الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفتوى واللعبة السياسية

الفتوى واللعبة السياسية
12 ديسمبر 2012
الفتوى واللعبة السياسية على حد قول د. علي راشد النعيمي، يتفق معظم العاملين في الحقل السياسي على أنه لا توجد فيه صداقات دائمة وإنما هناك مصالح دائمة، وهذه المصالح عرضة للتبدل والتغيير باستمرار، ولغة المصالح هي ما يحكم قواعد اللعبة السياسية، ولذا فإن القيم والمبادئ تتراجع إذا اختلفت مع مصلحة من مصالح طرف من الأطراف السياسية، وهذا هو الواقع المشاهد بعيداً عن الشعارات البراقة والخطب المعسولة. ومن هنا يتضح بجلاء أن استخدام طرف للدين كأداة من أدوات العمل السياسي يشكل إساءة بالغة للدين وتشويهاً للنقاء والطهر الذي يحمله، وهو مما يجعل الأطراف الأخرى تتجاوز الحدود وتتعدى على الدين لأنه أصبح يقف حاجزاً بينها وبين تحقيق مصالحها التي تراها حقاً طبيعياً لها. وهذا ما حدث للكنيسة في أوروبا قبل عصر النهضة عندما واجهت الناس في مصالحهم باسم الدين وقمعتهم وأضرت بهم باسمه، وهو كذلك الذي أدى لظهور الماركسية كردة فعل لتحكم الكنيسة وتوظيفها للدين في معركتها السياسية مع معارضيها. فاللعبة السياسية مهما لبست عباءة القيم والمبادئ فإنها في النهاية تخلق أصدقاء وتصنع أعداء، وبالتالي فمن يستخدم الدين قد يحقق مكاسب له لكنه يصنع أعداء له قد يتحولون إلى أعداء للدين وهنا تتجلى أهمية حماية الدين من أن يستغل من أي طرف في معركته السياسية. مصر: الانقسام سيد المشهد يرى محمد الحمادي أنه بعد أن سقط نظام «مبارك» ساد اعتقاد بأن ثورة مصر انتهت بنجاح منقطع النظير والكل -في عالمنا العربي- كان يرى أن هذه الثورة اختلفت عن غيرها بأنها بدأت وانتهت سلمية. فرح المصريون بنصرهم الكبير لإسقاط آخر فراعين مصر، فبعد «مبارك» لن يأتي فرعون بل ستكون دولة مدنية ديمقراطية، رئيس يأتي به الشعب ويرحل بانتهاء مدة رئاسته أو يخلعه الشعب، فلن يبقى رئيساً لأكثر من ثلاثة عقود ولن يفكر في توريث الحكم لابنه من بعده! هذا ما اعتقده الجميع لكن الأشهر الخمسة الأولى لأول رئيس مدني في تاريخ مصر كشفت غير ذلك. عمل المصريون بمختلف تياراتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية وخلفياتهم الدينية والاجتماعية من أجل وطن جديد يضم الجميع ويتسع للكل وظل هذا الحلم قائماً، وكانت الأيام والأشهر الماضية وكأنها فصول قصة يشارك الجميع في كتابتها لكن القصة الجميلة لم تكتمل عندما اعتقدت مجموعة لأنها تمتلك الأغلبية في الشارع ولأنها أصبحت تمتلك القرار أنها تستطيع ولها الحق في أن تفرض الأمر الواقع على الجميع. ولأنها مجموعة تحظى بتعاطف البعض، فقد شاركت في الانتخابات التشريعية وحصلت على أغلبية الأصوات ثم شاركت في الانتخابات الرئاسية -وبدون الدخول في تفاصيل هذه الانتخابات- ففاز مرشحها برئاسة جمهورية مصر العربية، وهذا ما جعلها تعتقد أنها أصبحت صاحبة القرار الأول والأخير، وفي غفلة من الزمن كاد الرئيس الجديد المنتخب من الشعب يتحول إلى رئيس مطلق الصلاحيات، وذلك بالاختصاصات التي منحها لنفسه من خلال الإعلان الدستوري! «ربيع» يُنبِت شوكاً! لدى د. محمد العسومي قناعة مفادها أن نتائج ما يسمى «الربيع العربي» يمكن إيجازها بصورة سريعة في التدهور المريع للأوضاع الاقتصادية