الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملتقى السمالية الربيعي يحتفل باختتام أسبوعه الأول

ملتقى السمالية الربيعي يحتفل باختتام أسبوعه الأول
25 ديسمبر 2011 00:26
احتفل ملتقى السمالية الربيعي الذي يقيمه نادي تراث الإمارات باختتام أسبوعه الأول، وذلك تحت رعاية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الإمارات، التي انطلقت فعالياته في جزيرة السمالية 18 ديسمبر الجاري وتختتم 5 ديسمبر المقبل. ونظم النادي احتفالاً مثيراً للاهتمام برع الطلاب خلاله في تأدية الطقوس المتنوعة التي تعلموها بشغف خلال أسبوع، كما أبدى المشاركون مهارة مميزة في الأنشطة الميدانية المختلفة، معبرين من خلال دقة الأداء عن الاستفادة القصوى من الأوقات التي أمضوها في الملتقى. ومن شأن ذلك أن يقود نحو استنتاجين، يتعلق الأول بالرغبة الصادقة في التعلم لدى الطلاب، فيما يتصل الثاني بقدرة المدربين وشغفهم في توصيل مداركهم كافة نحو طلابهم المتعطشين للمعرفة، كما تجدر الإشارة هنا إلى ملاءمة الأجواء المحيطة، ونجاعة الخلطة المدروسة بين الترفيه والتلقين التي اعتمدها القيمون على الملتقى في تحفيز المشاركين على تقديم أفضل ما لديهم ارسالاً واستقبالاً لتعم الفائدة وتدرك الاستفادة من الوقت حدودها المثلى. في اختتام الأسبوع الأول لملتقى السمالية تعلم الطلاب من المدرب التراثي خالد ناصر الهاجري كيفية صنع القهوة العربية والقرص، حيث تجمعوا حول الهاجري يراقبونه كيف يخلط المواد ويتعامل معها ببراعة مميزة، أصغوا ملياً إلى ملاحظاته الدقيقة المستقاة من تجربة متمرسة، كما أدركوا أن التعامل مع هذا اللون من الصناعة التراثية لا يتوقف عند حدود التقدير الجيد للكميات ومقدار تناسبها فقط، بل أن ثمة دقة استثنائية يجب أن تراعى في كل خطوة، حيث لكل خطأ، مهما بدى عابراً، ثمنه الفادح في هذا السياق، عرفوا من خلال الشرح المتحمس الذي كان الهاجري يحرص على تقديمه لهم أن للتراث نواميسه وقوانينه التي لا يمكن تخطيها، وأن في ذلك بعض الأسباب التي تجعله جديراً بالاستعادة والتكريس. كذلك تحلق الطلاب مجدداً حول مدرب الصقارة سالم سويد المنصوري يصغون بشغف واضح إلى أحاديثه الشيقة حول الصقور وسلوكياتها وأنواعها، وطريقة التعرف إلى أعمارها، ناهيك عن الوسائل المثلى للاستفادة منها، بدا المدرب خبيراً في شؤون تلك الكائنات المحببة، يعلم جيداً كيف يجعلها تنسجم مع المربي، وكيف يعالج الإشكاليات المباغتة التي تعتري سلوكها، توزعت الأنظار الفتية بين المنصوري وبين ثلاثة من الصقور كانت تحيط به، مستريحة على أذرع فتية تخطوا حاجز الرهبة التي يفصلها عادة عن المبتدئين. عرض شيق وفي احتفال الختام قدم فريق نادي تراث الإمارات للكاراتيه عرضاً شيقاً في فنون اللعبة القتالية الأكثر رقياً، كانت الحركات مصاغة بعناية، وكانت الدقة في حدودها المثلى، بدى في السياق أنه من المجحف أن يجري تصنيف الكاراتيه كمجرد لعبة، هو أكثر من ذلك