السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا...هل خسرت الصين في 2013؟

أميركا...هل خسرت الصين في 2013؟
26 ديسمبر 2013 00:01
نوح فيلدمان أستاذ القانون في جامعة هارفارد بعض قضاء يومين معاً يتعرفان علي بعضهما البعض في ضاحية «صانيلاندز» بولاية كاليفورنيا، في شهر يونيو الماضي، تبادل الرئيسان الأميركي باراك أوباما والصيني شي جين بينج هدايا عيد الميلاد لهذا العام. فقد أرسل أوباما قاذفة قنابل من طراز بي-52 تحلق فوق المجال الجوي للجزر التي تزعم الصين أنها جزء من أراضيها، بينما أرسل الرئيس الصيني للولايات المتحدة سفينة حربية لتقترب بشكل خطير على مسافة 200 ياردة من طراد أميركي. هل تزداد الحرب الباردة سخونة؟ تعتبر العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين هي الأهم على مستوى العالم. فالقوة العالمية العظمى الناشئة والقوى العالمية العظمى الراهنة تتعاونان وتتنافسان للغاية - في الوقت نفسه- وتعتبر الإيماءات العسكرية العدائية جزءاً من هذه العلاقة، كما كان الحال كذلك مع قمة «صانيلاندز» الدافئة، ناهيك عن المفاوضات التجارية المنفصلة التي يسعى إليها كل جانب مع نفس الدول الآسيوية. وقد ازدادت هذه التناقضات عمقاً خلال عام 2013، وهو العام الذي دعا فيه بينج إلى «طراز جديد من العلاقة بين القوى العظمى» بين الدول. إن تبادل الأعمال العدائية القريبة خلال الفترة التي سبقت أعياد الكريسماس هي أكثر أهمية مما قد تدرك وسائل الإعلام في الولايات المتحدة. وقد كان العامل المحفز لهذه الأعمال هو مجموعة من الصخور غير المسكونة في بحر الصين الشرقي، معروفة في اليابان باسم «سينكاكو» وفي الصين باسم «دياويو». وتزعم الصين أن الجزر، التي تبعد بمسافة 200 كم عن السواحل الصينية و 120 كم عن تايوان، ليست فقط تابعة لها، بل أيضاً تسيطر عليها. وكان الموقف التقليدي للولايات المتحدة أنها تعترف بسيطرة اليابان الفعلية على الجزر بدون اتخاذ موقف صريح حول الملكية. ومن أسباب أهمية هذه الجزر أنها تعتبر جزءاً من سلسلة تمتد من اليابان الى تايوان الى فيتنام، وهو الخط الموازي لسواحل الصين الشرقية، لذا فإن الأمر يتعلق بحالتها الدفاعية. غير أن هذه الجزر أكثر أهمية لما تشير إليه من تزايد عدوانية الصين كقوة جيوسياسية عقب النمو الاقتصادي غير العادي الذي حققته. ومنذ صيف 2012، تتبادل الصين واليابان إيماءات تصعيدية حول الجزر، ولكن في شهر نوفمبر، أعلنت الصين رسمياً عن قيامها بإنشاء منطقة دفاع جوي فوق منطقة بحر الصين الشرقي التي تتضمن الجزر، مما يحتم على كل طائرة تمر خلال هذه المنطقة تقديم خطط رحلاتها والكشف بوضوح عن جنسيتها، والبقاء على اتصال عبر اللاسلكي للسماح لها بالرد على طلب السلطات الصينية، وفقاً لما ذكره المسؤولون الصينيون. وقد كان هذا نوعاً جديداً من السيطرة المؤكدة، وقد يكون الغرض منه إثارة مواجهة مع اليابان التي كانت ترسل بانتظام مقاتلات أميركية الصنع من طراز إف-15 للتحليق فوق هذه الجزر. وفي رد رمزي، أرسلت الولايات المتحدة قاذفات قنابل (منزوعة السلاح) من طراز بي-52 للتحلق فوق منطقة الدفاع الجوي، من دون الإفصاح عن هويتها أو التواصل مع الصين. كما يعتبر اختيار بي-52 رمزياً أيضاً. فالطائرات المقاتلة قد تفسر بأنها حديثة الصنع، لكن قاذفات القنابل من طراز بي-52 تتصف بأنها ثقيلة وضخمة وتستخدم منذ الخمسينيات من القرن الماضي وتعود لعصر السيادة في الحرب الباردة. وبعد مرور أيام قليلة، جاء رد الرئيس الصيني، فقد كان الطراد الأميركي المحمل بالصواريخ من طراز «يو. إس. إس. كاوبنز» في بحر الصين الجنوبي، يراقب أول حاملة طائرات صينية «لياونينج»، وقد انطلقت سفينة من المجموعة القتالية الصينية مباشرة لتعترض مسار «كاوبنز»، وتقترب منها بنحو 200 ياردة. بالنسبة لسفن بهذا الحجم، يعتبر هذا بالتأكيد بمثابة شبه تصادم، وقد وصف مسؤولون أميركيون المناورة بأنها «عدوانية بشكل خاص». وقد كانت رسالة الرئيس الصيني لأوباما واضحة «إذا كنت ستعبث معنا، فنحن سنعبث معك أيضاً بالتأكيد». تذكرنا الإشارات والإشارات المضادة بأن العولمة الاقتصادية لم تتح لنا تجاوز احتمالات المواجهة العنيفة. الرئيس الصيني «شي» في سبيله لتوطيد القوة بدرجة لم يشهدها أي زعيم صيني منذ 20 عاماً، حيث يسلك إجراءات مشددة للقضاء على الفساد، بداخل الحزب الشيوعي الصيني وعلى المعارضة السياسية خارجه. كما أنه ليس لديه أي نية لتحقيق الديمقراطية حتى وإن كان بصورة تدريجية. ويستند جزء كبير من سياسته التدعيمية على «جيش التحرير الشعبي»، الذي يحترمه بصورة أكبر إلى حد بعيد مما كان عليه أسلافه المباشرون. كما يعتمد «برنامج شي» الأيديولوجي على استراتيجية وطنية لتحفيز أنصاره فيما يعد بأن يكون حقبة من النمو الاقتصادي الأبطأ. ويتجاوز شعاره «الحلم الصيني» الفرد إلى الأمة ككل، والتي تطمح إلى أن تكون معترفاً بها عالمياً ككيان له وضع عالمي يعادل أهميته الاقتصادية. وفي الوقت ذاته، فإن الحزبين السياسيين الأميركيين يجدان أنه من المناسب أن تكون الولايات المتحدة معتدلة تجاه الصين خلال سنوات نهوضها، خاصة عندما انشغلت واشنطن بالعراق وأفغانستان وكانت مثقلة بعواقب الأزمة المالية في عام 2008. قد تكون القومية في الولايات المتحدة أداة سياسية ذات قيمة للمرشحين «الجمهوريين» الذين يرغبون في إثبات أن سنوات حكم أوباما شهدت إخفاقات على صعيد السياسة الخارجية. هذه الاستراتيجية سوف تكون جذابة وخاصة إذا كانت هيلاري كلينتون هي المرشحة من قبل الحزب «الجمهوري» في عام 2016. «من الذي خسر الصين» هي عبارة ذات جذور عميقة في السياسة الأميركية، وإذا كانت أحداث 2013 لها أي دلالة، فسوف نسمع هذه العبارة مرة أخرى. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©