والأمنية وما نجم عنها من تراجع في الأداء الاقتصادي لكافة القطاعات دون استثناء وارتفاع معدلات البطالة وإحجام الاستثمارات المحلية والأجنبية. أما في الجوانب المالية، فإن هذه البلدان، باستثناء ليبيا النفطية، فإنها على شفا الإفلاس، حيث يوجد انخفاض حاد في الاحتياطيات والأصول الأجنبية وتدهور في أسواق المال، مما يدفع العاملين في الخارج، وبالأخص في دول مجلس التعاون الخليجي إلى زيادة تحويلاتهم المالية لبلدان «الربيع» للمساهمة في توفير احتياجات عائلاتهم بسبب التضخم وارتفاع الأسعار، وهو ما ساعد على عدم الانهيار التام للأوضاع المالية هناك. وللأسف، فإن الأنظمة الجديدة لا تريد النظر في الأسباب الحقيقية لهذا التدهور وتعمل على معالجته بصورة مهنية من خلال إزالة الترسبات والتداعيات، وإنما تعمد إلى تبرير ذلك من خلال الإيحاء بأن هناك مؤامرات خارجية تسعى إلى إسقاط أنظمة «الربيع». ولنأخذ على سبيل المثال التطورات الأخيرة في مصر والتي بدأت الأوضاع العامة فيها تستقر بعد الانتخابات الرئاسية، لكن الإجراءات الأخيرة قلبت الأوضاع رأساً على عقب مرة أخرى، وذلك بعد صدور الإعلان الدستوري وما أعقبه من احتجاجات أعادت الأمور إلى المربع الأول، اقتصادياً وسياسياً. الاستثمار الخليجي خارج المنطقة يرى د. أحمد عبدالملك أنه خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي في نيويورك، بحثت دول مجلس التعاون تعزيز علاقات التعاون مع مجموعة «سيلاك» التي تضم ثلاثاً وثلاثين دولة من أميركا الوسطى والجنوبية والبحر الكاريبي. ونقلت الصحف أيضاً أن منطقة دول أميركا الجنوبية تعتزم بناء منطقة تكامل تجارية مع دول المنطقة العربية، والبحث في إيجاد إجراءات استراتيجية لاستبدال اقتصادات الدول المتضررة بالأزمة المالية العالمية وديون منطقة اليورو. ولا شك أن مثل هذا التوجه الجديد يفتح شهية الحوار، خصوصاً بعد أن عانى مواطنو الدول العربية من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بعد أن برزت مؤشرات على احتمال حدوث فجوة غذائية حادة في المدى الزمني المنظور وغير البعيد. وكانت بعض دول الخليج العربية قد قررت التوجه نحو الاستثمار في زراعة الأرز، وذلك على الخصوص كونه الغذاء الشعبي الأكثر استهلاكاً لمجتمعات المنطقة، على أن يكون ذلك الاستثمار الزراعي الخليجي في بعض الدول الآسيوية ذات الشهرة في مجال زراعة الأرز، والهدف هو تأمين احتياجات الدول الخليجية من هذه السلعة الغذائية الهامة مثل الأرز. وفي اعتقادي أن هذا التوجه حميد وأنه ينبغي أن يتوسع ليشمل مواد غذائية أخرى ضرورية للشعوب الخليجية. الإدراك السياسي الخاطئ في قراءة الواقع يقول الســـيد يســــين: إذا نظرنا نظرة مقارنة لسلوك صناع القرار السياسي في عديد من البلاد حين يواجهون أزمة طارئة أو مشكلة مستعصية، سواء كانت تتعلق بالسياسة الخارجية أو بالسياسة الداخلية، فسرعان ما نكتشف أن بعضهم يخطئون في قراءة الواقع وبالتالي يفشلون في مواجهة الأزمة أو المشكلة. بل أحياناً تؤدي قراراتهم الساعية لحل الأزمة إلى مضاعفتها وتضخيم حجمها، بحيث تبدو كما لو كانت مستعصية على الحل. النموذج الماثل في الأذهان هذه الأيام والذي تعبر عنه الملاحظات السابقة هو بلا أدنى شك الإعلان الدستوري الصادر في 21 نوفمبر 2012 وفاجأ به المجتمع السياسي والرأي العام بكافة توجهاته. وذلك لأنه نزع إلى نسف السلطة القضائية نسفاً، وقرر في إحدى مواد الإعلان تحصين قرارات الرئيس في الماضي والحاضر والمستقبل. كما قرر تحصين كل من مجلس الشورى والجمعية التأسيسية من الحل. الأوطان ليست روايات استنتج أحمد أميري أنه لم يتوصل العلماء لاختراع جهاز يقيس مقدار تأثير شخصية ما على توجهات الناس واختياراتهم، لكن القدر المؤكد منه هنا هو أن روائياً مرموقاً كعلاء الأسواني يترك بكتاباته وآرائه أثراً ما على الإنسان المصري، وعلى اختياراته وتوجهاته. والأسواني نموذج لمثقفين وكتّاب يضعون عيناً على الأدب وأخرى على السياسة، وفي لحظة ما لا يميزون بينهما، وينظرون للأوطان كما ينظرون للروايات، إذ يمكن للروائي، بقليل من الجهد، أن يعيد صياغة الرواية، ويشقلبها، ويستبدل شخوصها، ويلغي أحداثاً ويضيف إليها، ويمكنه أن يغيّر الخاتمة كما يشاء، و«فجأة». عُرف الأسواني باعتباره أحد أشرس المناوئين لنظام مبارك، وكان يوجه إليه انتقاداً لاذعاً في أيام عزه، بل نشر كتاباً قبل ثورة 25 يناير بعنوان «لماذا لا يثور المصريون؟» صبّ فيه غضبه على أبناء وطنه ووصفهم بالخانعين. وكان من الطبيعي أن يكون حاضراً في ميدان التحرير أيام الثورة كأحد رموزها. وبعد هجومه الكاسح على الفريق أحمد شفيق، في الفترة القصيرة التي تولى فيها الأخير رئاسة الوزراء أوائل سنة 2011، خرج شفيق من الاستديو الذي جمعهما في لقاء تلفزيوني مباشر، ليقدّم استقالته. لمن النصر في حرب الإنترنت العالمية؟ يقول محمد عارف: «الصمتُ لغةٌ أيضاً، وليس الجميع يفهمونها بالتأكيد، إلاّ أن الصمت كلام قوي ينبغي أن نقدّره جميعاً». المفارقة في أن يستشهد بهذه الحكمة الأفريقية حمدون توريه، أمين عام «الاتحاد الدولي للاتصالات» الذي يشرف على مرور مليارات رسائل الإنترنت، والفيسبوك، واليوتيوب، والصحافة الإلكترونية، والفضائيات، والتعاملات المصرفية، والتجارة المالية، وثرثرة لا مثيل لها في التاريخ يتبادلها سكان الكرة الأرضية عبر الهواتف الأرضية والنقالة. وقد حلّ الصمت حين تعطلت شبكة «المؤتمر العالمي للاتصالات» بعد يومين من استشهاد توريه بحكمة الصمت في كلمته الافتتاحية. لحظتها بدا المؤتمر الذي يختتم أعماله يوم غد في دبي كنكتة مشهورة عن انفجار عجلة سيارة تقلّ ثلاثة عاملين في الكمبيوتر. مدير مبيعات الكمبيوتر أعلن أن الوقت حان لشراء سيارة جديدة، فيما نصح مهندس الكمبيوتر بأن يجربوا تحويل العجلة الأمامية إلى الخلف، لعلها تحل المشكلة. مبرمج الكمبيوتر قال: «لنحاول تشغيل السيارة مرة أخرى، ونرى ما إذا كانت المشكلة قد حلّت نفسها». وقد حلت المشكلة نفسها عندما توجهت الشبكة إلى موقع إلكتروني احتياطي في منطقة جغرافية أخرى. وهذه هي قوة الإنترنت التي ابتكرها أصلاً علماء وزارة الدفاع الأميركية لتأمين استمرارية الاتصال عندما تنهار الاتصالات. والمشاكل، كما يقول المثل الأفريقي «كالفلفل الحار يضفي النكهة على الحياة». إعلان عصابة قراصنة الحاسوب مسؤوليتها عن تعطيل الشبكة أضفى نكهة التحدي الشهية على المؤتمر الذي شارك فيه ممثلو 193 دولة. وكشف توريه، وهو مسلم من مالي درَسَ الهندسة الإلكترونية في الاتحاد السوفييتي...
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©