سارة الجروان روائية وقاصة من الإمارات ترسم عالمها بتؤدة ومقدرة، لها آراء في الرواية التي تعيش اجواءها بكل ما فيها من نظام هندسي وتشابكات روحية عميقة، كتبت مجموعتين قصصيتين هما (أيقونة الحلم) و
( رسائل الى السلطان) كما ان لديها رواية بعنوان (شجن)· وقد انتهت اخيرا من روايتها (طروس) المفعمة بلغة مختلفة ذات ايقاع صوفي مازجت فيها التاريخ والعلاقات الاجتماعية في بنية اسلوبية متفردة، تاخذ من الشعر لغته الطافحة بالصور، وتأخذ من المألوف واليومي سهولة التناول، وفي لقاء مع ''الاتحاد'' كان لنا معها هذا الحوار:
الأجناس الأدبية
؟ كيف كانت البدايات التي قادتك إلى كتابة القصة تحديدا؟
؟؟ الطفولة المختزلة في ذاكرة المنطقة البيضاء المشعة بالفرح، وقصة الأسبوع التي لا تشيخ من أبدية الحاضر الماضي ولا أنسى ليالي الشتاء الطويلة و''حزاية'' جدتي، كل ذلك كان كفيلا بخلق مخيال تواق في ذواتي يبحر بي جهة حيوات تحاكي العالم وتشاطرها المعاناة ضمن نصوص مقروءة مباحة للتأمل والتدبر معا، واليوم لم تعد تعنيني البدايات بقدر الرعب الذي يجتاحني حين أفكر في آخر الأعمال التي سأترك·
؟ هناك مزج بين الأجناس الأدبية، القصة، اللغة الشعرية، المناجاة في أعمالك كيف تفسرينها؟
؟؟ توظيف هذه الأجناس في القصة أو الرواية يضفي على النص نسقا جماليا مترفا بالعوالم الحالمة ''الرومانسية'' وكثيرا ما أنزع إلى استشعار الطمأنينة القصوى في الإيحاء للقارئ بواقعية النص المشاع للتمحيص والذي عادة ما يحمل بين طياته خطوطا حمراء·
؟ (أيقونة الحلم) مجموعتك القصصية هل هي فحص العلاقات الاجتماعية بما يعني موقفا أو رؤية للعالم تتبنينها؟
؟؟ العين الفاحصة بطبيعة الحال تكون لصيقة بالمعنى بهذا الشأن ناهيك أن العلاقات الاجتماعية تستأثر بالمثقف الباحث، الشاعر، الأديب وتستفرغ لديه كميات هائلة من المشاعر المتضاربة التي تنزع به جهة محاولة التعبير عنها بطريقة أو بأخرى·
أما عن ذاتي الفقيرة فهي تجنح إلى كلية ''الإنصاف'' في كافة الأمور لأن الحياة يهبها الخالق عز وجل وليس من حق لأحد ما مهما كانت صلة قرابته من الآخر بمحاولة منازعته حول أحقيته في هذه الحياة، وعليه فأنا أسعى إبراز هذا المفهوم من خلال نصوصي·
التقنية والموضوعة
؟ روايتك المخطوطة الجديدة (طروس إلى مولاي السلطان) كيف يمكن أن تقديمها لنا وعن ماذا تتحدث وما جديدها؟
؟؟ طروس إلى مولاي السلطان الكتاب الأول ''الحدال'' كتبتها في قرابة التسع سنوات واجتهدت لأن أجعلها خالصة لذات الوطن له ومن أجله كتبتها في تؤدة وسكينة·· وأخذت مني مأخذا طويلا في التقصي والبحث إذ أنها تستند إلى وقائع تاريخية ومدن ومعالم ومواقع ثرية الذاكرة، وهي تبرز طابع المحلية ونكهتها إذ اقحمت عليها بعض المفردات باللهجة الدارجة في الدولة جاءت فيما يقرب من الخمسمائة مفردة، وتروي قصة أسرة ممتدة من الجد حتى الحفيدة التي تطوف عوالم زمكانية وتشهد صورا جميلة مستقاة من ''الماضي الجميل الآسر'' مع بزوغ بدايات التأسيس لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة· أما جديدها فسوف يؤكد مقامه بين يدي المتلقي قريبا·
؟ ما الفرق بين روايتك الجديدة (طروس إلى مولاي السلطان) و(شجن) روايتك الأولى من حيث التقنية والموضوعية؟
؟؟ الفرق شاسع بين الروايتين، فالرواية الأولى ''شجن بنت القدر الحزين'' كانت باكورة أعمالي وأولى معمعاتي النصوصية في احتراف فن الرواية بيد أن طروس إلى مولاي السلطان مشروع قابل للاحتراف حتى العالمية· أما عن الموضوعية فالعملان كل قائم بذاته من خلال اشكالية الطرح المراد ايصالها ووحدة الموضوعية التي لا تشطح كثيرا عن واقعية الحياة الممطوطة سلفا من أزيز المعترك المر·
القلم النسوي
؟ في أغلب قصصك نرى دفاعا عن المرأة، هل أصبح الفن القصصي دفاعا عن جانب دون الآخر؟
؟؟لا أحب أن أتلبس هذه الواقعة ''الدفاع عن المرأة'' فبحسبي المرأة ليست بحاجة لهذه الاقحامات المسطحة التي يتبناها المغرضون بدعوى الدفاع عن المرأة وحقوقها فالمرأة اليوم باتت من القوة أن أمست تشكل خطرا على الرجل بل أحيانا أرأف لحال الرجل في صراعاته لاسترداد حقوقه المستلبة منه للمرأة·
وكما أشرت سلفا دفاعاتي ''النصوصية'' تشير إلى ''إشكالية'' وليست تعصبا إلى جنس دون الآخر·
؟ كيف يمكن لك أن تنظري إلى النتاج النسوي للقصة في الإمارات وما ملامحها وتواصلها؟
؟؟ رغم كوني لا أحبذ هذا المسمى التصنيفي بيد أني أحسب أن النتاج المذكور في أوج انطلاقاته المشرقة والمشرفة، فقد برز القلم النسوي على الساحة مؤخرا بثبات وبدا جليا مقارنة بالسنوات المنصرمة، وبحسبي أن ملامح توجهاتها مستقاة من البيئة التكوينية المحلية وتعالج اشكاليات المرأة والتحامها بمجتمعها الأسري والعملي وتنزع حول علاقتها الأزلية بالرجل قريبا كان أم بعيدا أم حاضرا لم يكن ليفطن لوجودها لانشغاله بالبحث عن حيزه الخاص به·
عدد اليوم