حتماً: فن قتالي متقن التنظيم، وقابل للأخذ على محمل الكثير من الجدية والرصانة، أقله هكذا بدى الأمر على ملامح اللاعبين الذين لم يكن يبدو عليهم ما يشير إلى كونهم يلعبون. المطبخ التراثي كان حاضراً كذلك في الحفل الختامي، وكان على المدرب التراثي أحمد راشد المهيري أن يدرب الطلاب على مائدة البحر حيث السمك المشوي مع العيش، وهو كان يشكل الصنف الأكثر حضوراً في طعام البحارة العتاق الذين يجوبون البحر بحثاً عن الرزق، وقد يستغرقهم الأمر أياماً طويلة، فيكون عليهم أن يعتاشوا من خيره الوافر، ببراعة لافتة تعامل المهيري مع مواده الأولية، فيما الطلاب يراقبون تحول تلك المواد إلى وليمة باذخة المنظر، شهية الرائحة، والواضح أنها رائعة المذاق كذلك، وليمة بحرية في أحضان البحر كانت ضرورية لمنح الاحتفال الختامي نكهته الملائمة. ويبقى للفروسية ألقها الأنقى، بشموخ تصعب مداراته خرجت الخيل من مرابطها، سارت بثقة في الساحة المحاطة بالحضور، امتثلت دون خضوع لتعليمات فرسانها، منظر الفرس إذ يعلوها الفارس يصير أروع، كذلك يصير حركة سيرها بعدا إضافيا لا يتأتى لها وهي مكشوفة الظهر. تعلم الطلاب مجدداً كيفية التعامل مع الخيل، استمعوا إلى بعض الملاحظات الشيقة عن عتادها، وطرق استخدامه، والأهم أدركوا الأسباب التي تجعلها أحياناً تحجم عن التجاوب مع تعليمات فارسها، للفروسية أيضاً قواعدها التي لا تكتمل بغيرها. على الواجهة البحرية كانت السفينة التراثية تمخر عباب البحر تحمل على متنها البالغ القدم طلاباً أتوا يصغون إلى حكايا أسلافهم عبر مآثرهم المتعددة، غنوا الآهازيج التي كان الأسلاف يستعينون بها على عناء السفر، وتعلموا كيف كانت السواعد السمراء تقهر عناد الموج بثبات العزم ورسوخ العزيمة، وعلى مقربة من تلك السفينة المتحصنة بتاريخها المضيء كان العديد من القوارب الشراعية يراود الريح عن اتجاهها غير مكترث لصمتها المباغت أو لرعونتها المفاجئة. أنشطة الهجن لم يكن ممكناً للاحتفال أن يكتمل دون الهجن وحضورها الآسر، بهدوء يصعب تفسيره حضرت الجمال إلى الساحة، بدت على ملامحها إشارات الانتظار والصبر، امتطاها الفتية. وقد تمكنت الإلفة بينهم وبينها على امتداد الأسبوع فاستجابت لهم بحنو صارخ، كانت تنخ بناء على حركة من لجامها، وتنهض رداً على أخرى، تسير متهادية كما لو أنها تعرف أنها بصدد تجربة غير مكتملة، وأن من يعلو ظهرها لا يزال حديث العهد بها. لا يمكن إغفال هذا القدر الهائل من الانسجام الذي تبديه الإبل حيال مستخدميها، ثمة شيء من الود الخفي يجمع بين الاثنين، هو موجود وإن كان عصياً على الظهور المباشر، بقليل من المبالغة التي تستوجبها اللحظة يمكن القول إن متعة الفتية الممتطين للهجن كانت متوازية مع متعة المطايا نفسها. .. وفعاليات الملتقى تكرس مبدأ الاعتماد على النفس بين المشاركين أبوظبي (الاتحاد) - أكد سعيد علي المناعي مدير إدارة الأنشطة في نادي تراث الإمارات، ارتفاع نسبة الطلاب المشاركين في ملتقى