الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

النســاء يعززن النمو الاقتصـادي العالمي

النســاء يعززن النمو الاقتصـادي العالمي
28 يونيو 2007 23:33
ظل التقدم الإداري للنساء لفترات من الزمن مسدوداً بسبب التقاليد التنظيمية لكنهن نجحن في إزالة العقبات وتمهيد الطريق أمامهن تدريجياً لتحتل المرأة الكثير من المناصب القيادية في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة· وظهرت العديد من الدراسات التي تبين بل تؤكد أن النساء العاملات يشكلن أحد أهم العوامل المؤثرة في النمو الاقتصادي العالمي· ومنذ عام 1970 والنساء يشغلن اثنتين من كل ثلاث وظائف جديدة وحسب مجلة ''الإيكونومست'' فإن السنوات العشر الماضية شهدت زيادة كبيرة في أعداد النساء في أماكن العمل في الدول المتقدمة· وبالنظر قليلاً إلى الوراء قبل الدخول في معترك الحياة العملية نجد أن الفتيات دون سن 25 عاماً يشكلن 55% من طلاب الكليات في الولايات المتحدة الأميركية، أما فيما يتعلق بالعمل نجد في فرنسا معدل نمو عاليا وسريعا لأعداد النساء العاملات ففي بداية الخمسينيات كانت هناك 7 ملايين امرأة عاملة في وظائف ذات عائد مجز وهو ما يقارب ثلث القوى العاملة في حينها، واليوم تمثل النساء 47% من القوى العاملة، والأمر ذاته ينطبق على العديد من الدول الغربية الكبرى كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية· والسؤال الذي يفرض نفسه في ظل ما تمت الإشارة إليه هو: هل يصبح مكان العمل مكاناً تسيطر عليه النساء بعد سنوات من الكفاح والنضال لتحقيق مكانة لائقة بهن؟ الواقع يبين أن النساء لم يعد يقنعن بأن يصبحن موظفات بكفاءة عالية أو أن يكتفين برواتب مالية كبيرة تضمن لهن استقلالية مالية فهناك من يشغلن وظائف بمناصب قيادية كأعضاء في مجالس الإدارات وسيدات أعمال ومديرات، كما تفوقن في إدارة العديد من الشركات الكبرى التي تضمها قائمة '' فورتشن 500 '' حتى أنه وجد أن الشركات التي توجد فيها نساء أكثر في المناصب العليا حققت أداءً مالياً أفضل من تلك التي تملك عدداً أقل منهن· ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الوقت الحالي يعطي إشارة دخول لما يسمى بحقبة ''الاقتصاد النسائي'' وهو باختصار الاقتصاد القائم على تحويل فكر النساء إلى أعمال على أرض الواقع· وهناك حقيقة يعرفها المديرون توضح أن فريق العمل المكون من رجال ونساء أكثر قدرة على الابتكار والإبداع من فريق مكون من الرجال فقط· وعلى الرغم من الأعداد الكبيرة للنساء العاملات في مختلف ميدان العمل إلا أن الواقع يثبت أنه لم يتم إلى الآن الاستغلال الكامل لطاقات النساء حيث نجد الأعداد الكبيرة من الطبيبات والإداريات اللواتي يشغلن مناصب عليا، ولكن كم هي نسبة النساء العاملات في تخصصات فرعية كالجراحة أو في احتلال منصب مدير تنفيذي؟ حتماً أنها ضئيلة· صحيح أن الطريق ممهد لهن في هذه التخصصات إلا أن الواقع يوضح أن النساء أكثر حرصاً من الرجال للحصول على السعادة والتوازن بين مختلف جوانب حياتهن الأسرية والعملية فنجد أن معظمهن وليس جميعهن يصرفن النظر لتبؤ مثل هذه الحقول المهنية· ومن هذا المنطلق يشير الخبراء الى أنه إذا أراد المجتمع أن يستفيد من قدرات وطاقات النساء عليه أن يوفر عدة وسائل تضمن لهن الاستقرار على الجانبين الأسري والعملي من أجل عطاء أكبر، فالنساء أصبحن ركائز أساسية لا يمكن أن يستغني عنهن مختلف القطاعات كالتعليم والصحة والمسائل الأخرى الاجتماعية وغيرها الكثير حيث مسؤوليتهن تجاه تقدم المجتمع تتزايد· لا ··كلمة الســــــر لضمان نجــاح النســـــــاء في الشـــــــــركات يعتبر فن التواصل مفتاح قلوب الناس، لهذا نرى سعي أماكن العمل على إقامة دورات في القيادة النسائية تمكن الموظفات من معرفة طرق التواصل المختلفة للنساء والرجال على حد السواء عندما نعلم أن عدم إدراك مثل هذه الاختلافات قد تشكل عائقاً أمام تقدم النساء في أماكن العمل التي يهيمن عليها الرجال·· إنها ثقافة التواصل التي تمكن الرجال والنساء على التحدث إلى بعضهم البعض وعلى فهم طرق التفكير والتواصل الخاصة ببعضهم بعضاً· وتعد الكلمات عنصرا واحدا من عناصر عملية الاتصال ومما يثير الدهشة أن الكلمات تشكل 7% من كيفية التواصل مع الآخرين في حين أن المظهر والهيئة ونبرة الصوت وأسلوب الحديث وطريقة الوقوف يشكلون النسبة المتبقية· وبالحديث عن الكلمات أظهرت بعض الدراسات أن النساء لديهن ميل إلى استخدام العبارات الضعيفة لا القوية كقولهن: ''أعتقد أن بإمكاني'' و''في الحقيقة لا أعرف الكثير عن هذا الأمر لكن أظن أنه ينبغي علينا''، في حين أن العبارات القوية المحكمة والتي يقع من ضمنها عبارات الرفض وكلمة ''لا'' تترك طابعا إيجابيا على مسامع المديرين التنفيذيين· وهناك حقيقة حول سلوك النساء توضح أن إصدار الأوامر من الأمور الصعبة عليهن لأنها تظهرهن بمظهر عدواني·· هنا لابد من الإشارة إلى أن الثقة بالنفس وتأكيد الذات والإقبال على التحديات والتغلب عليها من صفات قادة الشركات· والسؤال الآن: هل يتعين على النساء أن يتعلمن لعب أدوار الرجال حتى ينجحن؟ في الواقع أن بعض النساء قد يمارسن سلوكا رجاليا نوعاً ما في أثناء توليهن منصب قيادي لكن ما يلبثن أن يعدن إلى طبيعتهن وفطرتهن، ولكن إذا كانت الشركات تقدر النساء وترغب بوجودهن فإنها حتماً ستشجع الإناث لأن يعملن وفق طبيعتهن أي أن يكن في المقام الأول صادقات مع أنفسهن لأنها لا تريد نسخاً من الرجال· إن المسألة ليست إلا مسألة تقدير للفروقات الفردية وعندها يمكن إدخال أساليب واستراتيجيات متنوعة جديدة على الشركة هي نتاج فكر رجالي ونسائي معاً· الأسلوب النسائي في القيادة أكثر فاعلية أشارت الدراسات إلى مجموعة من الملاحظات التي نتجت عن دراسة طبيعة القيادة لدى النساء بالمقارنة مع الرجال، ومن أهم هذه الملاحظات ما يراه بعض الباحثين في أن طبيعة القيادات النسائية الاهتمام بالناس أكثر من الاهتمام بالإنجاز والعمل لطبيعة المرأة العاطفية، ولا عيب في الأمر بل يؤكد الباحثون أن هذا من مصلحة النساء في ظل اتجاه العديد من الشركات نحو الإدارة بروح الفريق ومشاركة الموظفين في القرار، ما يجعل هذا الأسلوب النسائي أكثر فاعلية، هذا إلى جانب حب المرأة لأسلوب المشاركة وهو باختصار إعطاء القائد موظفيه فرصة أكبر لإبداء الرأي والمشاركة في اتخاذ القرار، وهذا قد يرجع إلى أن المرأة ليست لديها العقدة التي عند الرجل في الظهور بمظهر القائد كما أن لدى المرأة مهارات اجتماعية أكثر من الرجل مما يساعدها على إتقان أسلوب المشاركة بشكل أفضل·وللنساء