الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة العاملة.. بين ضغوط الوظيفة ومتطلبات الحياة الأسرية

المرأة العاملة.. بين ضغوط الوظيفة ومتطلبات الحياة الأسرية
14 ديسمبر 2012
في دراسة ألمانية حديثة، قامت إحدى الهيئات باستفتاء آلاف من البنين والبنات في سنّ 15-14 سنة حول عمل المرأة، وكانت إجاباتهم: %84 يأملون في تكوين أسرة، وفضلت %65 من الفتيات عدم العمل، يأتي ذلك في الوقت الذي تؤكد البحوث والدراسات النفسية والاجتماعية كافة أن العمل يجعل المرأة أكثر قوة، ويمنحها الإحساس الذاتي بأنها أكثر قيمة في مختلف النواحي النفسية والمعنوية، وأن العمل المستقر يشعر المرأة بأنها تحقق ذاتها، ويزيل كثيراً من المشاعر السلبية لديها، كأن تشعر بأنها لا تزال ذلك الكائن الضعيف ذات القدرات المحدودة. لعل من أهم العوامل المؤثرة في كفاءة واكتمال وفعالية دور المرأة العاملة في أي ميدان من ميادين العمل والإنتاج، يتمثل في الشعور بالظلم الاجتماعي، والنظرة الضيقة لدورها ومساهماتها، ومعاناتها، وعدم الحصول على حقوقها المهنية والوظيفية والاجتماعية، إضافة إلى نقص فرصها في المكافآت أو التشجيع. ولعل السلبيات المقترنة بعمل المرأة من الناحية النفسية تتعلق بمدى مناسبة العمل لشخصية المرأة، وقدراتها، ومهاراتها، وطبيعتها، وخصائصها البدنية والنفسية، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه، فالعمل الروتيني الممل أو العمل القاسي الصعب يسبب كثيراً من المشكلات السلبية على صحة المرأة النفسية واستقرارها النفسي، حيث يقول الدكتور محمود رشاد، استشاري الصحة النفسية:” في بلادنا لا تزال القيم الاجتماعية المرتبطة بعمل المرأة غير إيجابية عموماً، وفي ذلك تناقض كبير مع الواقع المعاش. حيث إن المرأة قد انخرطت فعلياً في ميادين العمل المتنوعة والضرورية، ولكن القيم الغالبة لا تزال تثمن عمل المرأة داخل البيت فقط. ويمكن لهذه الضغوط الاجتماعية أن تلعب دوراً سلبياً في الصحة النفسية للمرأة العاملة. والعمل المنزلي له أهميته الكبيرة ولا شك في ذلك. لكن الحياة المعاصرة بتعقيداتها المختلفة وتطوراتها ومتطلباتها قد ساهمت بتغير الصورة. وظهرت العديد من الأعمال الضرورية والأساسية، والتي تتطلب العمل خارج المنزل، مثل الخدمات الطبية والتعليمية والأعمال التجارية والمؤسسات الخاصة بشؤون المرأة المتنوعة، وغير ذلك في حياة المدينة الحديثة. كما أن المرأة لم تنقطع عن العمل خارج المنزل بل استمرت فيه في البيئات القروية والصحراوية، وفي أعمال الزراعة وتربية المواشي والأعمال الإنتاجية الأخرى المساندة. جوانب إيجابية ولابد من تعديل القيم السلبية المرتبطة بعمل المرأة، وتأكيد أهميته وجوانبه الإيجابية، وعدم إطلاق التعميمات الخاطئة أو السطحية حول عمل المرأة، مما يساهم في تخفيف الضغوط والتناقضات التي تواجهها المرأة في عملها، وبالتالي يدعم صحتها النفسية. ومن السلبيات الأخرى المرتبطة بعمل المرأة زيادة المسؤوليات الملقاة على عاتقها في المنزل، إضافة إلى العمل، وعدم كفاية التسهيلات العملية المساعدة، مثل دور الحضانة في أماكن العمل، وإجازات الأمومة، وغير ذلك. تناقض القيم تضيف الاختصاصية النفسية سون الحلاوي: بعض النساء لا يزلن يحملن قيماً متناقضة حول أهمية العمل وجدواه، مما يجعل حماس المرأة ونشاطها وجديتها في عملها هشاً وضعيفاً، في مواجهة الضغوط الاعتيادية في العمل أو المنزل. فهي تتراجع بسهولة أمام الضغوط والعقبات والإحباطات، ولا تستطيع أن تتحمل درجات عادية من التوتر القلق والتوتر. كما أن بعضهن يدخلن ميادين العمل بسبب التسلية أو التغيير، مما يعطي أبعاداً سلبية لعمل المرأة بالنسبة للمجتمع عموماً. ومن جهة أخرى فإننا نجد أن المرأة العاملة لديها قلق إضافي حول مدى نجاحها في عملها، وفي أدوارها الأخرى المسؤولة عنها. ويرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة خارج البيت، وإلى الضغوط والمعوقات الاجتماعية المختلفة، إضافة إلى تركيبة المرأة الخاصة من حيث تأهيلها وتدريبها، مما يتطلب إعداداً وتدريباً ووقتاً كافياً كي تستطيع المرأة تلبية متطلبات الحياة العملية الكثيرة”. وتكمل:” إن الملاحظة الأخيرة فيما يتعلق بصحة المرأة العاملة من الناحية النفسية هي أن المرأة يمكن لها