الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

جوارديولا عراب «البافاري» في تطوير قطاع الترويج العالمي

جوارديولا عراب «البافاري» في تطوير قطاع الترويج العالمي
23 ديسمبر 2013 23:14
سعيد المنصوري (أبوظبي) - في الوقت الذي تختم فيه إيطاليا شتاءها البارد بديربي ميلانو، وتنتظر فيه أسبانيا عودة النجمين ميسي ورونالدو؛ وتدخل به إنجلترا أعياد الميلاد ورأس السنة بجدول مكتظ وملتهب من المباريات التي من شأنها أن تضع النقاط فوق الحروف؛ بهذا الوقت يظهر لنا مانشيت بالبنط العريض يقول: “بايرن ميونخ بطل العالم”. لم يكن الاستغراب في أحقية الفريق “البافاري” بهذا التتويج العالمي؛ بل التعجب كله من مسابقة كأس العالم للأندية التي بدأت وانتهت في لمح البصر. بطولة كانت مهمة لرونالدينهو من أجل إعادة صورته للمستوى الدولي كترويج مهم لعله يلحق بركب تشكيلة “السامبا”؛ ومهمة للنجم الفرنسي ريبري من أجل إستحقاق لقب الكرة الذهبية لأفضل لاعب بالعالم؛ ومهمة للرجاء والاهلي وجوانزو ومونتيري للاكتساء بلون العالمية؛ بل ومهمة أيضاً للتجارب التحكيمية. ولكنها حتماً ليست مهمة لبايرن ميونخ البتة؛ فلا يوجد فريق من أدنى الشرق إلى أقصى الغرب يستحق أن يكون الأول في هذا العام إلا بايرن ميونخ، وليس لأنه فاز على بطل المغرب، ولكن لأنه قهر عمالقة أوروبا ذهاباً وإياباً. ولم يأخذ بايرن ميونخ من مسابقة كأس العالم للأندية إلا لقبها الشرفي البحت وإكرام مسؤولي الاتحاد الدولي في الاحتفاء بهذا الفريق العظيم. الباحث في صيرورة كرة القدم يستنتج مباشرة أنه بالوقت المبكر من القرن الماضي كان الجميع يحاول التوسع في تأسيس المسابقات؛ لتبدأ محلياً ثم إقليمياً ثم قارياً مع خمسينيات القرن الماضي؛ ليبدأ بعدها السؤال الأهم كيف يا ترى نعرف بطل العالم للأندية؟، فكانت الاجابة البسيطة بأن يتم تأسيس بطولة عالمية للأندية على غرار مونديال المنتخبات، ولكن أكبر العقبات كانت إن بعض الاتحادات القارية أصلاً لم تبدأ في تنظيم مسابقاتها للأندية، والبعض الآخر كان لايزال يحبو في عالم احتراف الأندية. لذلك رفض الاتحاد الدولي التفكير بتأسيس مونديال للأندية، لتبدأ المحاولات الخجولة من الاتحادين الأوروبي والأميركي الجنوبي من أجل إيجاد جواب على أكبر الأسئلة حينها، من هو أعظم ناد، ريال مدريد أوروبا أم سانتس أميركا الجنوبية؟، حينها كانت البطولات تُلعب من أجل الفوز بالمكانة الاجتماعية رياضياً؛ حينها كان اسم بطل العالم أو القارات يلعب دوراً هاماً في قيمة النادي الكروية. ولكن مع مرور الزمن بدأت كرة القدم تُلعب من أجل القيمة الاقتصادية أولاً وأخيراً، لدرجة أن المركز الرابع بالدوري الإنجليزي (المؤهل لدوري الأبطال الأوروبي) أصبح أهم بكثير من مسابقات كؤوس انجلترا في وجهة نظر أرسين فينجر. وهذه العقلية النفعية كانت ومازالت تجتاح الكرة الأوروبية منذ زمن ليس بقريب، بل أن بطولة كأس العالم للأندية لا تستطيع تمويل نفسها، شأنها شأن كأس القارات، بل تجد التمويل من الإيرادات الضخمة للمونديال. إذاً، بايرن ميونخ يفوز باللقب الخامس هذا العام، ويبدو إنه مقبل على فترة ذهبية كتلك التي عاشها النادي في منتصف السبعينيات. الفريق يقدم أرقاماً قياسية سواء في تحطيم رقم هامبورج الذي كان صامداً منذ 1983 في عدد المباريات المتتالية بالدوري دون خسارة (رقم هامبورج كان 36 مباراة؛ والبايرن وصل الآن إلى 41). أو من حيث مجاوزته رقم برشلونة بالفوز تسع مباريات متتالية بدوري الأبطال؛ حين عاد قياصرة ألمانيا من روسيا بالفوز العاشر. ولا يبدو أن “البافاري” سيجد صعوبة في المحافظة على الألقاب المحلية من بعد النتائج المذهلة التي لم يعد يحققها بايرن على ملعبه بل أصبح يعود بها من ملاعب صعبة كمثل العودة من دورتموند فائزاً بالثلاثة؛ والعودة من شالكه فائزاً بالأربعة؛ والعودة من بريمين فائزاً بالسبعة؛ وهذه الأندية الثلاث كانت لسنوات قريبة تنافس على اللقب. هذا الإكتساح دفع ببعض الشخصيات الألمانية مثل المدرب