأن يتجاهل سكان قطاع غزة البالغ عددهم مليوناً ونصف المليون نسمة، وما إن كانت استراتيجية الفصل ستحظى بالدعم الأساسي للعالم العربي· ومثلما يشير إلى ذلك ''دانيال ليفي'' من مؤسستي ''سانتري فاونديشين'' و''ذا نيو أميركا فاونديشين'' في واشنطن، فإنه من الصعب تخيل كيف سيستطيع عباس قبول مستحقات الضرائب التي كانت تحتجزها إسرائيل وتحرم منها حكومة ''حماس''، واستعمالها لصالح سكان الضفة الغربية فقط، مضيفاً أن الفلسطينيين في قطاع غزة والشتات لن يقبلوا بذلك، كما أن من شأن ذلك أن يُفقد ''فتح'' المزيد من شعبيتها· حالياً، يوجد عباس تحت ضغوط عربية، ولاسيما من السعوديين الذين رعوا اتفاق حكومة الوحدة الوطنية في مكة المكرمة، من أجل التوافق مع ''حماس'' وإعادة تشكيل حكومة مشتركة· ففي الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الجامعة العربية الطارئ يوم الجمعة، قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل: إن ''الفلسطينيين يكادون اليوم يضعون بأنفسهم المسمار الأخير في نعش القضية الفلسطينية· والأجدى أن يعود الإخوة الفلسطينيون إلى التمسك باتفاق مكة والعمل على تنفيذه''· في انتظار ذلك، تحاول الولايات المتحدة وإسرائيل تجاوز الانهيار السريع والمُذل لـ''فتح'' في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، على رغم بعض النصائح والمساعدات السياسية والعسكرية الأميركية· والأكيد أن استمرار عباس و''فتح'' يقتضي دعمهما بسرعة بعد انتصار ''حماس'' التي تدعو لتدمير إسرائيل· ولذلك، فإن المستقبل الكامل لحل الدولتين -فلسطين مستقلة تعيش في سلام نسبي إلى جانب إسرائيل- يبدو في خطر أكثر من أي وقت مضى· على هذه الخلفية، تبحث كل من الولايات المتحدة وإسرائيل حالياً عن ردود قريبة ومتوسطة المدى للتعامل مع انهيارٍ لم تكن تتوقعه أي منهما· فكلتاهما ترغبان في الحد من التداعيات الإقليمية للانتصار الأخير للإسلام الراديكالي على القوات العلمانية التي يدعمها الغرب· كما أنهما قلقتان من هذه التداعيات على مصر بصفة خاصة، التي تحاول إغلاق حدودها مع الفلسطينيين في غزة، وحيث يواجه الرئيس حسني مبارك تحدياً داخلياً من قبل ''الإخوان المسلمين'' الذين تنتمي إليهم ''حماس''· يقول عباس و''فتح'' إنهما ملتزمان بحل الدولتين مع إسرائيل· غير أنه مهما تكن نقاط ضعفه، وهي عديدة، إلا أن عباس يتوفر على السلطة القانونية باعتباره رئيس ''منظمة التحرير الفلسطينية'' للتفاوض مع إسرائيل· بل إن ثمة حديثاً عن دفعِ إسرائيل إلى التفاوض مع عباس حول إنشاء دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في معظم الضفة الغربية والقدس الشرقية، على أن تُترك غزة إلى وقت لاحق -وهي طريقة لاستعمال ''خريطة الطريق'' التي دعمها الرئيس بوش· وقد طرح هذه الفكرة ''مارتن إنديك''، المسؤولُ السابق في إدارة كلينتون، الذي يشغل حالياً منصب مدير ''مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط'' في مؤسسة بروكينجز، في مقال رأي نشرته صحيفة ''واشنطن بوست'' يوم الجمعة الماضي· بالنسبة لأولمرت، من شأن سياسة التعامل مع الضفة والقطاع بشكل منفصل أن يوفر تبريراً للاستمرار في إغلاق قطاع غزة بحج أمنية لمنع نقل المعدات العسكرية· كما من شأنه أن يصرف الضغوط عن إسرائيل لرفع القيود الأمنية على نقاط العبور في غزة، أو التحرك بسرعة لسحب المزيد من المستوطنين من الضفة الغربية، ناهيك عن بدء التفاوض مع ''حماس''· غير أنه من غير المرجح أن يقدِم عباس، الذي انتُخب رئيساً لكل الفلسطينيين، على تغيير رفضه لقبول دولة بحدود مؤقتة، أو التخلي عن جميع سكان غزة، الذين من الأرجح أن يصوِّتوا على ''فتح'' في حال مُنحوا الفرصة، ليواجهوا مصيرهم· ما يعني ضرورة مواصلة الجهود الرامية للتوصل إلى إجماع سياسي مشترك، لأنه من الواضح أن ''حماس'' لن ترحل· وثمة مشكلةٌ تعتري فكرة إنشاء فلسطين جميلة في الضفة الغربية تعيش في سلام نسبي مع إسرائيل، وفي ظل عدد أقل من نقاط التفتيش والقيود؛ ذلك أنه على رغم تواري ''حماس'' و''الجهاد الإسلامي'' عن الأنظار بسبب الاحتلال الإسرائيلي، فإنهما قد تتسببان في الفوضى والاضطرابات على شاكلة ما يجري في العراق، واستعمال القنابل والعمليات الانتحارية· وهو ما من شأنه أن يضع حداً سريعاً لأي تخفيف أو تقليل من القيود الأمنية الإسرائيلية· ثم إن ''حماس'' ربما تفلح إلى حد ما في مسؤولياتها في غزة· ذلك أنه من غير المستبعد، في ظل غياب من تعتبرهم مشاغبي قوات الأمن التابعة لـ''فتح''، الذين تورط بعض منهم في جرائم وأعمال نزع الاستقرار، أن تنجح ''حماس'' في جلب أمن جديد لسكان غزة· كما أنها قد تستطيع التوصل إلى اتفاق لشحن البضائع من مصر وإليها، وتوفير بعض الوظائف في حال كسر الربط الجمركي مع إسرائيل· غير أن ''جيدي جرينشتاين''، المفاوض الإسرائيلي السابق الذي يدير ''معهد رويت'' في تل أبيب، يقول إن ''حماس''، بعد أن باتت تواجه سلطة ومسؤولية حقيقية عن رفاهية وأمن سكان غزة، فإن انتصارها ''قد يتحول إلى انتصار باهظ ومكلِّف بالنسبة لها''، على اعتبار أنها كانت ترغب دائماً في اقتسام هذه المسؤولية مع ''فتح''، مضيفاً أن ''حماس'': ''تكون أكثر ارتياحاً في المنطقة الرمادية حيث تتعامل مع احتياجات السكان، ولكن ليس مع متطلبات السلطة''· والحال أن ''حماس'' قد تجد ما تحتاجه للتعامل مع إسرائيل والتوافقات التي تتطلبها السياسة على نحو قد يُقرِّبها بمرور الوقت من الفضاء حيث يمكن لخصمين التفاوضُ حول السلام، مثلما حدث من قبل مع ياسر عرفات و''فتح''· ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
المصدر: نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©