السمالية الربيعي، موضحاً أن فكرة المخيم البري التي حققها الملتقى، حيث انعكست طقوسه اليومية بصورة تعاون بين المشاركين الذين تقاربوا وكونوا صداقات جديدة من أماكن جغرافية بعيدة عن أمكنة استقرارهم، كذلك هو يكرس مبدأ الاعتماد على النفس لجهة الاهتمام بالنظافة، والحرص على مقومات البيئة، وعدم ترك المخلفات في أماكنها، وفقاً لقاعدة الاعتماد على العمالة المكلفة بمثل هذه الأمور عادة. يأتي كلام المناعي متزامناً مع إقدام مجموعة من الطلاب على التقاط البقايا في الساحة المخصصة للأنشطة، هم يفعلون ذلك بمزيج من العفوية والاهتمام، ويقول حسين علي الكربي، أحد الطلبة المنكبين على التنظيف إن ما نفعله هو واجبنا، فهذه الأرض لنا، ويجدر بنا الحرص على أن تبقى نظيفة، وليس منطقياً أن ننتظر الآخرين ليقوموا بما هو من واجباتنا البديهية. قواعد النظافة كذلك يؤيد عبدالله سالم الكعبي رأي زميله، مشدداً على ضرورة التزام الجميع بقواعد النظافة، والحرص على أن يكون المكان نظيفاً، مرتباً، ومستوفياً لجمال المنظر، نحن المستفيدين من كل ذلك. يقول الكعبي، وليس مقبولاً أن نتخلى عن دورنا للآخرين. مشدداً على أنه وزملاءه يقومون بالمهمة كمبادرة فردية، وليس بتكليف من أي جهة. يساعد في المهمة كل من راشد الجابري، وحمد الكعبي، وخليفة المهيري، وراشد حسين الجابري، خليفة الجابري، وسلطان المهيري، جميعهم يتسابقون إلى التقاط البقايا من أرض الساحة، لتعود كما كانت قبل استخدامها، ينظرون بشيء من الاعتزاز إلى انجازهم، وتبدو ملامح الرضى واضحة على ملامحهم، هذا وطننا، يقول أحدهم، ويوافقه الباقون، قبل أن يضيف: نحن معنيون بجعله أجمل. زيادة الورش وقال سعيد المناعي إن القيمين على الملتقى يجتهدون لتضمينه فعاليات إضافية وذلك تفادياً لدخول الطلاب المشاركين في حالة من الملل، فنحن ندرك أن أعمارهم الفتية تجعلهم يبحثون دوماً عن الجديد والمختلف، لذلك نحرص على زيادة الورش التوعوية وتنويعها بحيث نقدم لهم الفائدة في قالب من الإمتاع والترفيه: أدوات الصيد، عتاد الهجن، أنشطة مدرسة الإمارات للشراع، التوعية الصحية، حيث ستنتقل العيادة الطبية المخصصة للعناية برواد الملتقى لتتحول إحدى ورشه التعليمية، فيتعلم الطلاب كيفية قياس الضغط، والقيام ببعض الإسعافات الأولية في الحالات الطارئة. ما يراه المناعي جديراً بالتنويه هو حرص إدارة الملتقى على عقد جلسات تقييم يومية يصار خلالها إلى تحديد سلبيات الأنشطة خلال اليوم، بهدف تحديد أسبابها، ووسائل تجاوزها، وذلك كوسيلة مباشرة لمعالجة العثرات التي تعتري العمل. السلامة أولاً وحول الخلاصات المبدئية التي توصلت إليها جلسات التقييم يوضح المناعي أنه جرى التأكيد على ضرورة إيلاء سلامة الطلاب حداً أقصى من الاهتمام، وتوجيه المشرفين نحو توخي الحرص الكلي على توافق الأنشطة المقامة مع البعد الضامن لعنصر الأمان الشخصي، إضافة إلى الرصد المتقن لمدى استجابة الفعاليات للأهداف المرجوة منها، خاصة