الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إذا أفاق "ارييل شارون" من الغيبوبة.. هل توقع إسرائيل اتفاق سلام نهائياً؟

إذا أفاق "ارييل شارون" من الغيبوبة.. هل توقع إسرائيل اتفاق سلام نهائياً؟
30 يونيو 2007 01:50
الاتحاد - خاص: ''رجال من الدرجة الثانية دولة من الدرجة الثانية''· هذا هو وضع إسرائيل الآن، فهل تستطيع أن تعقد سلاماً شاملاً، ونهائياً، مع العرب؟ يحدث هذا، ربما، إذا عاد ''ارييل شارون'' الذي توقف طويلاً في منتصف الطريق بين الحياة والموت إلى رئاسة الحكومة· المسألة معقّدة إلى هذه الدرجة، وكل المعلّقين، والمحللين، يكادون يجمعون على أن الدولة العبرية ليست مؤهلة البتّة لمثل ذلك السلام· هل ننتظر رجالاً من الدرجة الثالثة أم رجالاً من الدرجة الأولى؟ وقت طويل أمامنا··· هل تستطيع إسرائيل أن تعقد سلاماً شاملاً، ونهائياً، مع العرب؟ كان السياسي الراحل ''ييجال آلون'' يقول إنّ حيوية الدولة العبرية، بل ''وعبقريتها'' تكمن في كونها (واستمرارها) حالة قيد التشكل، إن بالنظر لـ''مهمتها اللاهوتية'' أو لكونها تخضع لتجاذبات جغرافية معقدة تفرض عليها دينامية استراتيجية مميّزة· ذات يوم كتب ''جان - جاك سرفان - شريبر'' عن التقاطع بين القنبلة الأيديولوجية والقنبلة النووية· هذا الصحافي والسياسي الفرنسي اليهودي الذي وضع ''التحدّي الأميركي'' ثم ''التحدّي العالمي''، اعتبر أنّ تل أبيب لا تستطيع التخلي عن أي من القنبلتين لأنها إذا ما فعلت ذلك تفقد المبرر الميتافيزيقي والاستراتيجي لوجودها، ليضيف، وهو الذي طالما هلّل للنتائج التي أسفرت عنها حرب يونيو ،1967 وكان مديراً لمجلة ''الاكسبرس''، إن إسرائيل ستصل إلى ذلك اليوم الذي تصبح فيه الدولة الأكثر تعثراً في العالم لأنها قامت على مفاهيم لم تعد على صلة بآليات العصر· الأمراض الإيديولوجية بعد نحو 22 عاماً من كتابة هذا الكلام، ردّ الباحث اليهودي الأميركي ''ديفيد روثمان'' بالقول إن ''الفورة الايديولوجية في الشرق الأوسط أثبتت أن آباء الدولة اليهودية كانوا على حق، فهؤلاء كانوا يدركون ماذا يختزن الرجال في المنطقة في رؤوسهم''، ولكن ألم يكتب ''ناعوم تشومسكي'' أن الأداء الإسرائيلي، وحيث يتم تشويش النصوص التوراتية، بتلك الطريقة المدمّرة، لاستخدامها سياسياً، هو الذي جعل الشرق الأوسط يستعيد ''أمراضه الايديولوجية'' بعدما كان قد بدأ يبحث عن سبل لنهضة جديدة تنقذه من الظلال المتبقية من غيبوبة الألف عام· ''تشومسكي'' هو الذي قال أيضاً إن البعض في إسرائيل يراهن، فعلاً، على غيبوبة ألف عام أخرى يواجهها العرب، وهو الأمر الذي يعكس القصور الفكري لدى هؤلاء، إذ إن بإمكان رجل مثل ''ارييل شارون'' أن يقيم جداراً فاصلاً بين العرب والإسرائيليين، ولكن سيكون من المستحيل بناء جدار فاصل بين العرب والعصر· ''تشومسكي'' هو الذي يتحدّث عن المأزق الأيديولوجي في الدولة العبرية· كيف تستطيع أن تجتاز ''جبل الدموع'' (في الميتولوجيا اليهودية) لكي تصل إلى العرب؟ الواقع أنه جبل الدم، لكن العرب فتحوا أذرعهم للسلام الذي قالت أكثر الجهات تشدّداً ''إنه خيارنا الاستراتيجي''· هل هو أيضاً الخيار الاستراتيجي لإسرائيل؟ صلوات من أجل ''شارون'' من أطرف ما يُقال الآن بين المثقفين الإسرائيليين، لاسيما الكاتب البارز ''عاموس أوز''، أن على الحاخامات إقامة الصلوات من أجل أن يستفيق ''شارون'' من غيبوبته· حالياً، تحسَّن وضعه نسبياً· استجابته ميكانيكية، لكن معجزة هي التي تدفعه في اتجاه الحياة بعدما أمضى مدة طويلة عالقاً في منتصف الطريق بين الدنيا والآخرة· هذه هي النقطة التي يلتقطها ''عاموس اوز'' ليقول إنّ ''شارون'' لا بد أن يكون قد تبدّل، وهو عند تلك اللحظة الفاصلة، أو الجدار الفاصل· خَبِر ماذا تعني الحياة، وماذا يعني الموت، ولا بد أنه لاحظ - وهو الذي طالما فاخر بأنه أول مَن ابتدع استراتيجية الاختراق- أنه بقي لأشهر طويلة وهو مسجّى في مكانه· لم يستطع أن يخترق الحياة (أو الموت) بملليمتر واحد· هنا يتساوى الناس: أين هم العرب وأين هم الإسرائيليون؟ إذا عاد ''شارون'' إلى رئاسة الحكومة، رجل وصل إلى حافة الموت يعرف ما هي الحياة، وقد يخترق كل ماضيه ويقيم سلاماً شاملاً ونهائياً مع العرب، ماذا إذاً عن ''ايهود اولمرت'': بدل عن ضائع! ربع قرن للتنفيذ الموضوع الفلسطيني أكبر منه بكثير· حين أخذ على الزعيم الفلسطيني الراحل ''ياسر عرفات'' توقيعه اتفاق اوسلو باعتباره حافلاً بالثغرات، وكان ذلك في عام ،1993 وقيل إنّ تنفيذه قد يستغرق ربع قرن، كان ردّه انه يأمل أن يكون ذلك صحيحاً، إذ إنّ سلاماً من هذا القبيل يحتاج إلى تهديم كل العوائق السيكولوجية، مع إضافاتها التاريخية والعقائدية والأخلاقية· حتى الآن انقضى نحو 14 عاماً على الاتفاق· الأمر قد يحتاج إلى 10 سنوات أخرى، فالثابت أنّ الإسرائيليين الذين يفاخرون بأنهم حملوا على ظهورهم، ولآلاف السنين، كل ذلك المخزون اللاهوتي، كانوا يراهنون (وبسذاجة مروعة) على تفكك الذاكرة الفلسطينية، وإذ ذاك تنهار الحالة الفلسطينية ويغدو السلام ''منطقياً'' و''ممكناً'' و''متوازناً'' مع··· الفتات· بعد كل المحاولات التي جرت، كان على الكاتب ''عاموس كينان'' أن ينتقد، بشدة، ما دعاه بـ''جنون الدبابات''، ليضيف انّ السياسات الدموية تهدف إلى تعزيز ''اللاهوت الفلسطيني''، فالأرض عند الفلسطينيين تحوّلت إلى واقع (أو حلم) مقدّس، فيما فلسطينيو الشتات، وإن تكيّفوا، بصورة أو بأخرى، مع المجتمعات التي انتقلوا إليها، فقد بقيت فلسطين، وكما يشير ''كينان''، ''أرض الميعاد'' التي لا بد أن يعودوا إليها ذات يوم، حتى أنّ أجمل هدية يبعث بها فلسطيني من داخل فلسطين إلى قريب أو صديق في الغرب هي حفنة من التراب الفلسطيني· تحطيم رأس ''ليبرمان'' المبادرة الديبلوماسيّة العربيّة شرّعت الأبواب أمام العملية التفاوضيّة، وفي حيثياتها خروج واضح، وعقلاني، من جاذبية الصراع العسكري· المشكلة أنّ المجتمع الإسرائيلي في حالة ارتجاج، أو غيبوبة، ولكن هنا في منتصف الطريق بين الحرب والسلام· الازدواجية هائلة هنا، وثمّة مَن يسأل: مّن يتجرّأ على تحطيم رأس ''أفيجدور ليبرمان''؟ الرجل ليس وحيداً· نصف الإسرائيليين أو أكثر أو أقل، يعتبرون أن الفلسطينيين هم عبارة عن ألغام بشرية، وأنّ أي سلام معهم يعني الوقوع في المصيدة· هنا للمصيدة مرادف وحيد هو: النهاية! لا أحد، في الوقت الحاضر، يمكن أن يفعل ذلك· تعليقات هامّة في الصحف تتحدث عن ''رجال من الدرجة الثانية دولة من الدرجة الثانية''· هذا هو وضع إسرائيل الآن، فالبديل عن ''ايهود اولمرت'' هو ''ايهود باراك'' أو ''بنيامين نتنياهو''· الاثنان اختبرا، وأظهرا عجزاً مثيراً للذهول في إدارة العملية السياسية، وكذلك في التعاطي مع الملفات الساخنة· ماذا عن ''تسيبي ليفني''؟ البعض يقول أنها تفتقد الكثافة الاستراتيجية، أي أنها قد تتخذ قرارات سريعة، ومرتجلة، وهو ما يدحضه البعض الآخر بالقول إنها ''جولدا مائير''، ولكن ليس بوجه··· دراكولا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©