الخميس 2 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعوبات إنترنتية

صعوبات إنترنتية
27 ديسمبر 2013 21:16
تثير أعصابي الهوية التي تطالبني مواقع البريد الالكتروني على النت بأن أتخذها لنفسي.. مثلاً أبدأ بالطريقة المحترمة المعتادة: أنا محمود السيد.. هكذا سيكون بريدي الإلكتروني حاملاً لاسمي ببساطة.. لكن البرنامج الوغد لا ينصاع بسهولة.. يخبرني أن هناك من يحمل هذا الاسم بالضبط. إذن أغير قليلاً.. أنا محمود السيد 1978.. يخبرني البرنامج أن هذه الصفة موجودة فعلاً.. يعني هناك محمود السيد 1978.. وبالتالي أجرب 1988.. لا جدوى.. يبدو أن محمود السيد الآخر الوغد أخذ كل الأرقام الممكنة. جربت ذات مرة أن يكون اسمي «الزنفلي الدعبساوي»، فأخبرني البرنامج أن هذا الاسم موجود. واضح أنه اسم شائع جداً.. كل الناس صار اسمهم «الزنفلي الدعبساوي» فجأة.. هكذا أضرب رأسي في الجدار شاعراً بأنني محدود الأفكار وغبي.. ثم أسمع أغنية غربية في التليفزيون فأختار اي مقطع منها وأجعله اسمي.. هكذا تجد عناوين بريدية عجيبة. هناك حيلة أخرى ممتازة هي أن تستعمل اسم مركب كيميائي.. لا أعتقد أن كثيرين افتتحوا بريداً إلكترونياً باسم «سايكلو بنتانو بير هايدرو فينانثرين».. أو «فورمامينو بايريدين أداكت».. ولو حدث هذا، فالحل الوحيد هو الانتحار. أسماء الديدان الطبية أيضاً تصلح أسماء بريدية ممتازة.. هناك «دايفللو بوثريام لاتام»، وهناك «أنجو سترونجيلاس كانتوننسيز». المشكلة فقط هي أنك تنسى اسمك.. لو طلبه أحد منك في أي مكان فلن تتذكره أبداً. فإذا قبل البرنامج الاسم في قرف واشمئزاز وعلى مضض، ولسان حاله يقول: ـ»سأتجاوز عن حماقتك هذه المرة فقط».. إذا فعل البرنامج هذا، فهو يطلب منك كلمة السر.. هذا عمل سهل نسبياً لأنه يقبل أي كلمة سر ما دامت طويلة بما يكفي، لكنه يقيم قوتها: هذه ضعيفة.. هذه متوسطة.. هذه قوية. المشكلة هنا هي أنك تدخل 500 موقع في كل أرجاء النت، وكل موقع له كلمة سر.. إما أن توحد كلمات السر وهذا معناه أن بيتك وشقتك وخزانة مالك كلها ذات مفتاح واحد، وإما أن تتذكر كل موقع وكلمة السر الخاص به، وهذا يعني أنك كمبيوتر آدمي ولا تحتاج لكمبيوتر آخر. سرعان ما تنسى كلمة السر.. هنا يسألك البرنامج: «هل نسيت كلمة السر؟.. سأذكرك بها لكن ما تاريخ مولدك؟»، غالباً ما تكون قد أدخلت تاريخاً زائفاً نسيته طبعاً. من الممكن أن يسألك سؤالاً أعددته لنفسك من قبل.. المشكلة هي انني تعرضت لعملية قرصنة على بريد إلكتروني قديم، لهذا صرت أختار أسئلة صعبة جداً جداً.. يسألك الجهاز: «ما اسم والد أرسطو؟.. متى توفي بيلاطس البنطي؟.. ما اسم عشيقة هتلر السرية التي لا يعرفها مخلوق على ظهر الأرض؟» في النهاية لا تعرف.. وفي النهاية تقنط وتقرر أن تفتح لنفسك بريداً الكترونياً آخر. وهكذا يبدأ كل شيء من جديد.. المنتديات مشكلة أخرى. أدخل ذلك المنتدى أو ذاك لأنه يعلن عن نتيجة الثانوية العامة. مثلاً تعال ندخل منتدى الأوباش، وهو منتدى محترم حسن السمعة. تدخل المنتدى فتجد من يبشرك: «نتيجة الثانوية العامة بلمسة واحدة.. اضغط على هذه الوصلة». الوصلة لا تنضغط.. لذا يبشرك منتدى الأوباش أن عليك أن تسجل نفسك لتعرف. هكذا تبدأ في ملء نموذج ممل طويل يسألك عن اسمك وسنك وبلدك واسم زوج خالتك ومتى سمعت عن منتدانا، وهل تراه رائعاً أم لا؟.. ويكتب لك حروفاً مشوهة يستحيل أن تقرأها ويطلب أن تكتبها في مربع. عملية تستغرق نصف ساعة. في النهاية يخبرك المنتدى أنه شاكر لك، سوف ينظر في أمرك وأمر عضويتك! هناك منتديات أخرى ترأف بحالك وتسمح لك بالدخول.. لكن صاحب الموضوع يحتم ان تكتب رداً.. ما جدوى هذا الرد ولماذا يرغمك عليه؟.. كل من ردوا فعلوا ذلك مرغمين. لهذا ترى ردوداً على غرار: «مشكور يا أخي» أو «شكراً شكراً» أو «بلابلاليبليثغثغفثثقغفف».. هل صاحب الموضوع سعيد بأن كل من علق هنا فعل ذلك وهو يلعنه؟ تعلق بدورك فتكتب:» فثقفغغفغؤتتتت». هنا تنفتح الوصلة ويمكنك الضغط عليها. تنقلك الوصلة إلى صفحة خاصة بوزارة التربية والتعليم، تقول: «تابعونا لتعرفوا نتيجة الثانوية العام»! نعم.. الإبحار في شبكة الإنترنت عملية شاقة تحتاج لأعصاب قوية وضغط دم سليم وعقل قادر على التسامح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©