السابق الشهير فليكس ماجاث إلى مساندة فكرة إبعاد بايرن ميونخ من مسابقة “البوندسليجا” حتى تستعيد البطولة الألمانية إثارتها وتوازنها من جديد. هنا ماجاث يساند فكرة تأسيس دوري أوروبي سوبر يلعب به بايرن ميونخ مع عمالقة الدوريات الأخرى. والفوز بكأس العالم للأندية هو اللقب السابع عشر للمدرب بيب جوارديولا في أربع سنوات ونصف قضاها بين برشلونة وميونخ؛ بدأها بطلاً للدرجة الرابعة الإسبانية صحبة الفريق الثاني للبارسا؛ وإذ به اليوم يحصد اللقب الثالث له شخصياً بالفوز بكأس العالم للأندية، لقد كان السؤال الأبرز قبل بداية الموسم عن ما يمكن أن يقدمه جوارديولا لبايرن ميونخ الفائز بكل شيء صحبة المدرب السابق يوب هاينكس. وبدأت المصاعب مع خسارة السوبر الألماني، وصعوبة الفوز بالسوبر الأوروبي، وعدم الاقناع بالأداء في اللقاءات الأولى من “البوندسليجا” ليتدخل المدير الرياضي ماتياس سامر طالباً من الاعبين تقديم مستوى أفضل رغم أن الفريق ينتصر. وهنا يتضح دور التعاقد مع جوارديولا حيث أعرب المسؤول التنفيذي رومينيجه عن أن التعاقد مع المدرب الإسباني هو اقتناص لفرصة وجوده من دون عمل بعد فض الشراكة مع برشلونة نهاية موسم 2012؛ بل إن رومينيجه يؤكد بأن وجود جوارديولا هو أحد خطوات بايرن ميونخ لتطوير قطاع الترويج العالمي للنادي، وهو ما بدأ مسؤولو النادي الألماني في السعي لتطويره من أجل منافسة الاندية الأوروبية الأخرى من خلال فتح مكتب دولي في نيويورك؛ وآخر سوف يكون قريباً في الصين، لذلك التعاقد مع جوارديولا هو تعاقد مع صورة عالمية تستقطب الانتباه الدولي الكروي. ولكن أولي هونيس رئيس النادي يرى الموضوع من زاوية أخرى، هونيس وبنبرة حزينة وربما نادمة يؤكد في أكثر من مناسبة إن فوز بايرن ميونخ بلقب أوروبا ثلاث مرات متتالية في منتصف السبعينيات لم يستأثر بإعجاب التاريخ الكروي، كما حصل مع أجاكس وريال مدريد من قبل. والحقيقة أن بايرن ميونخ لم يقدم كرة قدم هجومية ممتعه سوى في 1974 بقيادة أودو لاتيك؛ كرة قدم تتكئ على مبادئ الكرة الشاملة المتسيدة بذلك الوقت. ولكن الفوز ببطولتي 1975 و1976 كانتا بإسلوب أقل إمتاعاً وأكثر عمليةً صحبة المدرب ديتمار كرامر. لذلك هونيس أراد مدرباً ليس فقط من أجل أن يفوز مجدداً بالبطولة الأوروبية، بل يفوز بها بكرة قدم هجومية ولم يكن هناك أفضل من الرجل الذي أدهش العالم بالتيكي تاكا. جوارديولا يختلف عن هاينكس في تفاصيل تكتيكية؛ بالوقت الذي كان يسعى فيه هاينكس للانفتاح على الأطراف مستغلاً موهبتي ريبري وروبين؛ فإن المدرب الإسباني يسعى لتصغير الملعب من خلال التحرك كمجموعة مرابطة والدخول من العمق عبر التمرير القصير (أو ما يُعرف بالتيكي تاكا). فلو كانت أعظم ثورات جوارديولا التكتيكية في برشلونة هو إعادة توظيف ليونيل ميسي ليكون مهاجماً وهمياً ليصبح من بعدها أفضل لاعب بالعالم لسنوات متتالية؛ فإن لمسة جوارديولا التكتيكية في ميونخ تمحورت حول فيليب لام الذي من قبل لم يكن الا ظهيراً، تارة بالشمال وتارة أخرى باليمين؛ ولكن جوارديولا أراد منه أن يعيش في جلباب بيكنباور. القيصر الالماني أحد أشهر من لعب في مركز الليبرو الكلاسيكي؛ حيث كان الإيطاليين يقيدون وظيفة الليبرو بأن يكون خلف خط الدفاع دون واجبات رقابية محددة بل فقط يقوم بتصحيح أخطاء زملائه المدافعين. ولكن بالكرة الألمانية صحبة بيكنباور تطور هذا المركز ليؤدي بجانب الدور الدفاعي دوراً آخراً في الدائرة من خلال التمرير والتوجيه بالكرة. وهنا بيب جوارديولا يريد من فيليب لام أن يلعب دور المايسترو بالوسط وهو ما نقل بايرن ميونخ لمستوى أرقى تكتيكياً وإبداعياً. لقد انقضى هذا العام سريعاً؛ وبدأت وانتهت بطولة العالم للأندية كذلك سريعاً؛ ورغم هشاشة هذه البطولة مادياً واعتبارياً وتسويقياً لدرجة أن روبرتو مانشيني حين كان مدرباً للإنتر وصفها ببطولة ودية؛ فإنها هي الأخرى تقول بالفم المليان: بايرن ميونخ أعظم فريق حتى الآن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©