السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

انفتاح إيران على الغرب لن يدوم طويلاً

انفتاح إيران على الغرب لن يدوم طويلاً
26 مارس 2016 01:33
توقعت الدكتورة ابتسام الكتبي، رئيسة مركز الإمارات للسياسات، ألا يستمر انفتاح إيران على الغرب طويلاً، لافتة إلى أن المشهد الإيراني لن يبقى على ما هو عليه، خاصة بعد «الاتفاق النووي» و«الانتخابات الإيرانية» اللذين قالت إنهما لن يغيرا في السياسات التدخلية والتوسعية لطهران. جاء ذلك، في حوار مع «الاتحاد»، عقب عقد المركز طاولة مستديرة ناقشت «تحولات المشهد السياسي في إيران على ضوء الاتفاق النووي والانتخابات التشريعية»، والتي عقدت في مقر المركز مؤخراً، في حضور نخبة من المتخصصين والسياسيين. وقالت الكتبي: «إن الهدف كان تناول المشهد السياسي في إيران، إثر تطورين مهمين شهدتهما الجمهورية الإسلامية الإيرانية مؤخراً، وهما توقيع الاتفاق النووي مع الدول الست الكبرى في شهر يوليو من العام الماضي وما أفضى إليه من البدء في عملية رفع العقوبات الدولية المفروضة في يناير من العام الجاري، والتطور الثاني هو إجراء انتخابات مجلس خبراء القيادة الخامس ومجلس الشورى العاشر في 26 فبراير الماضي. حوار: أحمد عبدالعزيز وأضافت أن هناك استنتاجات وخلاصات شملت العديد من النقاط المهمة في مقدمتها: قيام الجمهورية الإسلامية على التأسيس دستورياً لثنائية الثورة والدولة، وإنتاج مؤسسات لكل عنصر، وقد منح الدستور حق النقض لمؤسسات الثورة ضد مؤسسات الدولة، مشيرة إلى أن على رغم أن الدستور الإيراني ينص على أن إيران جمهورية، فقد حرم البرلمان ورئيس الجمهورية من رسم السياسات، وأصبح دور كل منهما تنفيذ السياسات التي يرسمها الولي الفقيه/‏‏‏ القائد الأعلى للثورة. وأشارت الكتبي إلى أن الثورة الإيرانية ثورة «نكوصية»، إذ إنها أعادت إيران إلى فكرة الإمامة التي تنتمي إلى التاريخ الإسلامي، كما أن فكرة تصدير الثورة خيالية أو أسطورية، لأن ليس لدى إيران نموذج جاذب يمكن تصديره، وتقوم في الواقع بدلاً من ذلك بتصدير الطائفية ونشرها في دول المنطقة. ولفتت إلى أن أهم الاستنتاجات سلطت الضوء على التحالف الحاكم في إيران الآن المكون من «بيت القائد» و«الحرس الثوري» اللذين قاما باستئصال مشروع الإصلاح ببعديه الثقافي والسياسي وإقصاء أحزابه وقيادات التيار الإصلاحي، وسعى إلى إنتاج تيار أحمدي نجاد، ولكن بعد أن أخذ هذا التيار يتحدى سلطة الولي الفقيه سياسياً ودينياً، قام التحالف الحاكم بتقويض هذا التيار (الإصلاحي)، وتبني استراتيجية جديدة تقوم على عدم السماح بتشكل أي تيار قوي، سواء كان ذا توجه أصولي أو إصلاحي أو محافظ معتدل. وأوضحت الكتبي أنّ الخلاصات والاستنتاجات شملت تحليل معاناة النظام السياسي الإيراني من أزمة داخلية بسبب احتكار تحالف «بيد القائد - الحرس الثوري» للحكم، وأزمة خارجية نتيجة لإخفاقه في تحقيق الزعامة الإقليمية نتيجة سياساته الطائفية والتدخلية، كما أن المشهد السياسي الإيراني قبل العام 2013 يعاني من انسداد سياسي وتدهور اجتماعي واقتصادي، لذا قام التحالف الحاكم بتصعيد حسن روحاني إلى منصب رئيس الجمهورية، بوصفه يمثل الحد الأدنى