صفات قيادية تميزها عن الرجال ولها الأثر الأعمق على طبيعتهن القيادية حسبما وضحها كتاب ''صناعة القائد'' حيث تبين الأبحاث أن المرأة تتمتع بمجموعة من الصفات الفطرية التي يمكنها استخدامه بشكل ممتاز في حالة توليها لمنصب قيادي، منها على سبيل المثال لا الحصر: صفة التعاطف وهذه من الصفات الإنسانية الجميلة التي يعشقها البشر حيث إن الشعور بالرحمة وتقدير احتياجات الآخرين وظروفهم من الركائز الأساسية التي تمنح الموظف مساحة يعشقها يمارس فيها إبداعه فتصل بذلك الشركة إلى القمة، وهذا ما يؤكد مقولة إن وراء كل شركة ناجحة مدير ناجح ووراء كل مدير ناجح موظفون ناجحون· والصفة الأخرى هي صفة تفهم حاجات النساء فالمرأة أقدر على تفهم حاجات النساء أكثر من الرجل خاصة وأنه قد أصبح لها دور كبير في العديد من المجالات التي تتردد عليها النساء بكثرة كالتعليم والصحة· وأثبتت دراسة قامت بها الباحثة جوديث روزنر أن استعمال المرأة للقوة في العمل أرق من الرجل وهي أكثر منه في إعطائها الصلاحيات للعاملين، مما يساعد على بناء فريق متحمس متماسك· هذا بالإضافة لقدرة المرأة العالية على الاتصال والحوار بطريقة تفوق الرجل لقناعتها العميقة في أن الاتصال والحوار أساسيان لإدارة العمل وهذا ما يبين أن المرأة أسرع وأعمق في تكوين العلاقات مع الآخرين، وتظهر إحدى الدراسات أن الرجال يستخدمون نصف أدمغتهم لدى الإصغاء في حين أن المرأة تستخدم الدماغ كله· وتختلف نظرة الرجال والنساء عن المرأة القيادية حيث يرى الرجال المرأة بشكل عام أنها لا تصلح للقيادة العليا، وأنها تستطيع قيادة النساء فقط وعاطفية فإذا أحبت رفعت وإذا كرهت فجرت في الخصومة وغير حاسمة عند اتخاذ القرار ولا تعرف الألعاب السياسية اللازمة لإدارة العمل، هذا فضلاً عن عدم قدرتها على التفاوض بشكل محترف فهي تكشف موقفها بسرعة وترضى بسرعة، أما فيما يتعلق بنظرة المرأة للمرأة القيادية فهي ترى أنها تتفهم مشاكل الموظفات أكثر من الرجل كما أنها تشرح ما تريد بشكل واضح وسلس أكثر من الرجل، والمرأة القيادية تنتبه للأداء الجيد والأداء السيء في حين أن الرجل ينتبه للأداء السيء فقط، وتخشى على منصبها كثيراً فهي لا تساعد أي امرأة ممكن أن تهدد مكانها· نمو عدد العاملات يصطدم بالحاجة إلى رفع عدد السكان اليابانيات بين واجب الإنجاب ومتطلبات العمل يعد المقترح المقدم من قبل مجلس السياسة الاقتصادية والمالية للحكومة اليابانية والمتمثل في زيادة معدل توظيف النساء الشابات المتزوجات خطوة إيجابية في الوقت الذي تعاني فيه اليابان من تدني معدل الولادات وارتفاع معدل شيخوخة السكان، إلا أنه ما لبث أن اصطدم ببعض الآراء المعارضة كقول الأستاذة الجامعية في إحدى الجامعات اليابانية: ''يطلب من المرأة اليابانية اليوم بأن تقوم بجميع الأعمال بدءاً من رعاية الأسرة والعمل وحتى إنجاب المزيد من الأطفال وهو الأمر الذي لم يكن كذلك في السابق حيث الدعوات لنا بألا نفعل أي شيء، واليوم علينا أن نفعل كل شيء''· وبالعودة إلى المقترح فإنه يسعى لأن يرفع معدل توظيف النساء المتزوجات ممن تتراوح أعمارهن بين 25 و 44 عاماً من 57% إلى 71% بحلول عام ،2017 عندما نعلم أن نسبة معدل توظيف النساء المتزوجات حالياً تبلغ 52% وهي أقل بحوالي 10% عن الدول المتقدمة الغنية، وهذه في الواقع نسبة أقل من المطلوب بالنظر إلى معدل التوظيف الكلي في اليابان الذي يعد أعلى قليلاً من المتوسط· والسؤال الآن: هل هذا المقترح يشكل فكرة جيدة على المدى البعيد؟ هنا يوضح الأخصائيون الاجتماعيون أن المرأة إذا اختارت الاستمرار في العمل بعد الزواج فإنها أقل احتمالاً لإنجاب الأطفال، وهذا ليس من صالح اليابان بأي حال من الأحوال خاصة وأن معدل الولادات فيها يبلغ 1,3 وهو من أدنى المعدلات في العالم، وعليه فإنه يجب تشجيع النساء على العمل أقل لمنحهن فرصا أكثر للإنجاب· ولكن الواقع يقدم لنا نماذج ناجحة استطاعت النساء الجمع ما بين الإنجاب والعمل وهذا ما يظهر جلياً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والدول الإسكندنافية حيث معدلات مشاركة المرأة في أماكن العمل والولادات مرتفعة بسبب توفر الإمكانيات التي تعين النساء على تحقيق التوازن ما بين عملهن وأسرتهن· ويدفعنا هذا الأمر للحديث عن الاستراتيجيات التي تطبقها تلك الدول المتقدمة لتحقيق غايتها المتمثلة في نسبة التوظيف العالية بين النساء ومعدل مرتفع نسبياً من الولادات، أنها تلك الاستراتيجيات التي تحتاج في الواقع إلى تمويل ضخم من الدولة وهو أمر غير مجد اقتصادياً في بلد تعاني من عجز مالي كبير مثل اليابان، وكمثال على تلك الاستراتيجيات إنشاء مؤسسات العناية بالطفل لمدة يوم كامل وهو مشروع نادر ومكلف، إلا انه يمكن إتباع وسائل أخرى نافعة وأقل كلفة كطلب ساعات عمل مرنة وهو الأمر الذي قامت به المملكة المتحدة ونجحت في تطــــــــــــــــبيقه حيث يتلخص في منح الأبـــــــــــــــوين ساعات عمل تلائم التزاماتهما للعناية بأطفالهما· وحول هذه الوسيلة تقول إحدى النساء اليابانيات التي تشغل منصبا مرموقا أنها يمكن أن تكون فكرة جيدة في اليابان إلا أن هذه الوسيلة قد تواجه صدامات فنظام العمل ضمن ساعات مرنة يعني أن الموظفة قد تعمل لساعات طويلة لكنها ساعات عديمة الفائدة لخلوها من الإنتاج، وقد تعمل من جهة أخرى لساعات قليلة وأيضا غير منتجة، فما يراد من هذا الأمر باختصار هو التركيز على الكيف وليس الكم لتحقيق الجدوى الاقتصادية· إن إعطاء النساء الفرصة للموازنة بين العمل والأسرة هو بمثابة كسر القوقعة التي تحول بين التفوق والإبداع في العمل والالتزام والتفاني أمام الأسرة· يشغلن 15% فقط من المناصب العليا في الشركات الأوروبية خطوات سريعة للوصول إلى قمة الهرم الوظيفي تسبب الندرة النسبية في تولي النساء مناصب تنفيذية عليا حالة من القلق في أوساط الشركات الأوروبية حيث أظهرت التقديرات الصادرة مؤخراً أن النساء يشغلن 15% من المناصب الإجمالية الحالية· وتشير صحيفة ''فاينانشيال تايمز'' إلى أن ذلك القلق ناجم عن مسألتين أولاً: عدم مطابقة الأقوال بالأفعال على أرض الواقع حيث وجد أن الشركات التي استحدثت مجموعة من السياسات كنظام العمل المرن والدوام الجزئي، تلك السياسات التي من شأنها أن تجذب أكبر عدد من النساء إلى أماكن العمل بل وتيسر أمر ارتقائهن على السلم الوظيفي· للأسف فأن القلة القليلة هي من تطبق تلك السياسات، وهذا ما تبينه لغة الأرقام حيث إن هناك أقل من 10% من المديرات يتبنين نظام العمل المرن وأقل من 20% من المديرات يعملن بدوام جزئي· ولابد من الإشارة إلى أن وجود