السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المنجز أقل من الصخب

المنجز أقل من الصخب
25 ديسمبر 2013 19:23
على أهمية ما قدمته التجربة الروائية للكاتبة العربية من إسهامات في رفد التجربة الروائية العربية وما كشفت عنه من تعدد في الرؤية والمواقف والخطاب؛ فإن الممارسة النقدية العربية ظلت تراوح في مقارباتها لهذا المنجز بين المديح أو الهجاء وفقا لمستويات القراءة النقدية وعلاقة النقد بالنص الروائي للكاتبة العربية. الناقد والروائي نبيل سليمان في إصداره الأخير “المساهمة الروائية للكاتبة العربية” يحاول استقراء هذا المنجز بصيغته الجمعية تارة وتارة أخرى من خلال مجموعة كبيرة من التجارب الروائية لكاتبات عربيات يمثلن أجيالًا وتجارب مختلفة من عدد كبير من الأقطار العربية، بغية الوقوف على أهم العلامات التي تميز هذا المنجز على المستوى السردي والجمالي، وما يمكن أن يكون قد حققه من إضافات على صعيد تجربة الكتابة الروائية العربية بصورة عامة والنسائية بصورة خاصة. تجارب نسائية جديدة يستهل الناقد كتابه بالحديث عن التطور الذي شهدته المساهمة الروائية للكاتبة العربية في العقدين الأخيرين ليس على مستوى حجم الإصدارات وإنما على صعيد نوعية التجارب ما جعله ينشغل بهذه المساهمة في عدد من كتبه النقدية. تتوزع الدراسات على فصلين اثنين؛ تناول الفصل الأول ثلاث قضايا تتعلق بالإبداع الروائي للمرأة، والتجارب الروائية الجديدة، وتطور المساهمة الروائية النسائية الإماراتية.. كما تجسد ذلك في تجارب سارة جروان ومريم الغفلي وباسمة يونس وحصة الكعبي وأمنيات سالم وميسون صقر وأسماء الزرعوني ورحاب الكيلاني وفاطمة السويدي وصالحة غابش وآمنة المنصوري في حين انشغلت محاور الفصل الثاني بثلاثين عملاً روائيا لكاتبات عربيات من أقطار مختلفة. يتقصى الناقد أهم ما تمحورت حوله تجربة أو أكثر من التجارب الروائية الجديدة كالاستراتيجية السيرية والرواية المغفلة الاسم أو الرواية التي تحمل اسم الكاتبة ورواية السيرة النصية التي تشتبك فيها السيرة الذاتية للكاتبة بسيرة الرواية نفسها إضافة غياب تعيين الزمان والمكان في الرواية بحيث يسهم ذلك في تحرير المخيلة من هذه المحددات أو التركيز على الزمن في الرواية وتأثيره في شخصية بطل الرواية. لكن المحور الأهم هو محاولة تأنيث الرواية لاسيما ما يتعلق منه بالوجود والجسد والكتابة تحت تأثير أطروحات النسوية لكنه يجد فيما تحقق على هذا الصعيد محدودا على خلاف ما يظهر من صخب إعلامي. ومن الكاتبات اللواتي يرصد ما قدمته أعمالهن من إضافات على صعيد تأنيث الرواية: فيروز التميمي ورجاء عالم وسمر يزبك وعفاف البطاينة. قبل أن يتناول التجربة النسائية الإماراتية في الرواية يتوقف عند حداثة التجربة التي لا يتجاوز عمرها عقدين من الزمن ورغم ذلك يرى خلاف ما يذهب إليه الآخرون من أن هذه الحداثة في عمر التجربة لم تمنع الكاتبات من الانخراط في الفورة الروائية العربية. التجربة الأولى التي يتناولها بالدرس هي رواية طروس إلى مولاي السلطان لسارة الجروان التي يرى فيها تلامحا لأثر ألف ليلة وليلة وتعالقا للفعل الصوفي والعجائبي. أما التجربة الثانية فهي تجربة مريم الغفلي في روايتيها بنت المطر وطوي بخيتة، ينتقل بعدها إلى رواية باسمة يونس التي أغفلت فيها اسم البطلة خوفا من شبهة السيرية فيها ورواية شجن بنت القدر الحزين لحصة جمعة الكعبي ورواية حلم كزرقة البحر لأمنيات سالم التي يتماهى فيها الروائي بالسيري، وكذلك رواية ريحانة