الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

روائيون ونقاد مغاربة يثيرون أسئلة حول الرواية المغاربية

17 يونيو 2007 23:23
على هامش ''الصالون المغاربي الرابع للكتاب'' الذي عُقد بالجزائر، نظمت ''المكتبة الوطنية الجزائرية'' بالاشتراك مع رابطة ''كتّاب الإختلاف'' ندوة أدبية بعنوان ''أسئلة حول الرواية المغاربية'' لمناقشة واقعها وكذا واقع الحركة النقدية الأدبية المغاربية، وحضر الندوة العديدُ من الروائيين والنقاد من الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا بينما غاب عنها الليبيون· وافتتح مدير المكتبة الجزائرية الروائي أمين الزاوي الندوة بكلمة أكد فيها أن الإبداعات الأدبية والثقافية المغاربية استطاعت أن تنتزع لها مكانة محترمة داخل الثقافة العربية وكذا داخل ثقافات البحر المتوسط، إلا أن ''القطيعة'' بين الأقطار المغاربية والمشرقية فيما يتعلق بإيصال الكتاب وتوزيعه لا تزال قائمة، ونبّه إلى أنه''لا يوجد كاتبٌ جيِّد دون ناشرٍ جيد؛ الكثير من الإبداعات المتميزة ماتت لغياب ناشرين أكْفَاء يقومون بإيصالها وتعريف الآخرين بها· واعترف الزاوي بأنه نادمٌ لنشر بعض رواياته بالعربية، وقال: علاقتي بالنشر تؤكد لي مأساة الكاتب العربي، لو كتبتُ رواية ''ويصحو الحرير'' بالفرنسية لكان صيتُها أكبر، رواياتي الست التي نشرتها بفرنسا تُرجمت إلى 12 لغة عالمية لأن للناشر الفرنسي علاقة حضارية بالكتاب، ولو كان للكتَّابِ العرب ناشرون جيدون لبلغوا النجومية· نقدٌ انتقائي وافتتح الروائي الجزائري الطاهر وطار سلسلة المحاضرات بالتأكيد أن الرواية المغاربية قطعت أشواطاً معتبرة، وهناك روايات متميزة منذ السبعينيات، وأثنى على رواية''الفزاعة'' للروائي الليبي إبراهيم الكوني وقال إنها بلغت درجة عالية من الإبداع وقد استعمل فيها الكاتبُ تقنية''رواية المسرح'' أو ''مسرح الرواية'' وهي ذات لغة راقية جدا يتحول فيها النص إلى شعر، وقال وطار إن الكوني كاتبٌ تقليدي من حيث البناء الروائي التراجيدي الملحمي، وحداثيٌ من حيث التلاعب باللغة وتوظيف المسرح· وعرَّج على واقع النقد وقال إنه لا يفيد الروايةَ المغاربية والعربية خارج الجامعات؛ لأن النقد الذي تمارسه الصحف انتقائيٌ ويركِّز على الروايات المشهورة ويترك الباقي مجهولة، لكن الإشكالية أن الرسائل الجامعية تبقى مدفونة في المكتبات الجامعية ولا يطَّلع الروائيون والقراء عليها لتعميم الفائدة· وبعده ألقى الناقد المغربي الدكتور سعيد يقطين محاضرة بعنوان ''قضايا النقد الروائي وآفاقه'' وبدأها بالتساؤل:هل هناك نقدٌ مغاربي أم نقد عربي في بلدان المغرب العربي؟ وأجاب بأن للأدب المغاربي خصوصية وهي كثرة بروز الروائيين الذين يكتبون بالفرنسية في الجزائر والمغرب وتونس، وفي البداية كان الإنتاج الروائي والنقدي المغاربي حديثاً جدا وواكبته حركة نقدية محدودة، لكن منذ بداية الثمانينيات حصل تطورٌ كبير وصدرت رواياتٌ ودراسات نقدية متميزة لفتت انتباهَ روائيي المشرق وأدركوا أن هناك محاولات لتجاوزهم، بعد أن كانوا ينظرون إلى المغرب العربي في الستينيات على أنه مجرد''جناح'' تابع