الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تدرس تحرير أسعار منتجات البترول والغاز

مصر تدرس تحرير أسعار منتجات البترول والغاز
24 ديسمبر 2011 21:52
تجري الحكومة المصرية مراجعة شاملة لملف الطاقة بكافة تفاصيله تمهيدا لاتخاذ قرارات استراتيجية بشأنه توقف نزيف الخسائر التي يتعرض لها هذا القطاع بسبب تحميله أعباء استثنائية على مدى الشهور الماضية.وتأتي المراجعة على ضوء واقع متدهور للقطاع واختلال أوضاعه المالية وزيادة مديونياته إلى مستوى غير مسبوق وامكانية عجزه المستقبلي عن الوفاء بالتزاماته تجاه السوق المحلية من مشتقات البترول المدعومة بسبب الزيادة في الاستهلاك وارتفاع فاتورة الدعم. وتضمن التقرير عددا من المؤشرات السلبية التي يعاني منها قطاع البترول المصري وهي المؤشرات التي كشف عن جانب منها الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء حيث يعاني قطاع الطاقة في مصر تضخماً كبيراً في مديونيات الهيئة العامة للبترول للبنوك المحلية والتي تجاوزت حتى الآن 60 مليار جنيه وعدم قدرة الهيئة على الحصول على مزيد من القروض بسبب رفض البنوك مما يهدد قدرة الهيئة على فتح اعتمادات مستندية لاستيراد بعض أنواع المشتقات التي يحتاج إليها المستهلك المصري وفي مقدمتها غاز البوتوجاز المنزلي الذي يشهد أزمة طاحنة رغم طرح 1,4 مليون أسطوانة يومياً في الأسواق وكذلك السولار، الذي يلتهم وحده 45% من فاتورة الدعم التي كسرت حاجز المئة مليار جنيه خلال الأسابيع الماضية رغم أهمية السولار الذي يستخدم في عمليات نقل البضائع وتشغيل أفران الخبز وماكينات الري بالمناطق الريفية وغيرها. وبلغت مستحقات الشركاء الأجانب، من شركات بترول عالمية عاملة في مجال التنقيب والاستكشاف، نحو 4,5 مليار دولار نتيجة توقف الهيئة عن سداد هذه المستحقات حيث تحصل الهيئة على حصة الشركاء من الإنتاج وتضخمها في السوق المحلية مقابل سداد قيمتها نقدا للشركات الأجنبية وبسبب الأزمة المالية التي تعانيها الهيئة منذ شهور تباطأت في سداد هذه المستحقات مما خلق أزمة مع الشركات الأجنبية حيث يهدد بعضها بالانسحاب من السوق المصرية أوبيع حقوق الامتياز الخاصة بها إلى شركات أخرى للهروب من الأزمة المرشحة للتفاقم. كما ارتفع العجز المالي الشهري في الهيئة العامة للبترول إلى نحو 700 مليون دولار تمثل الفرق بين موارد الهيئة والتزاماتها مما يعني تراكم المديونيات ووصول حجم الالتزامات المالية المقومة بالدولار على الهيئة إلى عشرة مليارات دولار خلال فترة وجيزة إذا أضفنا إلى هذا العجز الشهري المبالغ المستحقة للشركاء الأجانب. وهناك أيضاً نمو كبير في حجم استهلاك العديد من المشتقات البترولية بما فيها بنزين السيارات، حيث أكدت أرقام الهيئة أن معدلات الاستهلاك زادت 40% منذ اندلاع الثورة وحتى الآن في كافة أنواع المشتقات. وبلغت الزيادة 65% في السولار وغاز البوتاجاز والبنزين 80، الذي تستخدمه السيارات الشعبية، وأرجعت الهيئة هذا النمو في الاستهلاك إلى عمليات التهريب الواسعة لهذه المشتقات حيث ظهرت عصابات منظمة استغلت حالة الانفلات الأمني في بعض المناطق الحدودية في تجميع كميات هائلة من هذه المنتجات وتهريبها إلى السفن المتواجدة في المياه الإقليمية المصرية على شاطئ المتوسط