أن تضخم من تأثير الضغوط الحياتية والاجتماعية، وغيرها، وأن تبقى مستسلمة وسلبية في مجال عملها، وما يتعلق به من مشكلات. وهي بذلك تساهم في زيادة القهر الذي يكرس أوضاعها. ولا بد هنا من تأكيد دور المرأة في تشكيل الظروف والضغوط ونوعيتها. وفي ضرورة وعيها بمشكلاتها وظروفها، والعمل على تعديل وإصلاح ما يمكن إصلاحه، والتكيف مع ما لا يمكن إصلاحه وتغييره”. الاضطرابات النفسية ويشير الدكتور حسن المالح، استشاري الصحة النفسية، إلى الاضطرابات النفسية الشائعة لدى المرأة العاملة، ويقول:” لا يمكننا أن نقول إن هناك اضطرابات خاصة تصيب هذه الفئة من النساء من دون غيرهن، وبشكل عام فإن العمل يساهم في تحسن الصحة النفسية للمرأة، كما تدل عليه معظم الدراسات الغربية، وعدد من الدراسات العربية، نظراً لإيجابيات العمل المتعلقة بالاستقلالية وتحقيق الذات، وازدياد السيطرة على الحياة والمستقبل من النواحي الاقتصادية والشخصية، ومن المتوقع في مجتمعاتنا أن الضغوط المتعددة التي تواجهها المرأة من النواحي الاجتماعية، وتناقض النظرة إلى عملها، أن تتسبب في زيادة القلق والتوتر والإحباط وسوء التكيف واضطراباته. وتعد المشكلات الزوجية من المشكلات الشائعة لدى المرأة العاملة، وبعض هذه المشكلات يتعلق بعدم وضوح الأدوار والمسؤوليات التي يقوم بها كلا الزوجين. وربما يرجع ذلك إلى حداثة عمل المرأة في مجتمعاتنا، وعدم وجود تقاليد خاصة تنظم وتحدد مشاركة الزوجين في أمورهم الحياتية من حيث المشاركة والتعاون في الأمور المالية وشؤون المنزل ورعاية الأطفال، وغير ذلك، مما يتصل بتفاصيل الحياة اليومية المشتركة. ويتطلب ذلك مزيداً من الحوار والتفاهم بين الزوجين للوصول إلى حلول مشتركة مناسبة تتوافق مع الحياة العملية”. ويضيف: عمل المرأة في بعض المهن التي لاتزال تعاني تدني نظرة المجتمع أو يقف منها العامة موقفاً سلبياً لاعتبارات اجتماعية عديدة، مثل التمريض أوالتمثيل وغيرهما. يمكن لضغوط العمل نفسه، إلى جانب الضغوط الاجتماعية، أن تسبب ظهور اضطرابات عديدة لدى المرأة العاملة، كعدم الرضا، والقلق والاكتئاب، وسوء التكيف، وسوء التوافق، وغيرها، ومن ثم تؤدي إلى الارتباك والخجل وضعف الأداء من جراء ذلك الرهاب الاجتماعي الذي نجده لدى عدد كبير من النساء العاملات في مجالات عديدة”. الخبرات و المهارات ويرى أن هناك حالات أخرى تتمثل في أن المرأة أحياناً تجد صعوبات في اتخاذ القرارات المناسبة، أو تعجز عن الاعتماد على النفس. وتسبب لها بعض المواقف المهنية التي تتطلب قرارات عملية معينة قلقاً شديداً واضطراباً لأن تلك المواقف المرتبطة بالحياة العملية لم تتعود أن تتصرف فيها بنفسها، وهذا يعني أن العمل خارج المنزل يمكن أن يبرز عدداً من النواقص الذاتية، تتمثل في نقص المهارات والخبرات التي لم تكتسبها في السابق، ولم تتدرب عليها بشكل مناسب، وهذا يجعل المرأة أكثر عرضة للمتاعب النفسية، ومن ثم تصبح في حاجة ماسة إلى العمل على اكتساب المهارات والخبرات الاجتماعية، وهو ما يتاح لها من خلال العمل، ومن ثم فإن العمل يجعلها أكثر قوة ويمنحها الإحساس الذاتي بأنها أكثر قيمة في مختلف النواحي النفسية والمعنوية. مليون حالة طلاق في العالم أوضحت الاستقصاءات التي أجريت مؤخراً على النساء العاملات في أوروبا وأميركا وكندا واليابان أن نسبة كبيرة منهن “تفوق نسبة %65”، يفضلن البقاء في المنزل من أجل تربية الأطفال، وأشارت الإحصاءات الدولية إلى أن انخراط المرأة في العمل لمدة أو ساعة خارج المنزل تسبب في مليون حالة طلاق في العالم، منها في الغرب. وفي فرنسا أجرت مجلة “ماري كير” استفتاءً للفتيات الفرنسيات من جميع الأعمار والمستويات الاجتماعية والثقافية، وكان عنوان الاستفتاء “وداعاً عصر الحرية وأهلاً عصر الحريم”، وشمل الاستفتاء 2.5 مليون فتاة في مجالات العمل، وفي بيوت الزوجية، وكانت النتيجة أن%90 من النساء يفضلن البقاء في المنزل، وعدم الخروج للعمل، وقلن: لقد مللنا المساواة مع الرجل، ومللنا حياة التوتر ليل نهار، والاستيقاظ عند الفجر للجري وراء المترو، ومللنا الحياة الزوجية التي لا يرى الزوج فيها زوجته إلا عند النوم، ولا ترى فيها الأم أطفالها إلا على مائدة الطعام.
المصدر: الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©