للمشرق ووظيفته القراءة لكتّابه· وفي السبعينيات ظهرت أسماءٌ روائية مغاربية فرضت نفسها عربياً ومنها الطاهر وطار ومحمد شكري وإبراهيم الفقيه ثم توالت الأسماء والأجيال، وفي النقد برز هشام جعيط ومحمد أركون وعبد الله العروي وعابد الجابري، مما أفضى إلى بروز مدرسة مغاربية متميزة عن المدرسة المشرقية وصارت مرجعاً أساسياً بدورها· وأضاف يقطين أن التطور النقدي العربي يلعب فيه المغاربة دوراً قوياً، وختم بالدعوة إلى إنشاء مجموعات بحث لتطوير مشاريع نقدية طموحة ترتكز على السيميائيات واللسانيات والبلاغيات· ومن جهته، قال الدكتور حسين خمري إن هناك ''تحولاً نقدياً'' إلى بلدان المغرب العربي بعد هزيمة يونيو ،1967 وسجَّل أن المناهج التقليدية النقدية لم تعد قادرة على التعامل مع نصوص الرواية الحداثية، كما أن هناك''عنفاً نقدياً'' يُسلَّط على الروايات العربية انطلاقاً من المناهج والأدوات النقدية الغربية، وركَّز على الدور الذي يجب أن تلعبه الجامعات وبخاصة معاهد الأدب في تطوير الحركة النقدية الأدبية· أما الناقد المغربي الدكتورمحمد الداهي فشدّد على أنَّ الدور الأساسي للنقد هو تحبيب الرواية للقراء للاستمتاع بعالمها المتخيل وليس تنفيرهم منها، وخلُص إلى أن الرواية والنقد المغاربيين وبرغم كل ما حققاه من قفزات محلية وعربية لا تزال العلاقة بينهما''ملتبسة ''ويجب إقامة ندوات عديدة بين الطرفين حتى لا يتسلط النقد ويغلق شهيَّة القراء على الروايات· إبداعٌ وترجمة وتناول الكلمة بعده الدكتور موسى ولد بنو، وهو روائي وناقد موريتاني يكتب بالعربية والفرنسية، فقال إن ''النقد بقوالبه الجاهزة غيَّب خصوصيته'' ممَّا أدى إلى تحوّلِ الروائيين إلى نقاد لروايات بعضهم البعض، وأثار مسألة الكتابة باللغتين انطلاقا من تجربته فقال إن الروائي المغاربي حينما يكتب بالفرنسية فهو في الواقع ''يترجم'' عمله بنفسه إلى هذه اللغة، أما إذا كتب بالعربية مباشرة فهو يقدِّم عملاً إبداعياً خالصاً· وفُتح المجال للنقاش فتدخل الدكتورالزاوي ليقول:''إن خمري ربط النقدَ بالجامعة وأنا أعتقد أنه قُتل في الجامعة؛ إذ أن أعمالها النقدية تربوية غير ثقافية ولا تخرج إلى سؤال المعرفة العامة لتتحول بذلك إلى دروس ومواعظ''· وأثار ذلك حفيظة الدكتور عبد الحميد بورايو،أستاذ بجامعة الجزائر، فدافع عن النقد الجامعي وقال إن هناك ''عنفاً'' في مهاجمته فهو ''تحليلٌ مدرسي للنصوص'' ويحتاج إلى آليات منهجية وموجَّهٌ للطلبة والباحثين، وقد قُدِّمت مذكراتٌ ورسائلٌ نقدية جيدة ولكن الروائيين والقراءَ لم يطلعوا عليها لأنها لم تُطبع ككتب، كما أن مسؤولية تراجع النقد تتحمَّلها أيضا المؤسسات الثقافية والصحف التي تتعامل بانتقائية مع الأعمال الإبداعية· وأثارت هذه المسألة شهية المزيد من أساتذة الجامعات فتدخل الدكتورصلاح الدين بوجاه من تونس ليقول إن النقد الجامعي مهمٌّ لكنه غير كافٍ، وسجل بدوره أن الاستناد إلى النظريات النقدية الأجنبية والفرنسية تحديداً يجعل الناقد وفياً لها أكثر من وفائه للنص الروائي العربي·
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©