الابتكارات الإدارية·· وليدة فكر وعمل

لم يتم إنشاء معظم الشركات لتكون قادرة على الابتكار بقدر ما يجب عليها أن تنفذ ما يناط إليها من أعمال بأقصى سرعة وبأقل قدر ممكن من الأخطاء أما أداء الأعمال بطريقة مختلفة وهنا يكمن جوهر عملية الابتكار فأمر مخالف لطبيعتها· ويتساءل البروفيسور جاري هامبل أحد أبرز العقول المدبرة في الإدارة في مقاله في صحيفة '' الفاينانشيال تايمز'' اللندنية عن عدم اهتمام معظم المديرين بالأبحاث المتعلقة بالإدارة موضحاً أن الأمر يعود إلى عدة أسباب جعلت من صف المديرين ينقسم إلى عدة أقسام كل حسب ما يراه حيث يعتقد بعض منهم أن أهم شيء في الإدارة هو حسن الإدراك وأن القيام بالدراسات ما هو إلا مضيعة للوقت في حيث يرى آخرون أن ما يتم طرحه من أبحاث ونظريات هي اجتهادات غير مفهومة حتى بالنسبة للمتخصصين بينما توضح أقلية أن على المديرين الحصول على تراخيص تسمح لهم بتولي هذه المناصب التي يفرض عليهم امتلاك المعرفة العميقة والقدرات الفذة لمواكبة آخر الأبحاث والوسائل المعرفية التي تعينهم وإلا سيتعرض غير الكفء منهم للاستغناء عن خدماته· والخلاصة التي توصل إليها هامبل من خلال خبرته العريضة في هذا المجال أن معظم المديرين يعملون وفق الظروف السائدة في الشركة وغياب الحافز لاكتشاف الجديد من الوسائل التي تخدم العمل حتى وإن تم العثور على أفكار رائعة فإن فرصة تطبيقها تبدو ضئيلة جداً· إن الابتكار في مجال الإدارة يمثل بيئة تنافسية قوية بين الشركات فقد نجحت شركات ''جنرال إلكتريك'' و''تويوتا'' وغيرها في تبوؤ مراكز متقدمة كل في مجاله بسبب قدرتهم على انتهاج أسلوب إداري يختلف جذرياً عما هو سائد واستغلال رائع لقدرات موظفيهم ومن هنا تبين أن الشركات التي ترحب بالأفكار الإدارية الجديدة أفضل أداء من الشركات الأخرى ذات النظرة المحدودة كما رأى هامبل أن الابتكارات الإدارية البارزة ناجمة في العادة عن تعاون بين مهني طموح ومفكر مبدع هذا التعاون الذي يترجم على شكل تجارب مبتكرة على أرض الواقع· ومن هذا المنطلق يدعو المقال لأن تعيد الشركات وكليات إدارة الأعمال العلاقة بينهما حيث إنه من الريادة أن تجرى دراسات إدارية واقعية بعيداً عن تلك المرتبطة بمعلومات قديمة لا تخدم واقع العمل بأي حال من الأحوال حيث تزيد فرصة ابتكار الموظف كلما عمل مع مفكرين ذوي دراية أكاديمية معرفية· وبالنظر إلى فكرة أن يحصل المدير على ترخيص لتولي منصب '' مدير'' فإنها لاقت جدلاً كبيراً بين أوساط المهنيين والمفكرين ويرى المؤيدون أن الاعتراف بالإدارة كمهنة مثلها مثل الطب سيساعد على تعزيز مستوى الكفاءة والعمل·