الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نقص الطاقة... يدفع الباكستانيين لإزالة الغابات

8 فبراير 2014 22:17
يعيش راميش إقبال في أحد أحياء الطبقة المتوسطة بالعاصمة الباكستانية. ومؤخراً شوهد خارجاً من إحدى الغابات بصحبة اثنين من أصدقائه وأيديهم مملوءة بفروع الأشجار التي جمعوها لاستخدامها لتدفئة منازلهم. يقول إقبال «لم نفكر أبداً في أننا سنواجه هذا الموقف. ولكن بسبب الشتاء والبرد، فإننا نواجه مشاكل» في دولة يفتقر نحو 20 بالمئة من سكانها إلى المرافق الأساسية، فإن أجيالاً من الباكستانيين الفقراء والريفيين اعتادوا الاعتماد على الأخشاب لتحمل فصل الشتاء. ولكن النقص الحاد في الطاقة يجعل حتى أغنى العائلات تلجأ إلى استغلال الخشب. فهي تقطع الفروع وتقتلع الشجيرات وتحملها عن طريق الشاحنات أو الدرجات النارية. ومع كل رحلة تفقد باكستان جزءاً من مظلتها من الأشجار، وهو اتجاه مخيف بالنسبة لأقل دولة في العالم امتلاكا للغابات. ويخشى مسؤولو البيئة والحكومة من أن باكستان أصبحت الآن تحتفظ فقط بنسبة 2-5 بالمئة من غطائها الشجري، ويخشى المسؤولون كذلك من أن تؤدي إزالة الغابات إلى حدوث فيضانات قاتلة وانهيارات أرضية مدمرة ومياه شرب محملة بالبكتيريا وتلوث هواء خانق. وقد تصبح البلاد كذلك أكثر عرضة لخطر التغير المناخي. إقناع العامة بقيمة الغطاء الشجري أمر صعب، خاصة هذا العام في ظل انقطاع الكهرباء لفترات تصل إلى عشر ساعات يومياً، كما أن إمدادات الغاز الطبيعي منخفضة جداً لتشغيل السخانات والمواقد. وحتى في إسلام آباد، المعروفة بكونها أكثر عواصم آسيا خضرة بسبب قربها من متنزه «مارجالا هيلز» الوطني، فإن المناطق المشجرة يتم خفضها، لتخلف وراءها صفوفاً ملتوية من النسيج الخشبي الأصفر القصير. كانت باكستان، تحت الحكم الاستعماري البريطاني، ذات كثافة سكانية منخفضة وكانت تتجنب إلى حد كبير قطع الأشجار الذي جرد مناطق كثيرة في جنوب آسيا من المساحات الخضراء. كما كانت باكستان تشتهر بالأشجار الخشبية الشاهقة والغابات الصنوبرية وغابات المنجروف الخصبة حيث تلتقي حدودها الجنوبية مع المحيط الهندي. ولكن عندما ارتفع عدد السكان من 37 مليون نسمة عام 1947، إلى نحو 180 مليون نسمة حالياً تم استنفاذ الغابات بسرعة. وعندما غزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان عام 1979، فر أكثر من مليون أفغاني إلى باكستان، وكانوا ينتقلون إلى مخيمات مؤقتة اقتطعت من مساحات كانت تملؤها الغابات. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت باكستان تقاتل بلا هوادة لمكافحة «مافيا الأخشاب» ، وهو المصطلح الذي يطلق على الأفراد أو الجماعات المنظمة التي تقطع الأخشاب بطريقة غير مشروعة وتبيعها من دون ترخيص. وعلى مر السنين، كان هناك مزاعم عديدة أن الشرطة ومسؤولي الغابات يقبلون رشاوي من هذه الصناعة المربحة. يقول محمد أفضل خان، وهو وزير سابق في وادي سوات الذي تضرر بشدة جراء عملية قطع الأشجار غير المشروعة « منذ 70 – 80 عاماً ، كانت هناك غابات وأشجار طويلة على كل التلال تقريباً، ولكنها الآن جرداء» وأضاف «أن مسؤولي الغابات هم جزء من المشكلة، أنهم ليسوا حماة الغابات.» وحاليا، فان نقص الغاز الطبيعي الذي يستخدم للتدفئة والطهي يدفع الناس على نحو متزايد لبناء المواقد المحمولة. وعلى الرغم من أن باكستان كان لديها إمدادات وفيرة من الغاز الطبيعي قبل عقد من الزمان، إلا أن الطفرة في الطلب وضعف مستويات الكفاءة أديا إلى انخفاض مطرد في الإمدادات في فصل الشتاء خلال السنوات الأخيرة. «هذه هي المرة الأولى التي نضطر فيها إلى جمع الأخشاب، فلم تكن هناك أزمة في الغاز من قبل» حسبما ذكر خالد نذير، الذي يقيم في إسلام آباد. ومن جانبه، قال سيد محمود ناصر، المفتش العام للغابات في باكستان، إنه يشعر بالقلق لأن المصانع الكبيرة في المدن الرئيسية مثل كراتشي أيضاً تحرق الأخشاب للحصول على التدفئة بسبب نقص الغاز والكهرباء. وحتى قبل هذا العام، ذكر البنك الدولي أن 2.1 بالمئة فقط من مساحة باكستان لديها غطاء من الغابات، مقارنة بـ 23 بالمئة في جارتها الهند و 33 بالمئة في الولايات المتحدة. ويشكك الزعماء الباكستانيون في هذا الرقم، قائلين أن بيانات الأقمار الصناعية تشير إلى أن نسبة الغابات تبلغ نحو 5.1 بالمئة من مساحة البلاد. ولكن مسؤولي الحكومة يعترفون بالمشكلة ويخشون من تفاقم تأثير مشكلة إزالة الغابات على أحوال الطقس المتطرفة، مما يساهم في حدوث مآس مثل الفيضانات الكارثية التي ضربت البلاد في 2010 وغطت خمس مساحتها وقتلت ما يزيد على 1500 شخص. وحتى قبل هذا الشتاء، كانت باكستان تفقد 67500 فدان من أراضي الغابات سنوياً، وفقاً لإحصاءات الحكومة. والدولة في حاجة إلى زراعة 1.2 إلى 2 تريليون شجرة للبدء في تعويض هذه الخسارة، كما ذكر برويز أمير، أحد خبراء الزراعة والغابات المحليين، مضيفاً أنه يمكن زراعة 2500 شتلة في الفدان الواحد. في ديسمبر الماضي، حصلت باكستان على منحة بقيمة 3.8 مليون دولار من البنك الدولي لوضع استراتيجيات لتقليص أزمة إزالة الغابات. وقال نعيم أشرف راجا، مدير برنامج التنوع البيولوجي في باكستان إن المسؤولين يأملون في إقناع الولايات المتحدة وغيرها من الجهات الأجنبية المانحة للقيام ببرامج لتعويض ملاك الأراضي الذين لا يوافقون على قطع الأشجار. وحالياً، هناك القليل من الحوافز التي تشجع الباكستانيين على الحفاظ على المساحات الخضراء في الأراضي الخاصة. تيم كريج إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©