الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سعد عبد الراضي يصوغ مواجيده الروحية في «أحوال» شعرية

سعد عبد الراضي يصوغ مواجيده الروحية في «أحوال» شعرية
16 ديسمبر 2012
تتميز الأماسي والجلسات الثقافية التي تعقدها جماعة الإبداع في اتحاد الكتاب - أبوظبي بشكل عام بارتفاع منسوب التسامح الفكري وتقبل النقد الذي يهدف في العمق إلى قراءة التجربة محل النقاش وإضاءتها، كما تتميز بالحميمية والانسجام - رغم ما بين أفرادها من فوارق في الرؤى واختلاف في المشارب، ذلك أنهم في سلوكهم العام يترجمون، بتلقائية وعفوية، فحوى تلك العبارة المأثورة: “خلاف الرأي لا يفسد للود قضية”، لكن أمسية الشاعر المصري سعد عبد الراضي التي نظمتها الجماعة مساء الأربعاء الماضي كان لها نصيب أوفر من الأجواء الإنسانية العالية، ربما لرسوخ قدم الشاعر في أرض الكلمة وربما لتلك الأجواء الروحية التي أخذنا إلى عليائها في قصائده الصوفية. وقد انعكس ذلك في تعليقات الحضور، النقدية أو الانطباعية، التي أدلوا بها بعد انتهاء الشاعر من قراءة قصائده. بقصائد العامية المصرية بدأ الشاعر سعد عبد الراضي أمسيته، كاشفاً عبرها عن فرادة موهبته وخصوصيته الفنية التي جعلته لا يشبه أياً من شعراء العامية المصرية المعروفين، على حد تعبير الشاعر سالم بو جمهور القبيسي الذي قدم الأمسية، وفي قصيدته “زعلانة ليه” تبدت مصر بكل جمالها الحضاري والإنساني، وباتساعها ورحابتها الفكرية والإنسانية التي اختصرت بين أعطافها ثقافات العالم القديم كما لو أنها بالفعل “أم الدنيا”. ثم قرأ الشاعر عدداً من القصائد ذات المنحى الصوفي، وفيها شفت العبارات وانفتحت الرؤى الشعرية لتغرف من معين تلك المعرفة الأزلية تساؤلاتها الوجودية عن الكون والحياة والخلق أو انخطافاتها الشعورية في رحاب الوجد أو تحررها من الطيني/ البشري في حال الوصول. في قصيدته التي حملت عنوان “المريد” ينسج الشاعر صفات الذات الإلهية في حلة قشيبة من الألفاظ التي تتسلل إلى القلب لتأخذ بمجامعه، من غير تعقيدات ولا ألغاز ولا معميات، بعبارة تتمسك بأهداب البساطة دون أن تتخلى عن العمق.. مجسداً تلك الحال الروحية التي يرتقي فيها المرء من مقام “العبيد” ليدخل في مقام “العباد”، راصداً تحققه على المستوى الإبداعي في “حال” شعري تولد خلالها القصيدة لينكتب هو نفسه في ولادة جديدة: وإذا كتبتَ فأنتَ قصدٌ في القصيدِ ولن تكونَ العبقريّْ قد صارَ نبعُكَ سرمديّْ يَجْري بسرِّ السرِّ طوعاً للمديدِ وللمِدادِ إذا مُددتَ بأيِّ حرفٍ في القصيدْ الآنَ تولدُ من جديدْ الآنَ تولدُ من جديدْ الآن ٌهُوْ عينُ المرادِ وتواترت فيوضات الشاعر وتجلياته الروحية التي قطفها بعد أن “فُتِّحَتْ له كلُّ المسارح” في قصائد: ألفٌ وباءْ، قصيدة، بَسْمَلَه التي أخذته في طواف سرمدي بين حقول الدلالات المترامية والأسرار اللامتناهية للفظ “بسم الله”، ثم قصيدة “أنَا من أنَا؟ غيرُ ما بينَنا” التي تفتحت فيها أنواره الداخلية، فجاءت القصيدة متدفقة، تنثال صورها واحدة تلو الأخرى، فيما هو يسكب في تلافيفها روحه الضاجة بالأرق والخوف والسؤال والرغبة في القرب الذي به يغتسل في ماء الشعر ويمضي قدماً إلى ذلك الألق المشتهى.. محافظاً على شعرية النص، لغته الريّانة، مشاعرها المتأرجحة على ضفتي المعنى، كاشفاً أو واصفاً تلك النشوة التي يقطفها في رحيله إلى أميرته/ القصيد.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©