إلى بعض البلدان المجاورة مثل ليبيا، خاصة أثناء الثورة الليبية ونقص المنتجات البترولية هناك في ذلك الوقت، أو إلى السودان بسبب الارتفاع الكبير في أسعار هذه المنتجات في السوق السودانية. وخلق التهريب أزمة توزيع واختناقاً داخل السوق المحلية وأرهق ميزانية الهيئة بزيادة مخصصات الدعم وتجد الهيئة صعوبة بالغة في الاستمرار على هذا النحو لأن استمرار الاستنزاف المالي لإمكانات الهيئة يصيبها بالشلل على المدى البعيد خاصة في ظل اتساع عمليات التهريب في الفترة الأخيرة. ورغم المطالبات خلال السنوات الأخيرة بضرورة تحرير قطاع الطاقة المصري حتى يستطيع العمل على أسس اقتصادية سليمة وعدم قدرة الحكومات السابقة على الإقدام على هذه الخطوة لأسباب متنوعة بعضها سياسي وبعضها اجتماعي، فإن إعادة النظر في منظومة دعم الطاقة في مصر باتت أمراً حتمياً في ظل توقعات بأن تتجاوز فاتورة الدعم خلال العام المالي الحالي 130 مليار جنيه تقفز إلى 150 مليارا في العام المالي القادم 2012 - 2013. وبدأت الحكومة المراجعة الشاملة لملف الطاقة بشقيه البترول والغاز بهدف إعادة هيكلة الدعم ووقف نزيف خسائر القطاع ومساعدته على التوازن المالي حتى يستطيع الاستمرار في أداء مهامه والوفاء باحتياجات السوق المحلية وضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجاً لاسيما بعد أن أظهرت الأزمة الأخيرة وصول هذه المنتجات بأسعار تعادل عدة أضعاف سعرها الرسمي إلى المستهلك النهائي وخصوصاً الطبقات الفقيرة. وتشمل المراجعة عدة محاور حسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” منها إعادة النظر في عقود تصدير الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل أو الأردن وإسبانيا وفرنسا التي حصلت على حقوق استيراديه للغاز المصري طويلة الأمد قبل عدة سنوات عندما عرضت هيئة البترول بيع هذه الحقوق مقابل الحصول على أموال فورية وهو الإجراء الذي تعرض لانتقاد شديد سياسيا واقتصاديا في ذلك الحين باعتباره إهداراً لحقوق الأجيال القادمة وتثبيتاً لأسعار منتجات هي بطبيعتها غير قابلة للتثبيت لارتباطها بحركة الأحداث العالمية. وتسعى الحكومة المصرية الحالية إلى تحرير تدريجي لأسعار المنتجات وفق جدول زمني يبدأ بأسعار الطاقة التي تحصل عليها المصانع الكثيفة الاستخدام للطاقة ومنها مصانع الحديد والإسمنت والسيراميك والأسمدة وغيرها، بحيث تعادل هذه الأسعار مستوى الأسعار العالمية في غضون عامين. وعلى محور الاستهلاك المنزلي، تتضمن الخطة مجموعة من الاقتراحات تشمل إعادة النظر في آليات التوزيع ومعدل الدعم المخصص لكل منتج وربط الدعم بالحصص أي أن يكون هناك سقف مالي لدعم كل منتج على حدة كما تتضمن رفعاً تدريجياً لأسعار بعض المنتجات للحد من استهلاكها أو مواجهة عمليات تهريبها ومنها بعض أنواع البنزين. وتستهدف خطة المراجعة توفير 50 مليار جنيه من دعم الطاقة سنوياً والعمل على سرعة الوفاء بالتزامات الشركاء الأجانب لضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة المصري خلال السنوات المقبلة بعد استقرار الأوضاع السياسية بالبلاد وكذلك مساعدة الهيئة على الوصول إلى التوازن المالي الذي يضمن لها الاستمرار في مهامها.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©