السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا... ثغرات تضعف موقف المعارضة

24 ديسمبر 2013 21:52
لوكان واي أستاذ مساعد للعلوم السياسية في جامعة «تورنتو» الكندية مستوى التنظيم الذاتي التلقائي في العاصمة الأوكرانية كييف ملحوظ بالفعل. فالمحتجون أقل عنفاً بكثير من بعض الاحتجاجـات في العالم منها الاحتجاجات ضد قمة مجموعة العشرين في تورنتو عام 2010. وفي الوقت نفسه، فالرئيس الأوكراني الحالي «فيكتور يانوكوفيتش» ضعيف، فقد انهار الدعم الذي يحظى به لدرجة تدفع إلى توقع فوز أي مرشح من المعارضة عليه في انتخابات محتملة. والدعم الذي يحظى به يانوكوفيتش من الأقلية الثرية صاحبة النفوذ ضعيف أيضاً وهذا واضح في التغطية المتوازنة نسبياً في قنوات التليفزيون. فأثناء الثورة «البرتقالية» عام 2004 لم تكن هناك إلا قناة واحدة فقط تقدم المحتجين بصورة إيجابية. الآن هناك الكثير من القنوات في صف المحتجين مما يوحي بأن الأقلية الثرية صاحبة النفوذ تتردد في تأييد «يانوكوفيتش». ورغم هذا، فإن تحليلي المتأني للوضع في أوكرانيا، يرشدني إلى أن «يانوكوفيتش» مازال يتمتع بوضع مميز رغم تقارير عن الزخم الذي تكتسبه المعارضة. و»يانوكوفيتش» يتمتع بهذه الميزة حتى عام 2015 للأسباب التالية: أولاً: تفتقر المعارضة لسياسي مقنع يحظى بقبول شعبي كبير يستطيع بوضوح أن يضطلع بزعامة الحركة الاحتجاجية. فقبل عشر سنوات كان لـ»فيكتور يوشينكو» حضور كبير في عامي 2002 و2003 واقنع زعماء المعارضة بدعمه في الانتخابات الرئاسية لعام 2004 مما مهد الساحة للثورة البرتقالية. ففي عام 2004، نزل ملايين الأوكرانيين إلى الشوارع في «الثورة البرتقالية» التي بدأت باحتجاجات ضد الانتخابات التي اعتقد كثيرون أنها مزورة لمصلحة يانوكوفيتش. وبعد جولة إعادة أشرف عليها مراقبون دوليون فاز منافسه «يوشينكو» بمنصب الرئاسة. ولا يوجد زعيم في الوقت الحالي مثل يوشينكو. فيوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء السابقة معتقلة بعد فوز «يانوكوفيتش» بانتخابات عام 2010 بسبب اتهامات يعتقد أنصارها أن دوافعها سياسية. والزعيم المعارض البارز الآخر وهو بطل الملاكمة العالمي من الوزن الثقيل «فيتالي كليتشكو» يفتقر إلى الخبرة السياسية، رغم صعود نجمه في الاحتجاجات ليصبح قوة جذب في ميدان الاستقلال. ثانياً: المجتمع المدني يمثل شرطي حركة سير رائع، لكن ليس له فضل كبير في حشد الجماهير. فقد أنجزت المعارضة والمجتمع المدني عملاً رائعاً في توفير الطعام والإمدادات الداعمة للمحتجين، لكن مسحاً للمحتجين أجرته «منظمة المبادرات الديمقراطية»، يشير إلى أن 90 في المئة كاملة من المحتجين جاؤوا إلى كييف بمبادرة منهم ونتيجة لهذا فمن غير الواضح، إذا ما كان لأي أحد سيطرة على الحشود الموجودة في ميدان الاستقلال بوسط العاصمة الأوكرانية، ومن ثم القدرة على استمرار الاحتجاجات. ثالثاً: الجرذان لن تقفز من السفينة الغارقة إلا إذا وجدت قارباً آخر تنجو فيه، وباختصار، فهذا يعني أنه لا توجد قوة قادرة على الصمود يلجأ إليها سياسيو حزب الأقاليم الحاكم رغم افتقار «يانوكوفيتش» للدعم. فالتاريخ يشير إلى أن الأنظمة الاستبدادية تستطيع أن تعيش لوقت طويل إذا كانت المعارضة أكثر تشظياً. رابعاً: «يانوكوفيتش» منتخب ديمقراطياً فأحياناً ينسى البعض أنه جاء إلى السلطة بانتخابات نزيهة نسبياً، وقد كان في المعارضة عام 2010. وهذا يضع المعارضة الحالية في موقف أضعف بكثير، عما كانت عليه عام 2004. والأهم من هذا أن المعارضة ليس لديها أساس منطقي قانوني واضح بشأن إجراء انتخابات مبكرة، وهذا يضع في المقابل أطرافاً من الغرب في وضع ضعيف نوعاً ما عند النظر للمعارضة و«يانوكوفيتش» قبل عشر سنوات. خامساً: لا توجد أغلبية واضحة تؤيد الاتحاد الأوروبي في أوكرانيا. وتشير أحدث الاستطلاعات الموثوق بها أن نحو 40 في المئة من الأوكرانيين يؤيدون الاتحاد الأوروبي وأن 30 في المئة منهم يؤيدون الاتحاد الجمركي الذي ترعاه روسيا، وهو تفوق للدعم الذي يحظى به الاتحاد الأوروبي لكنه ليس أغلبية واضحة. وفي غمرة الصراع المحتدم، تقدم موسكو طائفة كبيرة من صفقات الترغيب، والترهيب بينما تؤكد أوروبا أنه يجب على أوكرانيا أن تتفاوض من أجل التوصل إلى صفقة مساعدات مالية مع صندوق النقد الدولي تتضمن اتباع إجراءات تقشف صارمة. وكان بوتين قد قدم لـ«يانوكوفيتش» أثناء زيارته لموسكو في الآونة الأخيرة صفقة مساعدات تضمن قرضا قيمته 15 مليار دولار وتقليص كبير في أسعار الغاز لمساعدة أوكرانيا على تفادي ما يخشى كثيرون، أن يكون انهياراً مالياً وشيكاً. ويخشى المعارضون أن يتخذ «يانوكوفيتش» الخطوات الأولى نحو الانضمام لاتحاد جمركي يضم أيضاً روسيا البيضاء وكازاخستان، إذ يعتبرونها محاولة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإعادة تأسيس الاتحاد السوفييتي. سادساً: الاحتجاجات لا يمكن أن تستمر للأبد، فقد خرج المحتجون خرجوا إلى الشوارع أساساً بسبب خطأ استراتيجي ارتكبه «يانوكوفيتش» عندما حاول فض الاحتجاج باستخدام العنف. لكن من حيث المبدأ لا يوجد شيء يمنع «يانوكوفيتش» من أن يجلس من دون أن يحرك ساكناً، ولا يتنازل عن أي شيء جوهري حتى تتلاشى الاحتجاجات من نفسها. والآن يبدو من المستحيل تخيل حدوث هذا، لكن حالات مقارنة تشير إلى أن الاحتجاجات قد تضعف إذا لم يتم استفزاز المحتجين أو أن يكونوا قادرين على تحقيق مكاسب واضحة، ولتتذكروا صربيا بين عامي 1996 و1997 وإيران عام 2009. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©