حيروني·· فخيروني !

يقال: إن حمى ''الرجيم'' والحمية والتخسيس تجتاح العالم منذ بداية العقدين الأخيرين أكثر من أي وقت مضى بسبب عولمة ''الجمال''، والانفتاح الكوني غير المسبوق، لذلك انتشرت هذه الحمى انتشار فيروس الانفلونزا، ولعل صرعات أغاني الفيديو كليب، ونجمات الفن والغناء نحو تعديل وإبراز وإظهار جمالهن لم يعد سراً، بل لم يعد عيباً، وأصبحت عمليات وجراحات التجميل نوعاً من ''الوجاهة الاجتماعية''· سبحان الله·· تعديل خلقة الله التي خلقنا فيها ''في أحسن تقويم'' أصبحت نوعاً من الوجاهة والتفاخر والتباهي، وأصبحت البرامج التليفزيونية التي تتناول صناعة التجميل وجراحته، نافذة جيدة لإثراء هذه القنوات من خلال الإعلانات والاتصالات التي لا تتوقف· ما يجب التوقف عنده قليلاً، مدى التضارب والتباين في آراء خبراء جراحات التجميل فيما يتعلق بمخاطرها، وتقنياتها، كما هو الحال في فوضى الإفتاءات الفقهية التي تجتاح الفضائيات أيضاً من باب ''التجارة والبيزنس'' أيضاً· في إحدى القنوات الفضائية، أطل أستاذ جراحة وخبير تجميل شهير في إحدى الجامعات المرموقة وأشار إلى أن إجمالي عدد أطباء جراحة التجميل في العالم كله لا يتجاوز أحد عشر ألف طبيب فقط، وأن هذا النوع من الجراحة يكلف العالم حوالي 140 مليار دولار سنوياً، وأن جراحات التجميل في العالم العربي الأكثر انتشاراً تتمثل في عمليات تصغير الأنف والبطن والأرداف، وزيادة أحجام الصدر والوجنتين، إلى جانب عمليات تقويم الأسنان، وزرع الشعر ''بالنسبة للرجال''، والغريب أن الأستاذ الماهر أصر أن يؤكد أن الرياضة والريجيم فقط لا يؤديان إلى إنقاص الوزن، بل قال: ''إن ذلك أكذوبة كبرى، ومن يرد إنقاص وزنه فعليه إجراء عمليات شفط الدهون أوشد الوجه أوتعديل الأنف وتكبير الصدر، فهي عمليات آمنة جداً، كما أنه شكك أيضاً في فعالية مشروبات وحقن التخسيس، والمشاهد دائماً في حيرة أمام هذا التضارب، فإذا كانت نماذج نجمات السينما تحرض الفتيات المراهقات، والسيدات على التقليد، فإن تجربة الفنانة الراحلة سعاد نصر ما زالت عالقة في الأذهان، وإذا كان هذا يؤيد، وذاك يعارض، وثالث ينفي، فستظل الحقيقة غائبة· يقولون: إن اختلاف الآراء رحمة·· لكنني أعود إلى المثل الشعبي القديم الذي يقول: ''حيروني·· فخيروني''، وكان الله في عون المشاهد· خورشيد حرفوش khorshiedh@yahoo.com