ثورة "المحمول" تجتاح أفريقيا

أحدث الهاتف المحمول ثورة في حياة المواطن الأفريقي العادي في كل المجالات من العمل المصرفي إلى التعليم وحتى الجريمة المنظمة، في حين تتهافت شركات خدمة الهاتف المحمول الأجنبية على حصة في أسرع أسواق العالم نمواً· وبعد أن تجاهلت شركات المحمول أفريقيا في التسعينات انجذبت لها الآن بسبب التكنولوجيا الرخيصة والنمو الاقتصادي القوي ونجاح شركات رائدة مثل شركة ''ام·تي·ان'' من جنوب أفريقيا· وفي منتصف التسعينيات كان عدد الهواتف في مدينة نيويورك أكبر من عددها في أفريقيا كلها· وهذا العام تجاوز عدد المشتركين في خدمة الهاتف المحمول في القارة 200 مليون مشترك بعد عامين فقط من بلوغه مائة مليون مشترك· ويتوقع المحللون أن تتضاعف هذه الأعداد تقريباً في خمس سنوات مع تنافس شركات من الشرق الأوسط متخمة بالأموال مثل: ''سيلتل'' الكويتية، وشركات أوروبية كبيرة مثل: ''اورانج'' الفرنسية على الفوز بحصة في السوق· وقال ديفيد مارك وزير الاتصالات النيجيري السابق ذات مرة: ''إن الهاتف ليس للفقراء''، لكن ولت هذه الأيام والتغير الذي شمل ملايين من سكان أفريقيا كان كبيراً· وقال سولانج كونان مدير تعاونية لإنتاج الكاكاو في ساحل العاج: ''الهاتف المحمول مصدر فخر ورمز على المكانة·· لأناس كانوا مهمشين تماماً من قبل''· كان المزارعون الأفارقة يقطعون رحلات طويلة على طرق غير ممهدة تهاجمها العصابات لمعرفة أسعار تصدير منتجاتهم لكنهم الآن يتصلون هاتفياً بالميناء للتأكد من أنهم حصلوا على السعر العادل· وقال كونان: ''إنه أعظم اختراع في هذا القرن''· وبالنسبة لأربعة أخماس الأفارقة الذين يعملون في القطاع غير الرسمي، فإن الهاتف المحمول هو ما يمكن أصحاب الأعمال الصغيرة مثل فني الكهرباء والنجار من الاتصال بعملائهم وتنظيم أعمالهم· وقال ثيكلا مبونجو الباحث في ''اينفورما تليكومز آند ميديا'': ''المحمول زاد بالفعل من الإنتاجية في أفريقيا''· وتزيد خطوط المحمول في أفريقيا عن الخطوط الثابتة بأكثر من عشرة إلى واحد لكن نظراً لأن نحو 63 بالمائة من سكان القارة البالغ عددهم نحو مليار نسمة يعيشون في مناطق ريفية -وهو أعلى معدل في العالم - فإن شركات المحمول تواجه تحديات كبيرة· وقال بستون تشينسيلي المدير العام لـ''سيلتل'' في تشاد: ''العائد على استثماراتنا يمكن أن يكون منخفضاً جداً في المناطق الريفية''· وتمكن الطاقة الشمسية والوقود الحيوي الرخيص ''سلتل'' من تعويض ذلك· ويسد الهاتف الحمول ثغرات في قطاعات أخرى· فمع ندرة البنوك خارج المدن بدأت شركة سافاريكوم الكينية مشروعاً هذا العام يمكن العملاء من تحويل المال عن طريق الهاتف المحمول ويمكن للمتلقي تحصيل المبلغ بعد ذلك من أي متجر· ويأمل العديد من المراقبين أن يساعد الهاتف المحمول في تحقيق أهداف الأمم المتحدة المتعلقة بخفض الفقر إلى النصف، وزيادة التعليم الجامعي بحلول عام 2015 في إطار أهداف الألفية الجديدة· وقال فيتاليس اولانجا من سافاريكوم التي تملك حصة منها شركة فودافون البريطانية: ''تكنولوجيا الهاتف المحمول يمكن أن تقوم بدور أساسي في تحقيق أهداف الألفية في أفريقيا''، لكن الهاتف المحمول يتيح فرصاً كذلك لعصابات الجريمة المنظمة· وقال جيلس لوكاس من شركة باسيت لابز للبرمجيات: ''عصابات الجريمة المنظمة تبتعد عن الجرائم القذرة مثل تهريب المخدرات إلى جرائم نظيفة مثل الاحتيال عن طريق الاتصالات''، فهناك عصابات تسرق الهواتف المحمولة ثم تبيع المكالمات أو تخطف شاحنات تحمل بطاقات شحن· العصابات قد تخترق كذلك قواعد بيانات شبكات المحمول، وتزيل أسماء من قائمة من يدفعون الفواتير ليجروا اتصالات مجانية· وقال لوكاس: ''عمليات الاحتيال تتزايد؛ لأن التكنولوجيا الحديثة توفر فرصاً أكبر لها''، لكنه أضاف: ''إذا أوقفنا عمل جميع الهواتف المسروقة في أفريقيا فلن تجد شركات الهاتف المحمول عملاء''·