الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ملامح السجال الأميركي حول الانسحاب من العراق

ملامح السجال الأميركي حول الانسحاب من العراق
27 يونيو 2007 01:09
يبدأ في الوقت الراهن- وإن على نحو هادئ- السجال الحقيقي حول العراق· وهذا السجال لن يدور حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستسحب قواتها من العراق أم لا، لأن ذلك الأمر قد أصبح حتمياً الآن· فالتحدي الحقيقي المطروح أمام الإدارة في الوقت الراهن، هو تصور جدول زمني للانسحاب، وتحديد ما إذا كان سيتم إبقاء قوات هناك، وماهية الأهداف الأميركية التي لا يزال من الممكن انقاذها· وليس هذا هو نوع السجال، الذي يريده الرئيس بوش عندما يأتي شهر سبتمبر، الذي سيتم فيه إصدار عدد كبير من التقارير التي ستركز على تقييم النتائج التي ترتبت على زيادة حجم القوات الأميركية في العراق· وفي الواقع أن الإدارة الأميركية تمهد الأرضية لترحيل الخيارات الحقيقية في هذا الشأن للعام المقبل· ففي حين بدا البيت الأبيض في وقت ما وكأنه يقول:''امنحونا وقتاً حتى سبتمبر المقبل''، فإن المتحدث الرسمي باسمه يبدو الآن، وكأنه يصر على أننا لن نعرف الكثير عندما يحين هذا الشهر· كان ما قاله ''توني سنو'' المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض في تاريخ سابق من هذا الشهر:'' إذا ما كنتم تريدون حكماً قاطعاً في هذا الشأن، فيجب عليكم أن تتذكروا أنني حذرتكم منذ البداية من توقع حدوث أمر سحري في سبتمبر''· وأضاف''سنو'':''إذن يمكن القول إن كل ما لدينا الآن هو مجرد مقياس يمكنا من رؤية ماذا سيحدث عندما يتم نشر جميع القوات على الأرض من أجل تنفيذ خطة تأمين بغداد''· ما يقوله ''سنو '' يبدو كلاماً منمقاً لا يفيد بشيء في جلاء حقيقة الصورة· وإذا ما تجاوزنا ما قاله، فسنجد أن الحقائق هي على النحو التالي: إنه لا يوجد لدينا العدد الكافي من القوات التي يمكن نشرها في العراق، كي تحول مجرى الأمور هناك تماما من الناحية العسكرية· أما الموقف السياسي فهو ممزق للغاية، بدرجة لا تسمح ببلورة نوبة مفاجئة من نوبات التعاون بين الشيعة والسنة· حول هذه النقطة يقول''كولين كاهل'' الزميل غير المقيم في ''مركز الأمن الأميركي الجديد'' CNAS وهو مركز فكري وسطي تم إشهاره مؤخراً أن المشكلة التي تواجهها أميركا في العراق ترجع لحقيقة أنها قد أخطأت في تقدير الموقف، وترتيب الأولويات، وذلك عندما أرسلت عدداً من القوات يكفي لتوليها مسؤولية الأمن، ولكنها لم تخصص سوى عدد أقل بكثير من هذه القوات من أجل المحافظة على النظام· إن الوقت يداهم الإدارة، خصوصاً وأن معظم الأميركيين لم يعودوا يصدقون وعودها بشأن زيادة عدد القوات، وبشأن أن الأمور ستنتهي على النحو المأمول إذا ما صبرنا قليلاً· وهذا هو ما يدعونا إلى القول بأننا بحاجة للبدء في التخطيط لموضوع الانسحاب من الآن بدلاً من الانتظار حتى وصول الجيش والاحتياطي لنقطة الانكسار· يقول ''كيرت كامبل'' المدير العام والمؤسس الشريك لـمركزCNAS في معرض تعليقه على ذلك: كلما مر الوقت كلما ضاقت خياراتنا·· وإذا لم تتم مواجهة الرئيس، فإنه سيقاتل في العراق إلى درجة الإنهاك على الرغم من أنه لم يعد في مقدورنا في الوقت الراهن أن نقاتل هناك إلى هذه الدرجة· وفي واحد من تقاريره الافتتاحية يقترح CNAS تخفيض الوجود العسكري الأميركي في العراق بمقدار 100 ألف جندي خلال الفترة من الآن وبداية عام 2009 بحيث يتم استبقاء 60 ألف جندي في العراق لأربع سنوات أخرى- بعد هذا التاريخ- ليس فقط من أجل تدريب الجيش العراقي، ولكن من أجل العمل مع الزعماء العشائريين والمحليين ومسؤولي المحافظات الذين يحاربون ''القاعدة''· ليس واضحاً بالنسبة لي ما إذا كان مثل هذا التكليف المطول للقوات ممكناً أو حتى مرغوباً··· ولكن التقرير الذي كتبه ''جيمس ميلر'' و ''شون بريملي'' يُعرّف ثلاثة أهداف معقولة للسياسة الأميركية وهي: منع تأسيس ملاذ آمن لـ''القاعدة'' في العراق··· منع نشوب حرب إقليمية·· منع حدوث مذبحة جماعية· ويعرف ''ميلر'' الهدف الصحيح لهؤلاء الذين يريدون إنهاء الحرب على النحو التالي:''إنه يجب أن تكون هناك خطة للانسحاب من العراق أفضل بكثير من خطة الدخول إليه''· لهذا السبب، كان من المفيد أن ينشر''مركز التقدم الأميركي''، وهو مؤسسة فكرية تنتمي إلى تيار ''يسار الوسط'' خطته المتعلقة بكيفية تنفيذ انسحاب أسرع بكثير· تقوم تلك الخطة على سحب كل القوات الأميركية من العراق قبل نهاية 2008 باستثناء قوة يتراوح عددها ما بين 8 آلاف إلى 10 آلاف ستبقى في إقليم كردستان لعام إضافي على أساس أن الولايات المتحدة تدين بالتزام جدي تجاه الأكراد لأسباب تاريخية، وللمساعدات التي قدموها لأميركا في هذا الصراع· ويرى ''لورانس جيه· كوب'' الزميل الرئيسي في مركز ''التقدم الأميركي'' أنه'' كلما أسرعنا بالانسحاب كلما تمكنا من استعادة السيطرة على سياستنا في المنطقة بشكل أسرع··· وكلما بقينا لفترة أطول كلما زاد مقدار الضرر الذي تتعرض له قواتنا المسلحة في العراق، وكلما أدى ذلك أيضاً إلى تدمير قدرتنا على مواجهة تهديد الإرهاب العالمي''· حتى الآن كانت الإدارة الأميركية تصر على الموضوع الوحيد الذي يمكن تناوله في السجال المتعلق بالعراق وهو موضوع الانسحاب من هذا البلد· بيد أن التقريرين المشار إليهما أعلاه يضعان الأطر التي يجب أن نحصر فيها السجال الذي يجب أن يدور الآن والتي يمكن بيانها بشكل مختصر على أنها تتضمن: كيفية إنهاء هذه الحرب المدمرة بطريقة تخدم مصالح أميركا الطويلة الأمد بأفضل صورة ممكنة·· وأن الرئيس بوش سيخدم نفسه إذا ما دخل السجال الجديد لأنه لو تجاهله فإن السجال سوف يتجاوزه· ئي· جيه· ديون كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©