في ما يتعلق بغرس الحس الوطني السليم في أذهان الناشئة بما يراكم لدى الطالب المشارك في الملتقى جملة من المفاهيم والقيم تساهم في جعله من بناة المستقبل المنشود. من موقع التجربة والخبرة يشير المناعي إلى دور الملتقى في تحصين الشباب الإماراتي والنأي بهم عن المخاطر السلوكية والأخلاقية التي تتهدده فيما لو ترك بعهدة الشارع، خاصة في أوقات الفراغ والإجازات، فالبطالة أم الرذائل، ودوماً ثمة خطر ينجم عن رفقة السوء التي تقوض ما ينجزه الأهل من اهتمام ورعاية لأبنائهم، من هنا تنبع أهمية الاحتضان الذي يتحقق في الملتقى، والذي يوائم بين الترفيه، وهو حق مشروع للطالب، وبين التوعية والتثقيف وإيجاد سبل التواصل مع الماضي بوصفه مصدر الأصالة وبناء الشخصية الواثقة، الراسخة الحضور. حماية الإرث من جهته يوضح المدرب التراثي زايد سعيد المنصوري أنه يمارس عبر الملتقى دوره البديهي في إمداد الجيل الصاعد بعادات الأهل وتقاليدهم السمحاء، وهي في مجملها قيم أخلاقية رائدة تتصل بإكرام الضيف، وإعزاز الجار، وتوقير الكبير، وطاعة الأهل، وأولي الأمر، ويضيف: لقد تعلمنا من أهلنا، ونحن نعلم أبناءنا ما نطمئن إلى كونه مفيداً لهم، ومساهماً في تعزيز مكانة دولتنا بين الأمم، ذلك أن الأمم هي الأخلاق ما بقيت، وقد كان لأخلاق الأولين وقيمهم أن ساهمت في الارتقاء ببلادنا، ومنحها مكانة رائدة بين الدول، ومن واجبنا أن نحرص على ذلك الإرث الثمين، وأن ننقله كاملاً غير منقوص لأبنائنا، ففي ذلك بعض حقوقهم علينا. آراء الضيوف يحرص ملتقى السمالية كذلك على منح ذوي الطلبة فرصة المشاركة ومتابعة ما يمارسه أبناؤهم من نشاط، وابداء آرائهم وملاحظاتهم حوله، وفي هذا الإطار يقول الزائر يوسف أحمد أبو الريش إن زيارته للجزيرة وإطلاعه على أنشطة الملتقى منحته الكثير من إشارات الرضى، وهو مطمئن إلى ما يتلقاه أبناؤه من حسن معاملة، وما يحصلونه من معارف. وما يحظون به من متع ترفيهية، خاصة أن الملتقى يتزامن مع فترة مناخية مميزة في الإمارات، هي الأفضل على مدار السنة، بحيث يغدو مجرد التواجد في جزيرة السمالية، كمحمية طبيعية منظمة ومستوفية للشروط، متعة يصعب مضاهاتها أو مجاراتها. من جانبه يبدو مشرف نادي تراث الإمارات في مدينة العين سالم راشد السويدي مهتماً بأمر مجموعة من الطلاب الذين يحاولون امتطاء الهجن، هو يسعى لإرضاء الجميع، ومع علمه المسبق أن الأمر يكاد يكون مستحيلاً، الا أن ذلك لا يمنه من التجربة: من ركب سابقاً سيحظى بفرصة ثانية إذا أراد، لكن عليه أن ينتظر كي يجرب الجميع عملية ركوب الجمل، هكذا يقترح المشرف على طلابه الذين يوافقونه، وإن كان بعضهم يتأثرون بحماسة الرغبة في خوض التجربة مجدداً. يقول السويدي: أدرك جيداً أنها فرصة بالنسبة لهم، وهم سيسعون للاستفادة منها حتى أبعد الحدود الممكنة، ودوري أن أساعدهم في ذلك، إذ لا يمكن أن يغادر أحدهم وفي قلبه غصة حيال رغبة ما.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©