بيئة مهنية إنسانية تمكن الموظفين والموظفات من العمل بشكل مرن في إطار من التفهم والتقدير يساهم وبشكل كبير في التقليل من حالات التسرب بين صفوف المثابرين والمبدعين منهم· والمسألة الثانية: هي مسألة تطوير القيادات النسائية، فمعظم القادة اليوم تدربوا وبجدارة على الغوص في علم إدارة الشركات من خلال زيارات دورية للإطلاع على عمل كبرى الشركات وتولي الكثير من المشاريع المهمة، ما أسهم وبشكل عميق في صقل مواهبهم الإدارية ومهاراتهم المعرفية في هذا المجال ومنحهم الفرصة لتبؤ أعلى المراكز في أكبر الشركات المحلية والعالمية·· وهذا للأسف ما تفتقر إليه النساء عند وضع المقارنة بينهن وبين الرجال فيما سبق من مسائل، ونظرة خاطفة إلى برامج الماجستير والدكتوراه تؤكد أن النساء لا يشكلن سوى 20% من القوى العاملة ولا نبالغ إن قلنا أن النسبة قد تكون أقل من ذلك، وهذا قد يعود إلى قضية التسرب الوظيفي بين صفوف النساء خاصة المتزوجات منهن· ويتوقع أن عدد النساء اللواتي يتولين مناصب قيادية في الشركات الأوروبية لن يتغير خلال العقد المقبل ومن غير المحتمل أن يتغير إلا إذا اتخذ أصحاب القرار إجراءات جذرية، منها على سبيل المثال لا الحصر: تحديد المهام الداخلية والخارجية ومنح النساء جزءا منها لصقل مهاراتهن الإدارية والقيادية· ويدفعنا هذا للحديث عن الدور الكبير الذي يجب أن يقوم به المدير العام والمدراء التنفيذيين في الشركة والذي يركزون من خلاله على اختيار مجموعة من النساء وتأهيلهن للوصول بهن إلى مناصب قيادية، وأثبتت النساء أنهن معلمات ونماذج تستلهم منها وتقتدي بها النساء الطموحات· الذاكرة العاطفية تساعد المرأة على التفوق في البورصات الآنســات أكثر نجاحاً من العُزاب! في عالم التداول المالي شديد التنافسية، احتلت إنجي لونج، التي لم تتجاوز 29 عاماً، مكانة مرموقة في أحد مكاتب التداول الشهيرة ويصفها عملاؤها وزملاؤها واحدة من أفضل المفكرين الاستراتيجيين في ''وول ستريت''· ويقول أحد العملاء: إنه حتى العام الماضي، لم يكن هنالك أحد يتصور قيامها بأي شيء آخر· كان ذلك إلى أن أصبحت أماً، وبعد ثلاثة أشهر من ولادة ابنتها، عادت لونج إلى مكتب التداول وبعد شهر من ذلك كانت مستعدة لتقديم استقالتها· وما حدث لها بعد ذلك أمر لا يمكن تصوره قبل 20 عاماً حينما كانت قاعات التداول تقع تحت سيطرة الرجال مستبعدين بذلك العنصر النسائي تماماً حيث نصح المكتب لونج بعد انتهاء فترة إجازة الأمومة أن تعود إلى منصب آخر يكون أكثر ملائمة لها كأم عاملة· وحول هذا الموقف تقول لونج: ''تعاملت مع بعض الأشخاص المبدعين في الموارد البشرية الذين قالوا لي أن أفكر خارج نطاق منصبي السابق والنظر إلى الأقسام الأخرى، ولم يكن علي اختيار وظيفة بدوام كامل أو وظيفة تقليدية، والنتيجة أنني حصلت على أغرب عرض في وول ستريت وهو تقديم استشارة 20 ساعة أسبوعياً للمكتب''· دور لونج الجديد ليس فقط شهادة على تطور الأفكار فيما يتعلق بوجود النساء في ''وول ستريت''، أو كيف مكن التقدم التقني من جعل ترتيبات العمل المرن أمراً محتملاً، وهو أيضاً دليل على كيف يجب لأماكن العمل أن تكافح من أجل الاحتفاظ بأفضل موظفيها وسط المنافسة المحتدة على المتداولين الذين يتمتعون بالموهبة سواء كانوا ذكوراً أو إناثا في