السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ويكيليكس» وتسريبات «الشراكة عبر الهادي»

24 ديسمبر 2013 21:52
وليم بيسيك محلل سياسي أميركي غالباً ما يغيـب عن ذهن المسؤوليـن الأميركيين من هو المسؤول عن دفع مصالح الولايات المتحدة في آسيا. وقد كانت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية جون كيري إلى فيتنام مثالًا حياً لهذا الأمر، حيث ناشد «كيري» الحكومة للتصديق على اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي. وفي الكلمة التي ألقاها مطلع الأسبوع الحالي، قال «كيري»: إن اتفاق التجارة الذي تقوده الولايات المتحدة سيحقق «الشفافية» و«المسؤولية» للدولة، إلى جانب مساعدتها لتصبح مجتمعاً أكثر انفتاحاً يدعم حرية التعبير. وقد دار النقاش المؤيد للشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي كما يلي: تلك هي اللحظة التي كان ينتظرها الإصلاحيون في آسيا. إنها فرصة بالنسبة لليابان، لكي تحصل على مصالح راسخة، وبالنسبة لماليزيا للقضاء على سياسات مؤكدة لكبت فرص النمو، ولفيتنام لكبح تضخم المشروعات المملوكة للدولة ولسنغافورة لتحفيز الابتكار. يجب التفكير في أن اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي يعتبر بمثابة حصان طروادة الاقتصادي- ووسيلة لإحداث تغيير كبير في الأنظمة السياسية الراكدة. ورغم ذلك، فإن ندرة التفاصيل المتاحة حول المعاهدة، هي بالضبط السبب الذي يجعل آسيا تفضل عدم المشاركة في أكثر اتفاقيات التجارة الحرة طموحاً في تاريخ الولايات المتحدة. وقد شكا النواب الأميركيون، وكذلك جماعات الحريات المدنية لبعض الوقت من حالة التعتيم التي تحيط بشروط الاتفاق. وقد تحول التذمر البسيط إلى غضب خلال الشهر الماضي عندما قامت «ويكيليكس» بما رفض أوباما والبيت الأبيض القيام به، ألا وهو إطلاع العامة على أجزاء من الوثيقة. وساهمت نسخة الفصل الخاص بحقوق الملكية الفكرية التي أعدها جوليان أسانج في التأكد من صحة أسوأ المخاوف- وهي أن اتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي ما هو إلا إحكام السيطرة على المصالح الخاصة. وبدلاً من الإصغاء إلى الاحتجاجات، ضاعفت الولايات المتحدة من السرية المحيطة بتفاصيله، رافضة الإفصاح عن المزيد من التفاصيل. ألم تتساءل الولايات المتحدة عن أسباب تجنب العديد من أكثر الديمقراطيات الواعدة بشرق آسيا هذا الاتفاق؟ والعذر الشائع عن أسباب عدم انضمام كل من إندونيسيا والفلبين وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند بعد إلى اتفاق الشراكة التجاري، الذي يضم 12 كيانًا اقتصادياً هو أن هذه الدول غير مستعدة، أو تتخوف من الإقدام على هذه الخطوة. والتفسير الأفضل هو أن قادة هذه الدول يدركون أن الحكومات التي تتصف حقاً بالشفافية والمسؤولية لا يجب أن تقود شعوبها إلى المجهول. ولنأخذ اليابان على سبيل المثال، التي قامت مؤخراً بتحويل مشاريع قوانين سرية خاصة بالحكومة إلى قوانين من دون مناقشتها بصورة عامة، حتى وإنْ كان معظم اليابانيين يعارضونها. وكان السبب الظاهري لهذه الخطوة من قبل رئيس الوزراء «شينزو آبي» هو ضمان تقاسم المعلومات الاستخباراتية السرية مع الولايات المتحدة في عالم ما بعد إدوارد سنودن. «إن غموض التصرفات السرية يعكس الفكرة الرئيسية لنظام الحكم في اليابان، وهو «أنا أعمل من أجل الحكومة، لذلك فأنا أعرف أكثر منك، وعليه فعليك القيام بما أمليه عليك،» حسبما يقول كولين جونز، الباحث القانوني في كلية «دوشيشا»، للقانون في «كيوتو»، اليابان. هذا، باختصار، ما يفسر نقاش إدارة أوباما فيما يتعلق باتفاق التجارة عبر المحيط الهادي: لا تقلق، نحن ندرك ما نفعله، وكل شيء سيكون على ما يرام. والمشكلة، أن ذلك يشكل طلباً للحصول على الثقة، مع عدم وجود فرصة للتحقق. أنت تعلم أن لديك مشكلة تتعلق بالشفافية عندما يحتاج مواطنو دولة ديمقراطية إلى الاعتماد على «ويكيليكس» للحصول على تفاصيل بشأن تغييرات في قوانين استخدام الإنترنت، وقوانين العمل، ومعايير البيئة وسلامة الغذاء، إلى جانب تكلفة وتوافر الدواء. فلماذا إذا تتصرف إدارة أوباما، كما لو كانت تدير دولة مغلقة من دول الحزب الشيوعي؟ والإجابة الوحيدة هي: للتحايل على العملية التشريعية. ومن جانبه، قال «أسانج» الشهر الماضي: «إذا كنت تقرأ أوتكتب أوتفكر أوتنصت، أوترقص أوتغني أو تبتكر، إذا كنت تزرع أو تستهلك الغذاء، إذا كنت مريضاً حالياً أو احتمال أن تمرض يوماً ما، فإن اتفاق التجارة عبر المحيط الهادي سيهتم بك.» وإذا بدأ هذا الاتفاق «فسيسحق الحقوق الفردية، وحرية التعبير بالإضافة إلى احتقار حقوق الفكر والإبداع». يتعين على الحكومات الآسيوية رفض هذا الاتفاق، إلا إذا تمكنت من إبلاغ شعوبها بحقيقته، وكيف سيؤثر على حياتهم. وبفضل «أسانج»، نحن نعرف الآن أن الولايات المتحدة تريد الدول الموقعة أن تقوم بتغييرات واضحة من شأنها رفع تكاليف الغذاء والرعاية الصحية في الدول النامية، ومن بين هذه التغييرات زيادة أسعار علاج فيروس نقص المناعة (الإيدز) والملاريا وغيرها من الأمراض. هل هذا هو التقدم؟ في الشهر الماضي، قام 151 نائبا ديمقراطياً (حزب أوباما) في مجلس النواب بإرسال خطاب إلى البيت الأبيض يعبر عن معارضتهم لمنحه سلطة التفاوض على المسار السريع بشأن الاتفاقيات التجارية. لماذا يرى مسؤولون من شركات «جونسون آند جونسون» و«سيسكو سيستمز» و«جنرال الكتريك» تفاصيل لا يراها المشرعون المتشككون أمثال «اليزابيث وارين» و«آلان جريسون»؟ ماذا سيفعل مؤسسو أميركا بهذه العملية؟ ينبغي على الحكومات الآسيوية عقد جلسات استماع، وتشجيع النقاش العام، والسماح للمشرعين برؤية والتصويت على برنامج الشراكة عبر المحيط الهادي بناء على الكشف بالكامل عن شروط الاتفاق. وإذا لم يتمكنوا من القيام بذلك، فإن الآسيويين عليهم رفض مثل هذا الاتفاق. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©