يدفعنا الشدود أو الاندهاش، صحفيين وخبراء وجماهير، إلى الجزم بأن الذي نشاهده من خوارق وإعجازات يأتي بها لاعب لكرة القدم يستحيل أن تتكرر وكأن الزمن الإبداعي سيتوقف مع انتهاء عصر هذا اللاعب.
يوم طلع البرازيلي بيليه قمراً في سماء الكرة فنال ما لا نهاية له من الألقاب والتوصيفات التي تفوق كل خيال، قال الشهود على عصره إن كرة القدم لن تنجب لاعباً في قامته الإبداعية، فأعطتنا ألمانيا القيصر فرانز بيكنباور، ومن الأراضي الواطئة بزغ نجم يوهان كرويف المايسترو والساحر.
وعندما كان لا بد من مطابقة السحر الكروي الذي جاء به «الملك» و«الجوهرة السواء» بيليه، أشرقت من حواري بوينس أيريس الأرجنتينية شمس أرماندو دييجو مارادونا، الذي سيغزل لكل الناس خيوطاً ذهبية، منها صاغوا معاطف من المتعة.
وحار الناس في ضبط موجات المقارنة مع ما كان من انعكاس قوي لأشعة سحر مارادونا، فعادوا ليغلقوا الأبواب وليقولوا إنه بعد مارادونا المبهر الذي يعجز كل وصف إنساني عن تمثل سمفونياته الكروية، لن يستطيع العالم أن يأتي برجل آخر يطل من كوكب المتعة ليؤسس مدائن جديدة.
طبعاً لم يقنعهم ما جاء به زيكو البرازيلي الذي لقب ببيليه الأبيض، ولا ما أرسله من شهب ملونة زين الدين زيدان، ولا ما أبدعه روبيرتو باجيو، فقد كان من الصعب أن تصح المقارنة بالأسطورتين بيليه ومارادونا، إلى أن خرج من أفنان برشلونة «البرغوث» و«القاتل» و«الخارق» ليونيل ميسي الذي تصدعت تحت أقدامه كل الأرقام، وتحققت بلمساته الأسطورية كل المستحيلات، وأصبح يمثل لكرة القدم الحديثة مفخرة وأعجوبة، وللتاريخ الإنساني والإبداعي دليلاً على أن للخلق صيرورة لا يمكن أن تتوقف، إنها كالأنهار تجري باستمرار، لأنها نبض من الحياة.
قرأت الكثير مما تداعى تحت مفعول الدهشة من الذي حققه ميسي وهو يحطم الرقم القياسي لعدد الأهداف الموقعة في سنة واحدة الذي كان بحوزة الألماني جيرد مولر، إلا أن ما شدني هو ما كتبه الصحفي الإسباني جوسيب ماريا كاسانوفاس: «نحن محظوظون لأننا سنقول دائما إننا كنا شهوداً على هذا العام الخارق لليونيل ميسي».
أما أنا ففخور جداً أنني عشت أزمنة بيليه، مارادونا وليونيل ميسي الخوارق الثلاثة، فكل زمن كانت له قصة عشق، وومضة سحر، وسمفونية إبداع لا تشبه غيرها من القصص والموضات والسمفونيات.
بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
عدد اليوم
