الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

موضوع خطير

موضوع خطير
15 ديسمبر 2012
الأستاذ عبد الرحمن رجل مسالم جدا وديع جدا، يخشى الاصطدام بالسلطة ويخشى أن يبدي رأيا في أي شيء في أي وقت. في ذلك اليوم دخل إلى غرفة المدرسين في المدرسة التي يعمل بها.. جاء العامل يحمل له القهوة، وقال له وهو يصبها في القدح: - «يبدو أن هناك مشكلة.. ثمة رجل غريب جاء يسأل عنك عدة مرات».. شعر الأستاذ عبد الرحمن بأن ريقه يجف والكلمات تحتبس في حلقه.. رجل غريب يسأل عني؟. من هو وماذا يريد؟ . قال العامل: - «لم يشرح..» صاح الأستاذ عبد الرحمن وهو يجفف عرقه: - «واضح أنني واقع في مشكلة خطيرة. لابد أن طلاب الصف قد كتبوا شكوى ضدي.. ربما ما هو أسوأ».. نظر له زملاؤه في شفقة وصمتوا. بعد ساعة جاء من يطلبه للقاء وكيل المدرسة. إن العنتبلي بيه رجل شرير قاس يبدو أنه من قبيلة تأكل لحم البشر.. قرر أن يتوقف عن التهام البشر ويصير وكيل مدرسة، لكنه يحتاج إلى التهام مدرس من وقت لآخر. اتجه الأستاذ عبد الرحمن مذعوراً لمكتب العنتبلي.. وصاح وهو يقف على الباب: - «أعرف أن الطلبة الأوغاد قد كتبوا شكوى ضدي.. سوف أسلخهم أحياء» لما دخل إلى العنتبلي بيه وجده مكفهراً ينظر له بنظرات متوحشة متهمة. سأله عن سبب استدعائه فقال العنتبلي: - «هي مشكلة خطيرة شديدة التعقيد.. أعتقد أنك في مأزق حقيقي» ومضى يمهر بعض الأوراق بإمضائه، ثم طلب منه التوجه إلى مدير المدرسة.. هذا يشبه الحكم بالإعدام.. لماذا ؟ ماذا فعلت؟ قال العنتبلي: - «ستعرف عندما تكون هناك.. وليرعك الله». توجه الأستاذ عبد الرحمن إلى مكتب مدير المدرسة. صاح في السكرتيرة: - «المدير يريد مقابلتي.. أعتقد أن الطلاب الأوغاد قد وجهوا ضدي شكوى كيدية.. سوف أنسفهم نسفاً». عندما دخل إلى مكتب المدير لم يكلف هذا الأخير خاطره بأن يرفع عينه نحوه.. راح يواصل توقيع الأوراق، ثم قال بلهجة قاض لا يرتشي: - «أنت في مشكلة شنيعة.. هل تدرك ذلك؟» - «لا أفهم السبب يا سيدي» قال المدير بنفس البرود: - «سوف أقوم بتحويلك إلى السيد مدير الإدارة التعليمية.. سوف يتخذ الإجراء المناسب ضدك». وغادر الأستاذ عبد الرحمن المكتب وهو لا يرى الباب. قضى يومين محموماً يرتجف بلا توقف. اتصل بعشرات من أصدقائه يخبرهم أن الطلبة شكوه ويسألهم النصح.. وفي النهاية اتجه بخطى لينة إلى الإدارة التعليمية ليقابل مديرها.. قال للسكرتيرة: -«أنا في مأزق.. الطلبة السفلة كتبوا ضدي شكوى مرعبة.. سوف أذبحهم واحدا واحدا». هزت رأسها في شفقة ثم سمحت له بمقابلة مدير الإدارة، الذي كان أقرب إلى جدار يضع نظارة سوداء.. له كتفان بعرض خزانة ثياب، ووجه صارم كجمل عجوز.. قبل أن يفهم، قام مدير الإدارة بتحويله إلى السيد وكيل الوزارة.. وقال له في تشف: - «هذا درس مناسب لأمثالك..». اتجه الأستاذ عبد الرحمن باكيا إلى مكتب السيد وكيل الوزارة. كان يوقن أن هناك سيافا بالداخل يقطع الرؤوس وربما هناك مشنقة.. قال له وكيل الوزارة عندما رآه: - «أنت في ورطة.. أنت إنسان منته..». - «لم أعرف بعد السبب يا سيدي» قلب وكيل الوزارة الأوراق أمامه ثم قال في قرف: - «هنا تقارير عديدة من زملائك.. من سكرتيرة.. من وكيل المدرسة.. من مديرها.. حتى من السيد مدير الإدارة التعليمية.. كلهم يجمعون على أن الطلبة كتبوا ضدك شكوى وأنك تنوي ذبح الطالب الذي فعل ذلك». - «هل تسمح لي بأن أرى الشكوى؟» قلب وكيل الوزارة الأوراق ثم قال: -«لم يرفقوا الشكوى...لكن هذا لن يمنعني من شنقك.. أخبارك تتناقلها المدرسة كلها». هكذا خرج الأستاذ عبد الرحمن من المكتب شاعرا بدوار.. سوف ينسفونه نسفا. لكن لماذا؟.. وأين شكوى الطلاب هذه؟.. لماذا ساءت سمعته لهذا الحد وماذا جعل الجميع ضده؟. على كل حال عاد للمدرسة وطلب قدحا من القهوة. جاء العامل بالقدح وقال له: - «ذلك الرجل الذي جاء يسأل عنك عدة مرات.. لم يكن يريدك أنت بل أستاذ عبد الرحيم... اختلط عليه الأمر.. ما علينا.. كيف تنوي مواجهة تلك المشكلة الرهيبة التي وقعت أنت فيها؟». د. أحمد خالد توفيق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©