الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قلب لا يعرف الحقد

18 يونيو 2007 01:36
·· في الغرفة رقم (536) كان طريح الفراش، بعدما تم نقله الى المستشفى إثر حادث سير تعرض له عندما كان متجهاً صباحاً إلى عمله·· رأيت الأهل والأقارب يتوافدون الى المستشفى الذي أعمل به ولم أعلم ما هو سبب حضورهم·· بدأت الحيرة تشغل تفكيري توجهت إليهم لأسأل (خير إن شاء الله)·· ونقلوا لي الخبر، شعرت بأنني سأقع من الصدمة، هنا فكرت لو لاحظوا مشاعري بماذا سيفسرون ذلك؟ أخشى أن يتأكدوا من تلك المشاعر التي نمت بين حنايا قلبي منذ الطفولة، خفت أن تستيقظ كل المشاعر التي خصه بها قلبي، ولكي أعود للواقع أرسلت نظرة استفهامية لتلك المرأة التي وقفت وبجوارها والدها يمسك بيدها ليواسيها لما أصاب (زوجها)·· إنها زوجته التي اختارها هو بعد موافقة الأهل·· لكي تعود كل تلك المشاعر التي بدأت بالاستيقاظ بعدما أقنعتها بالسبات، وتمنيت أن يدوم سباتها كسبات أهل الكهف· هنا طلبوا مني التدخل بما أنني أعمل في هذا المستشفى بأن أدخل الى تلك الغرفة التي منعوهم من أن يدخلوها لأطمئن عليه ومن ثم أطمئنهم، ترددت كثيراً في الاستجابة فكم أخاف أن أدخل هناك وأراه ممدداً على السرير، لم أكن أتمنى أن أراه وأخاف ألا يستطيع فتح عينيه ليراني، لأقول له: سامحتك بعد إشعال نار الغضب داخلي، عندما أعلن بعد قصة حب خيالية انه سينسحب من حياتي ليتزوج بفتاة لا يعرفها، لتكون معرفته بها بعد الزواج·· أراه يصارع الموت ولا أستطيع أن أرده عنه حتى لو بأن أفتديه بروحي·· ولكن كثرة التوسل في العيون حركتني وأنا أقول لنفسي إنني لن أستطيع أن أدخل الغرفة·· فتحت الباب ودخلت·· فريق طبي كان بجواره اقتربت منه وأنا أحرك شفتي بالحديث، ولكن من الظاهر أن صوتي لم يخرج إليهم ولم يسمعوا ما أقول، لذا كررت مراراً حتى استطاعوا فهم ما أقوله·· وليتهم لم يفهموا، ليجيبوا بأن حالته خطرة حيث إنه يعاني من نزيف داخلي، ويجب أن يأخذوه الى غرفة العمليات ليحاولوا إيقاف النزيف·· نقلوه بسرعة الى تلك الغرفة· خرجوا جميعاً وبقيت أنا وحدي هنا لا أستطيع أن أخرج، ماذا أقول لأهله؟·· هناك استفهام مصحوب بأمنية أن يسمعوا خبر خير، ولأنني لا أحمله مكثت مكاني وأنا أسرح بخيالي بعيداً·· لم أكتشف أنه مرت ثماني ساعات منذ دخولي هنا إلا عندما رأيت الساعة وانتبهت لأصوات إحضارهم إياه مرة أخرى· تركوه على السرير وبقيت ممرضة واحدة تغطيه وما زلت أنا واقفة ولكني تمتمت الى الممرضة الواقفة بجواره: أخبريني ما حالته الآن·· قالت لا أعلم·· غداً سيراه الطبيب وسيخبرنا، وربتت على يدي وكأنها تواسيني وهي تقول: إن شاء الله سيتعافى، أكثري من الدعاء له، وخرجت·· تملكني الآن إحساس الأنانية لا أرغب أن أخرج رغم أنني متأكدة أن أهله خارج الغرفة ينتظرونني·· أطعت قلبي وتناسيت عقلي، بقيت معه الى أن بزغ الفجر بنوره·· ما زال على قيد الحياة، فنبضات قلبه تدق طوال الليل·· حضرت الممرضة من جديد لتراه، راقبتها على الرغم من أنني أعلم بكل ما تقوم به وأعلم أن الجواب انه بخير ولكني أردت التأكد أكثر خوفاً من أن أوهم نفسي بذلك وهو عكسه، وقلت الحمد لله عندما قالت إن حالته مستقرة·· هنا فقط خرجت لأهله، ابتسمت لهم وأنا أقول اطمأنوا حالته مستقرة· بعدما خرجت من المستشفى توجهت لمنزلي وكافأت نفسي بنوم طويل حتى لا أبدأ بالتفكير به من جديد·· وحاولت أن أنسى ما مررت به اليوم السابق لأنه مهما يكن في قلبي من حب كبير ومشاعر جياشة له، هناك قلب آخر لو علم بهذا الحب لتحطم من أجل ذلك·· فأنا أعلم كم هو صعب تحطيم القلوب·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©