السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«آي باد» في مسرح أم القيوين.. انتقالات متوازنة بين الحداثة والتراث

«آي باد» في مسرح أم القيوين.. انتقالات متوازنة بين الحداثة والتراث
25 ديسمبر 2011 01:37
تواصلت مساء أمس الأول بقصر الثقافة بالشارقة ولليوم الثاني على التوالي عروض الدورة السابعة من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل والذي بات يحظى بتواصل جماهيري حاشد منذ انطلاقته قبل عدة سنوات، ليؤكد في كل دورة جديدة على توافر رصيد ومخزون من الوعي المتراكم لدى صناع الحدث ولدى المتلقين له على السواء، خصوصا وأن الجمهور الأغلب والمتركز في شريحة الأطفال أصبح يعيش طقس المشاهدة المسرحية التي تنفرد وتتميز عن كل وسائل الفرجة الأخرى بجمعها بين التواصل الحي مع الخشبة، وبين التفاعل البصري والذهني مع تدفق الأداء الجسدي وتنوعه وعزفه على وترين مهمين لخلق إيقاع مسرحي يوازن بين الشكل والمحتوى، وبين المعنى والمبنى في فضاء الخشبة وفي صالة المسرح أيضاً. العرض الذي قدمه المهرجان مساء أمس الأول حمل عنوان “آي باد” وهو إشارة إلى وسيط إلكتروني وتفاعلي بات منتشرا بين شرائح المجتمع المختلفة وبات ملاصقا لوتيرة الحياة المتسارعة. عرض “آي باد” قدمته فرقة مسرح أم القيوين الوطني وهو من تأليف جاسم الخراز وإخراج عيسى كايد، وشارك في تنفيذه وتجسيده على الخشبة عدد من الفنانين الشبان هم : عمر الملا في دور : حمد، وحسين سعيد سالم في دور : عبيد، وصلاح القيواني في دور : البائع، بالإضافة إلى الفنانة المخضرمة أشواق في دور الأم، والفنان المعروف سالم القرص في دور فرحان، كما شارك في العرض مجموعة من الشباب الذين قدموا لوحات تراثية بأداء موفق ومتناسب مع أجواء العرض ومضامينه. وكان واضحا من كلمة المشرف العام على العمل : الفنان سعيد سالم والتي ذكرها في كتيب العرض، أن هناك اهتماما ملحوظا بتقديم مسرح رصين وموجه بدقة وانتباه نحو قضايا تهم طفل اليوم وتخاطب انشغالاته الحقيقية والمعاشة، حيث يدعو سعيد سالم في كلمته إلى عدم المتاجرة بمسرح الطفل لأن عالمه مفعم بالبراءة والجمال، ولا يجوز تشويه هذا العالم واستغلاله. وكان كتيب العرض ذاته وبطريقة إخراجه جزءا مكملا لعناصر المسرحية حتى قبل أن تبدأ، لأنه حمل ملامح العرض وهيأ “الطفل المتفرج” نفسيا، وأشركه مبكرا في اللعبة المسرحية المنتظرة. فمن خلال ديكور موح ومتشابك مع فضاء العرض نرى الشاب حمد “عمر الملا” في مستهل الحكاية التي ترويها المسرحية وهو يحمل صفات سلبية مثل : الإهمال والكسل وعدم الاهتمام بترتيب غرفته التي يغلب عليها الفوضى، كما نراه وهو يجادل والدته ويصر على الحصول على جهاز “الآي باد” وما يحتويه من ألعاب مدهشة يستطيع التعامل معها والدخول والاشتباك مع عوالمها وتحدياتها المثيرة بكبسة زر، ولكن الأم ترفض شراء الجهاز لأنه ليست هناك أية بوادر مشجعة من حمد يمكن له من خلالها أن يكافأ بشراء هذا الجهاز المتطور. ومن خلال انتقال سلس ورشيق بين الزمن الراهن والزمن القديم والمتخيل، وهو انتقال عززته الديكورات المرنة والإضاءة الموفقة والمؤثرات السمعية المناسبة، نرى حمد وهو يرتحل إلى منطقة حلمية يتناغم فيها الواقع مع الخيال ويتجانس فيها ما هو ملموس مع ما هو مستعاد من زمن جميل ومفتقد في ذات الوقت، يقتني حمد جهاز “الآي باد” من أحد الباعة ويشرع في استخدامه دون أن يقرأ التعليمات المرفقة مع الجهاز، وبدلا من أن يستخدم أيقونة الألعاب، يضغط على أيقونة أخرى تحمل عنوان “التراث”، وفجأة يجد نفسه محاطا بتفاصيل الماضي من منازل وأزياء وفرجان وسكيك وشباب يمارسون ألعابا تراثية لم يصادفها من قبل، ويكتشف من خلال تواصله مع هؤلاء الشبان أن ألعابهم تعتمد على الجهد البدني وحسن التصرف والذكاء، على عكس الألعاب التكنولوجية الحديثة التي تشجع على الكسل والاسترخاء الجسدي، ويكتشف حمد وجود قيم وعادات أصيلة ومفتقدة في حياته، وعندما يستيقظ من حلمه يعيد إحياء هذه القيم والعادات في سلوكه اليومي، ويقرر اختراع لعبة إلكترونية جديدة تجمع بين الحداثة والتراث، وتوائم بين الجهد الجسدي والحركة وبين التواصل الذهني مع اللعبة حسب الأنماط الحالية المتطورة، لأن هيمنة التكنولوجيا وظواهر الحياة العصرية، لا يعني بالضرورة إهمال ذاكرة المكان وطمس ملامحه ونسيان المنجزات التي قدمها الآباء في أزمنة صعبة ومتوفرة في الوقت ذاته على قدر كبير من المحبة والتواصل والشراكة الاجتماعية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©