الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إلى اللقاء يا أصدقاء

إلى اللقاء يا أصدقاء
15 ديسمبر 2012
لا أزال حتى الآن أعيش تحت هاجس نبوءة المايا التي حدثتكم عنها الأسبوع الماضي تحت عنوات «هل دنت نهاية العالم»، مع أني لا أصدق الأساطير ولا النهايات المأساوية المفاجئة، في عصر العلم والنبوءات العلمية القائمة على معطيات الواقع والمعادلات الرياضية والفيزيائية. على كل حال، إذا صدقت نبوءات حضارة المايا التي كانت سائدة في أميركا اللاتينية، جواتيمالا وما حولها تحديدا، فإن هذا هو المقال الأخير الذي ستشاهدونه لجناب حضرتي في الاتحاد، حيث من المفترض أن تصدر صفحة ساخرون القادمة بتاريخ 22-12-2012 يعني في صباح اليوم الأول بعد نهاية العالم، حيث يتوقف التاريخ البشري هنا– حسب تقويم المايا- بالتالي سترتاحون من شغبي وسواليفي، وسنقفز جميعا إلى المجهول، وهذا احتمال بعيد، لكن الإنسان عادة يخشى النبوءات ودعاوى العرافات ولعنات الذين يدعون السحر والتنجيم، وهذا تقليد قديم من أيام طفولة البشرية، حسب ما قال عالم النفس كارل يونج حول الذاكرة الجمعية التاريخية للبشر. في الواقع فإنه ليوم 21 ديسمبر قصة في مختلف الحضارات، ومنها الحضارة الفرعونية التي تشابه حضارة المايا في بناء الأهرامات فهو يوم الانقلاب الشتوي، حيث يهبط أدونيس- أو أي آلهة خصب كانوا يقدسونها- إلى العالم السفلي ولا يخرج بتوسلات أفروديت - أو أي آلهة حب وخصب أنثى كانوا يقدسونها-، ولكن في 21 مارس، حيث تحتفل الأرض بعودة أدونيس، بارتداء ثوبها الجديد الملون.. الربيع. في مصر الفرعونية جرى تصميم معبد أبو سمبل بطريقة تضمن وصول الشمس في فجر هذا اليوم ويوم الانقلاب الصيفي لتمثالي رمسيس وزوجته. وحسب المعلومات التي زودتني بها الصديقة توجان فيصل، فإنهم في الصين يحتفلون في مثل هذا اليوم من كل عام بأكل البطيخ. أما نحن فسنأكل روح الخل إذا صدق وعد منجمي المايا، وبالتأكيد سوف تشتاقون لمقالي القادم، لأنه سيكون الدليل الدامغ على كذب النبوءة أو تكذيب مفسريها من العلماء الجهلة الذين لم يفرقوا بين انتهاء فسحة الجدار الذي يشرح عليه المايا تاريخ العالم، وفسروا ذلك بنهاية العالم. ??? حسب دراستي الأكاديمية - فقد أنهيت مرحلتي الليسانس والدبلوم العالي في الفلسفة وعلم النفس- فقد قرأنا عن مرض يسمى «متلازمة اسبرغر»، لكني نسيت كافة التفاصيل حول أسباب التسمية، مع أني ما زلت أتذكر من المرحلة المدرسية أسباب سقوط الدولة العثمانية، وبنود تفنيد وعد بلفور، ناهيك عن جدول الضرب. نرجع لموضوعنا، فإن متلازمة اسبرغر – إن لم أخن ذاكرتي- هي نوع خفيف من مرض التوحد، تظهر على شكل تعامل لا اجتماعي مع الآخرين، حيث يتمحور الفرد حول ذاته، لكن بدرجة أقل من مرضى التوحد، الذين يعانون من تجمع المعادن داخل الدماغ، وما يتركه ذلك من انفصام كامل عن المجتمع بكامله. مريض اسبرغر مريض اجتماعي يركز على شيء واحد ويستمر في عمله أو قوله بلا كلل، ولا يأبه إذا زهق الآخرون أو حاولوا ردعه أو أصيبوا بالهستيريا- أو الديزنطاريا- من جراء تكراره ذات السلوك وذات العبارات... لأن راحته النفسية تعتمد على التكرار القهري لفعل واحد. أنظر حولي، إلينا نحن العرب العاربة والمستعربة، فأجد أننا- وبشكل سائد- نعاني من مرض متلازمة اسبرغر، لأننا لا نتعاطف مع الآخرين كما يتعاطفون معنا، واهتماماتنا تتركز حول أنفسنا وحاجاتنا وقضايانا، ونطلب من العالم أن ينقذنا، وإن لم يفعل نتهمه بالكيل بمكيالين. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©