الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تيلرسون.. وجهود منع التسريبات

26 فبراير 2017 00:20
أعدّ المكتب القانوني التابع لوزارة الخارجية الأميركية مؤخراً مذكرة مهمة تقع في أربع صفحات موجهة لوزير الخارجية «ريكس تيلرسون» تحذره من الأخطار الجسيمة التي يمكن أن تترتب على تسريب الوثائق الخاصة بالوزارة من طرف موظفيها. وكان من العجيب أن يتسرب مضمون هذه المذكرة ذاتها ويقع بين يدي أنا شخصياً. وهذا هو المؤشر الأحدث الذي يدلّ على أن العلاقة القائمة بين الموظفين السياسيين في إدارة ترامب من جهة، والقوة الاحترافية العاملة في وزارة الخارجية من جهة ثانية، هي من نوع علاقة العمل التي يمارسها المبتدئون. وهذه المذكرة المؤرخة في 20 فبراير والتي أعدها المستشار القانوني النشيط في وزارة الخارجية «ريتشارد فيسيك» بحيث يتم توجيهها للوزير «تيلرسون»، حملت رأس العنوان المختصر بالإنجليزية: SBU الذي يعني أن الوثيقة حساسة ولكنها غير مؤرشفة، ثم العنوان الذي يتألف من الكلمات الثلاث: (حماية المعلومات السرّية). ونتوقف عند الرمز المختصر SBU لنشير إلى أنه عادة ما يستخدم في البريد الدبلوماسي ليشير إلى أن الوثائق المعنية ليست ذات طابع سرّي من الناحية التقنية، ولكن لا يجوز تداولها أو نشرها. وتفتتح المذكرة موضوعها بهذه العبارة الرمزية وتبدأ بعرض توضيح مفصل حول: كيف ومتى يتحتم على تيلرسون التكتم وحماية أنواع محددة من المعلومات عن الانكشاف على الرأي العام. إلا أن المشكلة تكمن في أن المذكرة تتضمن إشارة صريحة بأنه لا يجوز الكشف عن مضمون معلوماتها الحساسة، ولا تسريبها. ووردت فيها الفقرة التالية: «وعندما يتم تسريب مثل هذه المعلومات، فإن ذلك يحدّ من رغبة المسؤولين الحكوميين الكبار بتوجيه النصائح المهمة لمن هم بحاجة إليها، وبما يسبب الضرر لنظام صنع القرار السياسي وسمعة المؤسسة المسؤولة عن التسريب». وقال لي الناطق باسم وزارة الخارجية «مارك تونر» إن الوزارة، وكجزء من سياستها، لن تناقش محتويات أي مذكرة داخلية ما لم تكن معدّة للنشر، إلا أنه كرر التحذيرات الواردة في المذكرة والمتعلقة بأخطار تسريب محتوياتها. وأضاف تونر قوله: «ويكون من الأمور الأساسية أن يعمل الموظفون على حماية المعلومات المصنفة والحساسة من الكشف غير المرخّص به. وهذا أحد الشروط الأساسية التي يجب أن يتقيد بها الموظفون الجدد عندما يلتحقون بالوظائف والخدمات الفيدرالية، وهو أيضاً شرط أساسي من شروط الاستخدام ما دام عدم التكتم على المعلومات الحساسة يعرّض مرتكبه للحرمان من الحصول على التصريح الأمني». ويرى العديد من المعلقين أن خبراء وموظفي وزارة الخارجية غالباً ما يبقون بعيدين عن عقدة الاتصال بمكتب الوزير، وبما يؤدي إلى نقص في وضوح السياسات المتبعة في الكثير من الحالات. وحول هذه النقطة بالذات يتحدث أحد كبار مسؤولي وزارة الخارجية حيث يقول: «هناك كثير من الأمور التي لا يتم تداولها ضمن المبنى، وهذا بحد ذاته يمثل مشكلة كبرى يتوزع ضررها على الجميع، وغالباً ما نشعر أن الموظفين يسألوننا: ما الذي يفترض فينا البوح به؟ ولا يكون في وسعنا إجابتهم عن هذا السؤال». وقال لي العديد من مسؤولي وزارة الخارجية بأن لديهم دليلاً على محاولة يبذلها تيلرسون لإحباط عمليات التسريب المقبلة التي يتم الإعداد لها بالفعل. ومن أمثلتها، أن الملاحظات والتعقيبات المفصلة التي تضمنتها الاجتماعات التي عقدها تليرسون مع المسؤولين الأجانب لم تعد تُوزّع بعد الآن بشكل موسع داخل مبنى الوزارة، وبما يترك المسؤولين في المكاتب المختصة في حيرة من أمرهم حول ما يحدث بالفعل. وقال لي مسؤول آخر إن تيلرسون خفّض من عدد المسؤولين الذين يسمح لهم بحضور الاجتماع الصباحي الذي يلتئم عادة الساعة 9:15 ويحضره كبار موظفي الوزارة، وهو الاجتماع الذي كان يعد بمثابة المصدر الذي يتعرف عن طريقه كل موظفي الوزارة على الخطوط الرئيسة للأجندة اليومية المعتمدة للعمل. وأخبرني مسؤول ثالث في وزارة الخارجية، بأنه تلقى تعليمات بأن يتبادل الحديث حول المعلومات التي تتعلق بالسياسة العامة عن طريق الهاتف بدلاً من استخدام الوسائل الأخرى مثل البريد الإلكتروني الذي يمكن اختراقه وتسريب معلوماته بسهولة، ورفض «تونر» تأكيد أو نفي التقارير التي تفيد بأن مكتب تيلرسون يبذل جهوداً كبيرة لوقف عمليات التسريب، وأشار إلى أن تيلرسون حاول، بدلاً من ذلك، تشجيع الحوار الصحي داخل الوزارة لمعالجة هذه القضية. وقال مستشار البيت الأبيض كيليان كونواي لقناة «فوكس نيوز» الإخبارية بداية الشهر الجاري أن تيلرسون يعتزم بحث مشكلة تسريب المعلومات باعتبارها جزءاً من مهمة أعم تهدف لإعادة تنظيم طريقة العمل في وزارة الخارجية كلها. وكما قال زملاء لي من خلال تقرير نشروه الأربعاء الماضي، فإن وزارة الخارجية ذاتها شهدت حالة من «التهميش» خلال الشهر الأول من تسلم تيلرسون لمنصبه وزيراً لها. ومنذ البداية وحتى الآن، لم يعقد اجتماعات مهمة، وتم التخلي عن قضايا السياسة الخارجية لكبار مستشاري البيت الأبيض. ويمكن القول إن تيلرسون بقي حتى الآن بعيداً عن المشهد السياسي العام لدرجة أن وزارة الخارجية لم تعقد مؤتمراً صحفياً واحداً منذ تعيين تيلرسون. ولا تزال الكثير من الوظائف المهمة شاغرة في وزارة الخارجية، ويعود سبب ذلك بشكل أساسي لأن تيلرسون طلب من الموظفين والمسؤولين الكبار الذين يشغلون مناصب مهمة في وزارته أن يتخلوا عن وظائفهم وأعمالهم قبل العثور على الموظفين الذين سيستبدلونهم، كما عمد إلى إغلاق مكتب نائب وزير الخارجية لشؤون الإدارة والموارد. *كاتب أميركي في السياسة الخارجية والأمن الوطني ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©