الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوهام غربية وحقائق عربية

20 يونيو 2007 00:22
ظللت خلال اليومين الماضيين أبحث في موقع E bay الإليكتروني للمزادات آملاً في أن أتمكن من التقاط فرصة لشراء مادة فريدة من نوعها لم يتم حتى الآن عرضها في ذلك الموقع· هذه المادة هي جائزة نوبل للسلام، التي تم نهبها من منزل ياسر عرفات في غزة على أيدي رجال ''حماس''، المدعومة من قبل إيران وسوريا، التي تمكنت في الأيام الأخيرة من دحر قوات ''فتح التي كانت قوية ذات يوم في القطاع· وطبقاً لمتحدث باسم منظمة فتح''، فإن رجال ''حماس'' سرقوا بعض متعلقات أرملة عرفات وأحذيتها''· ما يثير الأسى هو سرقة جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها عرفات بالاشتراك مع شمعون بيريز بعد توقيع الاثنين على اتفاقيات أوسلو· إن سرقة هذه الجائزة تجسد الجنون في أجلى مظاهره، وتعد دليلا يُذكّر الجميع- بما فيهم كاتب المقال، برفض العرب الخضوع لمقتضيات الواقعية، والأمل، والنوايا الطيبة ورفض الغرب في الوقت ذاته الاعتراف بالحقيقة· ذات مرة قال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مخاطباً الأميركيين:''إن عبقريتكم أيها الأميركيون لا تتجسد في أنكم تقدمون على خطوات غبية واضحة، وإنما تتجسد في أنكم تقدمون على اتخاذ خطوات غبية معقدة لدرجة تجعلنا نشك في أنفسنا ونقول: ربما يكون هناك جانب غائب عنا فيما يتعلق بتلك التصرفات''· هذا ما قاله عبد الناصر عن الأميركيين، أما ما يقوله الأميركيون عن العرب وعن الفلسطينيين بالذات فهو'' أنهم لا يفوتون أبدا فرصة لتفويت الفرصة''· قد يكون الأمر كذلك ولكن من الممكن أيضا أنهم- العرب والفلسطينيون- لا يريدون البضاعة التي نبيعها لهم· في عام 2005 أعادت إسرائيل غزة بكل بساطة إلى الفلسطينيين· ووفقاً لمقولة الأرض مقابل السلام، التي ظل المجتمع الدولي يلوكها طويلاً، فإنه كان من المفترض أن تنبت أرض غزة بعد أن خلت من الإسرائيليين مجتمعاً مسالماً·· بيد أن ما حدث هو أن 49 في المئة من ذلك المجتمع صوت في الانتخابات لصالح منظمة إسلامية متعصبة يصفها الاتحاد الأوروبي بأنها منظمة إرهابية، وينص ميثاقها على تدمير دولة إسرائيل· لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء مثل ذلك· فلعلنا جميعاً نتذكر كيف أن عرفات نفخ في نيران الانتفاضة الثانية، بعد عرض السلام السخي الذي قدمه له إيهود باراك بوساطة من الرئيس الأميركي السابق'' بيل كلينتون''· على الرغم من ذلك نجد أن محرري ''نيويورك تايمز''، والرئيس بوش، وقادة دول الاتحاد الأوروبي، يقولون إن اللحظة الحالية هي اللحظة التي يجب على إسرائيل أن تقدم فيها المزيد من التنازلات لمحمود عباس'' خليفة عرفات''·· وهو ما يتناقض في رأيي تماماً مع الأكليشيه القادم تواً من العراق، وهو أنه ليس هناك من فائدة ترتجى من تبني موقف جانب دون الآخر في حرب أهلية· المفارقة الأولى في الوقت الراهن هي أن ''حماس'' تطلق على أعضاء ''فتح'' بأنهم ''عملاء لليهود'' وهي تهمة تبرر في نظرها ما قام به رجالها من إعدام لأعضاء فتح الجرحى في المستشفيات· أما المفارقة الثانية، فهي أن إدارة بوش هي التي دفعت باتجاه الديمقراطية في فلسطين، كما في العراق بظن أنه يمكن الثقة بالعرب وقدرتهم على التعامل مع الحرية السياسية، فكانت النتيجة ما رأيناه في غزة، وهو ما يتوقع أن يتكرر على نطاق أوسع في بلاد الرافدين بعد انسحاب الأميركيين، كما يطالب ''الديمقراطيون''· نحن في الغرب نعرف أن الطريق المفتوح أمامنا نحو التقدم هو طريق الديمقراطية، والتسامح، وحكم القانون، والأسواق المفتوحة، ونتصور أن هذا ما يمكن أن يراه الآخرون أيضاً· وهذا يقودنا إلى السؤال: ماذا لو أن العرب غير مهتمين بهذا الطريق؟ باعتباري من المؤمنين بأجندة الحرية أقول: إن ذلك- عدم اهتمام العرب بهذا الطريق- هو أكثر ما يصيبني بالقلق· جونا جولدبرج كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©