الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حرب الأزواج

24 ديسمبر 2011 20:11
إن الأزواج الذين بلغوا درجة فائقة من النضج العاطفي، ويتمتعون باحترام متبادل مع زوجاتهم يمرون أيضاً هم وزوجاتهم بفترة يكتشفون فيها أن الخلاف أمر ضروري حول مسائل معينة، ودون قصد منهم، يجدون أنفسهم عرضة للاختلاف في الرأي خصوصاً في السنوات الأولى من الزواج. ومن خلال الحوار والمناقشة تظهر النقاط التي يختلفان أو يتفقان حولها، ومن ثم تطفو قناعات كامنة في أعماق كل طرف، يحاول جاهداً أن يقنع بها الطرف الآخر. من هنا يصبح “التفاهم” ضرورة حتمية لتقليل عدد مرات الخلاف، وإزالة أسباب الخلافات قبل أن تنشأ، وقد يكتشف أحد الزوجين أنه يملك عادة مستفزة، أو أن رأيه في مسألة ما غير معقول أو مقبول، لكنه يتمسك به صلفاً وتعنتاً. إذن عليه أن يعترف بذلك بينه وبين نفسه، وأن يتخذ قراراً حاسماً بأن يصحح نفسه، وأن يتنازل عن الرأي المستفز أو غير المنطقي أو غير المعقول. فالزوج الذي يصر على شراء ملابس جديدة لنفسه، بينما البيت يحتاج إلى ثمن هذه الملابس، أو العكس تماماً، حيث ينطبق الموقف على المرأة أكثر مما ينطبق على الرجل. لماذا لا يراجع أي طرف موقفه قبل المناقشة؟ فعلى الرغم من أن “الإسراف” كريه كصفة في أحد الزوجين، فإن الطرف المسرف يجب ألا ينال العقاب والتوبيخ واللوم دائماً. إنما يجب أن يحاول علاج عيبه في الإسراف بنفسه، أو علاج بقية العادات الأخرى التي يعترض عليها الطرف الآخر. علينا أن نعرف أن الحب والود والمكاشفة، تحسم الكثير من الخلافات، وعلينا أن نعرف أيضاً أن الود عندما يختفي من البيت الذي يعيش فيه الزوجان فإن الخلافات تصبح ضيفاً دائماً. علاقات الزواج تتحول في أحيان كثيرة إلى علاقة بين أعداء لا يعلنون عن عدائهم بشكل مباشر، والذي يحدث أن يبحث كل طرف للآخر عن أسباب ليخوض معه معركة ويخلق له توتراً ويسبب له المشاكل. ومما لاشك فيه أن المسائل التي يمكن أن يثور حولها الخلاف في كل أسرة لا حصر لها، ويمكن أن يُنفخ فيها لتصبح ناراً تحرق البيت بأسره، وهذا يحدث عندما تملأ الكراهية قلب أحد الزوجين وتصبح الحياة خالية من المحبة والود والسلام، وإذا ما استمرت أصبحت جحيماً لا يطاق. هناك حالات مثالية، وحالات فاشلة جداً، لكن هناك أعداداً لا حصر لها تتأرجح بين النجاح والفشل، فحالة الانسجام والاتفاق يرتفع ميزان حرارتها وينخفض من يوم ليوم، ومن أسبوع لأسبوع ومن شهر لآخر ومن سنة لسنة. التوافق يرتهن بأسباب كثيرة كامنة في أعماق الزوجين، وأكثرها غامض لأسباب لا يعرفها حتى الزوجان نفساهما، وتستمر الحياة بين هذا النوع من الأسر، لا يستقر فيها الحب كثيراً، ولا يستقر فيها الخلاف كثيراً، ونجد الطرفين يتمتعان فيها بالبحث عن القلق، ويجدان لذة خفية في هذا السلام الآتي من بطن الحرب، وهذا الحنان المولود من براثن الكراهية، رغم أنهما قد يستنكران ذلك لو علماه في غيرهما. لكن يبقى سؤال: كيف يكون حال الأبناء الذين ينشأون في مثل هذه الأسر؟.. وللحديث بقية. المحرر | khourshied.harfoush@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©