لميسون صقر والجسد الراحل لأسماء الزرعوني وتثاؤب الأمل لرحاب الكيلاني وعيناك يا حمدة لآمنة المنصوري، ليختم هذه المراجعة النقدية بالقول إن الرواية النسائية في الإمارات عبر مسارها لا تختلف عن المسار التاريخي والإبداعي الذي مرت فيه الرواية العربية ما يجعله يوزعها على مستويين: مستوى البدايات ومستوى المنجز الروائي الذي يماثل المنجز الروائي الراهن للكاتبة العربية بحيث يعزز ذلك الوعد الروائي لتلك المساهمة النسائية فيما سيظهر مستقبلا من أعمال جديدة. 20 روائية عربية يخصص الناقد الفصل الثاني من الكتاب للمساهمة الروائية للكاتبة العربية من خلال دراسة عمل روائي أو أكثر لما ينوف على العشرين كاتبة عربية ينتمين إلى أقطار عربية شتى. يفتتح الفصل بدراسة عن رواية “جبل السماق- سوق الحدادين” للسورية ابتسام تريسي التي يبدأ زمانها من ثلاثينيات القرن الماضي ويظهر فيها امتياز حضور الشخصية النسائية على الرغم مما تعج به الرواية من شخصيات. وتعرض الدراسة التالية لرواية أمل الفاران “روحها الموشومة به” التي تنشغل بموضوع الأحلام ولعبة التناسخ ثم يتناول رواية “عشب الأرصفة” لإيمان بصير باعتبارها رواية تتمحور حول الطفولة ورواية “لا ملائكة في رام الله” للفلسطينية إيناس عبدالله. كما يستعيد حضور الروائية السورية جورجيت حنوش في عمليها اليتيمين اللذين صدرا قبل موتها، إضافة إلى روايات “أبنوس” و”حراس الهواء” و”بروفا” لروزا ياسين حسن حيث تنشغل الرواية الأولى بالتاريخ الحديث لسوريا وبمقاربة الحرام الديني والسياسي والاجتماعي في حين أن روايتها الثانية تتخذ من سبعينيات القرن الماضي فضاء زمانيا لها، ورواية بروفا تلح على اللعب الروائي الذي يتواتر مع ما قدمته الرواية العربية الشبابية وتعمل على خلاف العملين السابقين على تنحية السياسي عن السرد لصالح الإنساني والنفسي. ومن الأصوات الروائية النسوية التي يقدمها الجزائرية سارة حيدر في روايتها “الزنادقة” بينما يتوقف مع الروائية المصرية سلوى بكر في روايتها “البشموري” التي يجدها تحتشد بالأحداث والأخبار والحكايات التي تحفل بها حياة بطلة الرواية. كذلك يتوقف مليا مع رواية “لها مرايا” لسمر يزبك التي يجمل رهانها السردي والجمالي على الوصف والمشهدية وعلى الحكاية والحادثة. ومن الأردن يتناول تجربة الكاتبة سميحة خريس في روايتها “يحيى” التي تناولت شخصية بطل الرواية يحيى الكركي ليعود ثالثة إلى سوريا مع الروائية سوسن جميل حسن في روايتها “ألف ليلة في ليلة” التي يظهر تأثرها بالرواية التراثية الشهيرة ألف ليلة وليلة واحتفاءها بحكايات الذاكرة التي يحضر فيها السيري وفي روايتها “النباشون” التي تتخذ من القاع الاجتماعي فضاء لها ومن حياة شخصياتة البائسة موضوعا للسرد. كما يقرأ في الروايات الأولى لمجموعة جديدة من الكاتبات العربيات يبدأها مع شهلا العجيلي في روايتها عين الهر والكاتبة الروائية العراقية صباح خليل متعب كل شيء يحدث في أوان ورواية الشاعرة السورية عائشة الأرناؤوط “أقودك إلى غيري” والروائية عبير إسبر في روايتها “لولو” والكاتبة المصرية عزة رشاد في “ذاكرة التيه” وقماشة العليان في “أنثى العنكبوت” ليعود مجددا إلى تجارب الجيل الأقدم من الروائيات العربيات كليلى العثمان في روايتها “خذها لا أريدها” ومنهل السراج في روايتها “جورة حوا” لكنه يعود من جديد إلى تجارب الجيل الشاب قارئاً في أكثر من عمل لروائيات من بلدان عربية متعددة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©