الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

سفينة الاقتصاد العالمي تبحث عن «مرسى» خلال 2012

سفينة الاقتصاد العالمي تبحث عن «مرسى» خلال 2012
24 ديسمبر 2011 21:51
يبدو أن العام المقبل سيكون مليئاً بالعقبات التي تعترض مسيرة الاقتصاد العالمي، حيث يسود الكساد القارة الأوروبية ونمو بطيء على أحسن الفروض في أميركا وبطء شديد في الصين ومعظم أسواق الدول الناشئة، مما يترتب على الجميع شد الأحزمة. وبذلك تكون صورة الاقتصاد واضحة إلا أنها ليست مبشرة، حيث تتعرض الاقتصادات الآسيوية للصين، وأميركا اللاتينية لانخفاض أسعار السلع، كما أن وسط وشرق أوروبا معرضة لـ”منطقة اليورو”، بالإضافة إلى موجة الاضطرابات في الشرق الأوسط التي نتجت عنها مخاطر اقتصادية كبيرة مثل ارتفاع أسعار النفط التي تعوق النمو العالمي. ويشير بلوغ هذه المرحلة إلى تأكيد الركود الاقتصادي في “منطقة اليورو”. وعلى الرغم من صعوبة تحديد مدى عمقه واستمراره، إلا أن تقلص الائتمان المستمر ومشاكل الديون السيادية وانعدام المنافسة وبرامج التقشف، تدل على انتكاسة ماثلة. وتواجه أميركا وبنموها المتواضع منذ العام 2010، مخاطر كبيرة ناجمة عن أزمة منطقة اليورو، مما يفرض عليها التعامل مع التراجع المستمر في معدل فوائد القطاع الأسري وسط ضعف الوظائف والدخول والضغوط الدائمة التي يعاني منها القطاع العقاري، وكذلك عدم تكافؤ الفرص والجمود السياسي. وفي مناطق أخرى ضمن اقتصادات الدول المتقدمة، تعتبر بريطانيا مهددة بالعودة إلى دائرة الأزمة خاصة أن تعرضها لـ”منطقة اليورو” يقوِّض نموها الاقتصادي. وفي اليابان ربما تضيع جهود التعافي من أثار الزلزال الأخير في ظل فشل الحكومات في تطبيق إصلاحات هيكلية في البلاد. وفي غضون ذلك يبدو الخلل واضحاً في نموذج النمو الصيني، حيث بدأت جملة من ردود أفعال تراجع أسعار القطاع العقاري تلقي بآثارها السالبة على المطورين والاستثمار والعائدات الحكومية. كما بدأت وتيرة الطفرة الإنشائية في البطء بعد أن أصبحت الصادرات تشكل عبئاً على النمو ليعود الفضل في ذلك لضعف الطلب الأميركي ومنطقة اليورو على وجه الخصوص. وبسعيهم لتهدئة سوق العقارات عبر احتواء الارتفاع الكبير في الأسعار، تنتظر صانعو القرار في الصين مهمة صعبة لإعادة النمو لسابق عهده. والصين ليست الوحيدة في ذلك، حيث استمرت اليابان وأميركا وأوروبا في تأجيل الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهامة المطلوبة لاستعادة النمو المتوازن والمستدام. وبدأ بالكاد القطاعان العام والخاص في خفض ديونهما في بلدان الاقتصادات المتقدمة، مع أن ميزانيات الأسر والحكومات المحلية والمركزية لا تزال تواجه المصاعب، بينما الشركات المتميزة هي الوحيدة التي أحرزت تقدماً يذكر. لكن وفي ظل استمرار المخاطر وعدم اليقين العالمي التي تنعكس على الطلب النهائي واستمرار فائض السعة الذي يعود لضخامة الاستثمارات في القطاع العقاري في كثير من البلدان والانتعاش الذي شهدته الصين في الاستثمارات الصناعية في السنوات القليلة الماضية، ظلَّ إنفاق رؤوس الأموال والتوظيف في هذه الشركات ضئيلاً. وينتج عن عدم المساواة خفض في الطلب الكلي نظراً إلى ميل ذوي الدخل المحدود والعمال للإنفاق أكثر من الأسر الغنية والشركات. وعلاوة على ذلك، وفي حين نجم عن عدم المساواة عدد من المظاهرات العامة في دول مختلفة حول العالم، إلا أن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي ربما يشكل خطراً إضافياً على الأداء الاقتصادي. وفي نفس الوقت، يظل عدم توازن الحساب الجاري بين الصين وأميركا وبعض بلدان الدول الناشئة وداخل منطقة اليورو بين دولها المحورية والهامشية، كبيراً. ويتطلب تنظيم ذلك، خفض الطلب المحلي في الدول ذات الفائض في الإنفاق. وللإبقاء على النمو ولتحسين الميزان التجاري، تحتاج الدول التي تبالغ في معدلات إنفاقها لخفض حقيقي واسمي في قيمة عملاتها. لكن توقفت عملية التنظيم هذه نتيجة لمقاومة دول الفائض النقدي لعملية الخفض بغرض فرض انكماش ركودي على الدول التي تعاني من العجز النقدي. وقامت حروب العملات في عدد من الأصعدة مثل سعر الصرف الأجنبي وسياسة التيسير النقدي وضوابط تدفقات رؤوس الأموال. وبضعف نمو الاقتصاد العالمي المتوقع في العام 2012، ربما تتطور هذه الحروب إلى حروب تجارية. وختاماً، لم يتبق لصانعي القرار أي خيارات نظراً لفشل سياسة خفض قيمة العملة، حيث ليس من الممكن لكل الدول القيام بذلك وتحسين صادراتها في وقت واحد. ومن الممكن تخفيف السياسة النقدية في وقت أصبح فيه التضخم لا يمثل قضية هامة في الدول المتقدمة، وأقل أهمية في الأسواق الناشئة. لكن السياسة النقدية فقدت فعاليتها في الدول الغنية حيث تنبع المشاكل من الإعسار والجدارة الائتمانية وليست من السيولة. وفي غضون ذلك، تعثرت السياسة المالية بسبب ارتفاع الديون والعجز المالي والقوانين المالية الجديدة في أوروبا. وبينما لم يكن دعم وإنقاذ المؤسسات المالية شائع سياسياً، لا تملك الحكومات التي تقارب الإعسار المال الكافي لذلك. ووجدت الحكومات ذات الاقتصادات الضعيفة صعوبة في تطبيق سياسة التعاون العالمي في حين تتعارض وجهات نظر وأهداف ومصالح الدول الغنية مع الأخرى الناشئة. ونتيجة لذلك، فإن التصدي لعدم توازن الأسهم الذي يشكل الديون الكبيرة للأسر والمؤسسات المالية والحكومات من خلال تغطية مشاكل الإعسار بالتمويل والسيولة، ربما يفسح المجال أمام عمليات إعادة هيكلة مؤلمة وغير منضبطة. وبالمثل، فإن التصدي لعمليات عدم توازن المنافسة والحساب الجاري، تتطلب ضوابط للعملة ربما تقود في النهاية إلى خروج بعض الأعضاء من منظمة اليورو. كما أنه ليس من السهولة إعادة النمو القوي دون أن يطل شبح خفض الديون والنقص الحاد في المخزون السياسي. لكنه ذلك النوع من التحدي الذي من المنتظر أن يواجهه الاقتصاد العالمي الهش وغير المتوازن في العام 2012. نقلاً عن: «إيكونومي واتش» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©