أسواق في أمس الحاجة لمثل هؤلاء المبدعين المحترفين في عملهم· وحول ما تم للسيدة لونج ويقول أحد المسؤولين الماليين: '' ''حينما يكون لديك موظف قوي مثل إنجي، فإنك ستعمل جاهداً لإيجاد المكان المناسب له'' ويضيف: ''خلاصة القول هو إنني كمدير أفضل أن يكون لدي بعض من أنجي في الفريق بدلاً من فقدانها كلها''· وفي ظل الحديث عن المتداولين و''وول ستريت'' توضح إحدى المسؤولات في بنك ''جولدمان ساكس'' بأنه لا يوجد هناك مهارات معينة ونموذج موحد يسير عليه المتداول الناجح حيث نجد من حولنا أن أنجح وأفضل المتداولين يتنوعون في دراساتهم ومهاراتهم فنرى خريج الآداب وقد تفوق ونرى خريج الرياضيات وقد أبدع· وهكذا، فلا وجود هنا في عالم التداول عن تخصص أو مهارة بعينها تضمن للفرد التفوق والنجاح''· وأضافت:'' إذا كان هنالك شيء مشترك بينهم، فهو الرغبة في أن يكون الواحد منهم أفضل طالب في السوق''، على الموظف بشكل عام أن يملك قناعة راسخة اتجاه العمل الذي يقوم به ومثلما قال أحد المدراء: '' ما يعنيه ذلك هو الاقتناع بمنصبك لكن من دون أن تقع في غرامه''· إن العمل الجماعي مهم كذلك ويجب على المتداولين أن يقيموا علاقات وثيقة مع زملائهم وعملائهم بحيث يستطيعون المحافظة عليها في ظل ضغط شديد، وهذا يعني أن الرياضيين أصبحوا موظفين مشهورين في مكاتب التداول بالإضافة إلى الأشخاص الحائزين على تدريبات عسكرية· ومع ذلك، فإن أحد رؤساء قسم تداول في مصرف استثماري يروي أن آنسة متفوقة تخرجت في إحدى جامعات النخبة وحصلت على مرتبة الشرف، ولكنها كانت دون التوقعات في مكتب التداول· ويقول رئيس قسم التداول: ''في النهاية كانت متعجرفة جداً بسبب شهاداتها''· ويستطرد قائلاً: ''من خلال خبرتي، غالباً ما يكون الناس الأكثر نجاحاً هم الذين لم يكن هنالك الكثير من التوقعات حولهم''· وهكذا، فإن المصارف الاستثمارية تخصص أموالاً كبيرة لتوظيف كوادر من خلفيات متنوعة، مع الإشارة إلى أنه نادراً ما يتم تعيين نساء، ولكن الأخصائيين في علم النفس المهني يرون أن النساء غالباً ما يمتلكن سمات تجعلهن متداولات أكثر نجاحاً من الرجال· وهذا ما يذكره الباحث المتخصص في علم النفس المهني ألكسندر إدلير بقوله: ''إن النساء أكثر واقعية وأقل انفتاحاً ذاتياً، كما أنهن لا يخشين من طرح الأسئلة الصعبة، ولديهن صبر أقل على الألم· أما الرجال، فإنهم يحبون إثبات أن بإمكانهم التعامل مع الألم، وهذا ما يلقي بهم إلى المشكلات''· ومن المثير للدهشة ما أظهرته بعض الأبحاث في أن النساء غير المتزوجات أكثر نجاحاً من الرجال العزاب، والسبب لم يتم معرفته على وجه الدقة·· هذا إلى جانب ما تمت الإشارة إليه فيما يسمى بـ''الذاكرة العاطفية'' حيث إن لدى النساء ذكريات أقوى للأحداث العاطفية تبين أنهن عندما يخسرن أموالاً فهمن بذلك أكثر احتمالاً للاحتفاظ بذكريات سلبية للاستثمار ونتيجة لذلك، فإنهن أكثر ميلاً للاحتفاظ بأموالهن على الهامش بعد تدهور السوق عكس ما يقوم به الرجال، فإنهم أكثر مرونة للعودة إلى السوق بعد ارتفاعها حتى بعد نكسة مؤلمة، إلا أن المتداول الناجح سواء رجل أو امرأة هو المتمكن من السيطرة على عواطفه وضبط النفس وإن كان الأمر فعلاً به من الصعوبة الشيء الكبير·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©