من الطموحات السياسية الداخلية، ويلتزم قواعد اللعبة، في الوقت الذي اعتبر النظام الحاكم أن أولوية روحاني هي التوصل إلى تسوية للملف النووي لإخراج إيران من عزلتها الدولية ورفع العقوبات التي استنزفت اقتصادها. وقاد روحاني دبلوماسية الاعتدال التي حققت نجاحاً في الملف النووي، لكن عدا هذا الملف لم يحصل تغير نوعي في السياسات الداخلية والخارجية في عهده. وأضافت أن النظام الإيراني الحاكم عمد في عهد روحاني إلى إعادة توحيد الدولة والثورة، لوقف الاستنزاف الداخلي الناتج عن الصراع بينهما، وإعادة هندسة المشهد السياسي الداخلي من خلال ضبط سلوك كل المؤسسات والتيارات السياسية، بما لا يشوش على مسار المفاوضات النووية، وكان لإعادة هندسة مشهد النظام السياسي الإيراني من الداخل آثار جانبية، أهمها الجمود وإضعاف الديناميات التي كانت تنتج أفكاراً وحلولاً وبدائل، وتلاشت الحدود السياسية بين التيارات وتنامي مكاسب «البراجماتية الثورية» لرفسنجاني- روحاني، مقابل تراجع الواقعية الثورية لخامنئي واضمحلال «المثالية الثورية» لمصباح يزيدي وأحمدي نجاد. وأشارت إلى أن الغرب له رأي في الانتخابات التشريعية، مبني على أن ثمة انتصاراً لتيار الإصلاح- الاعتدال، باعتبار أن هذا التيار فاز بنحو 81 صوتاً، مقابل التيار الأصولي الذي حاز 62 صوتاً، لكن أن هذا الاعتقاد غير صحيح لأسباب عدة، أولها: النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشورى والتي لم تحسم بسبب إحالة 67 مقعداً لجولة الإعادة، ثانياً: أن المستقلين فازوا بـ 75 صوتاً ومعظمهم لا تعرف اتجاهاتهم بدقة، ثالثاً: أن القوائم الانتخابية كانت تتسم بالسيولة وغياب التمايزات فيما بينها، فقد أدى رفض مجلس صيانة الدستور أهلية معظم مرشحي التيارين الإصلاحي والمعتدل لمجلس الشورى، وكل مرشحي التيار الإصلاحي لمجلس الخبراء إلى أن يتحالف مرشحو التيارين مع أنصار رئيس البرلمان علي لاريجاني، إضافة إلى شخصيات أصولية تدعم الحكومة، لذا برزت ظاهرة تكرار ورود اسم المرشح الواحد في أكثر من قائمة في الانتخابات بعضها متنافسة مع بعضها. وتوقّعت الدكتورة الكتبي: أنّ بعد الاتفاق النووي الإيراني طرحت طهران نفسها للغرب لاعباً مهماً في صوغ الترتيبات الإقليمية، وهذا الأمر لم يلق معارضة من الولايات المتحدة التي أخذت ترى في إيران قوة إقليمية يجب إشراكها في مثل هذه الترتيبات، وقد أسهم ذلك في الانكفاء الأميركي في صنع التحولات في المنطقة، فالولايات المتحدة كانت ترسم حدود الصراع مع دول الخليج وإيران، لكن هذا الدور قل أثره في الآونة الأخيرة الأمر الذي سهل تمدد إيران في المنطقة، مشيرة إلى أن من المتوقع أن تستفيد إيران من الانفتاح على الغرب بعد تطبيق الاتفاق، إلا أن مسار هذا الانفتاح لن يستمر طويلاً، إذ ستعيد إيران الجدل مع الغرب في الشأن النووي إلى المسار الأول، فالاتفاق لم ينه البرنامج النووي الإيراني، وما قام به الرئيس الأميركي أوباما هو أنه اشترى الوقت بتأخير حصول إيران على القدرات النووية اللازمة لصنع قنبلة. وقالت: إن كثيراً من المراقبين للشأن الدولي لا يتوقعون أي تغير في السياسات التدخلية والتوسعية لإيران، بسبب الاتفاق النووي والانتخابات الأخيرة، ويرون أن اشتداد المواجهة معها أو خفوتها سيعتمد على نتيجة حسم الأوضاع في اليمن وسوريا والعراق، وعلى اتجاهات أسعار النفط التي تؤثر في وضعها الاقتصادي. سيناريوهات محتملة تحدثت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات في حوارها مع «الاتحاد»، عن عدد من السيناريوهات للمشهد السياسي الإيراني، على المديين القصير والطويل. وعلى المدى القصير، قالت: من المرجح تراجع قدرة النظام الإيراني على تقديم بدائل خلال السنوات الأربع المقبلة، نتيجة ما وصل إليه المشهد السياسي من جمود وتدني التنافسية وضعف أداء النخبة السياسية، وهذا ما عكسته طبيعة المرشحين في انتخابات مجلس الشورى الذين في غالبيتهم لم يكونوا من الشخصيات المعروفة، أو أصحاب الخبرة السياسية. وأوضحت أنه سيتم منح تيار الاعتدال والرئيس روحاني مساحة أكبر للتحرك في ملفات تعتبر حصرية للتحالف الحاكم، كما أنه من المرجح أن تبقي الفجوة واسعة بين التحالف الحاكم والغالبية العظمى من أبناء العاصمة طهران، وقد يدفع ذلك النظام إلى مزيد من عمليات التصعيد للطبقة الوسطى الجديدة والبحث عن تعزيز تحالفه مع أبناء المحافظات. وحول السيناريوهات البعيدة المدى، توقعت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، أن يتجه النظام الإيراني إلى تبني النموذج الصيني بأن يقوم على استمرار تفرد «بيت القائد - الحرس الثوري» في الحكم بإيران مع الانفتاح الاقتصادي تدريجياً على العالم بعد اكتمال رفع العقوبات الاقتصادية، لافتة إلى أن من مقومات نجاح هذا السيناريو أن أهم أهداف المؤسسات الثورية من الملف النووي قد تحققت، أما معوقاته فهو أن تتنامى نزعة لدى التحالف الحاكم بإحياء الطموحات العسكرية للبرنامج النووي بشكل سري وانكشاف أمر ذلك، ما قد يعني عودة إيران إلى حالة التوتر الشديد مع المجتمع الدولي وربما سحب الشركات الأجنبية لاستثماراتها من إيران. وأضافت أن ثاني التوقعات للسيناريوهات البعيدة المدى، تشير إلى أن تتجه إيران إلى النموذج الكوري الشمالي في حال تم استئناف برنامج عسكري نووي بشكل سري وتم كشفه وتعرضت إيران لعقوبات وحصار على غرار الحصار المفروض على بيونغ يانغ، أو في حال بروز تفاعلات اجتماعية وعرقية قد تعرض بقاء النظام الحاكم للخطر، ولكن هذا السيناريو ضعيف الاحتمال في المدى المتوسط. واختتمت رئيسة مركز الإمارات للسياسات حديثها عن السيناريو الثالث، بالقول: «إن هذا السيناريو هو عدم حسم الخيارات الاستراتيجية من قبل التحالف الحاكم، بمعنى أن يبقى النظام الإيراني في حالة سيولة في خياراته الاستراتيجية وألا يستقر على أي نموذج للحكم والاقتصاد والسياسة الخارجية. وقالت: من المؤشرات التي تدعم هذا السيناريو أن النظام الإيراني لم يشهد حوارات استراتيجية وطنية حول الخيارات التي يجب تبنيها، بل غيّب كل التيارات الفاعلة والمهمة في صناعة قرار مهم مثل الاتفاق النووي الذي كان نتيجة لتقدير استراتيجي توصلت إليه مؤسسات التحالف الحاكم، ومن مؤشراته أيضاً استمرار أزمة الحكم والهوية في إيران وعدم قدرة النظام على الخروج من ورطة العداء لأميركا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©