الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصير كوسوفو.. عقبة أمام تحسين العلاقات "الأميركية – الروسية"

مصير كوسوفو.. عقبة أمام تحسين العلاقات "الأميركية – الروسية"
30 يونيو 2007 01:58
قبل أقل من أسبوع على القمة المقرر أن يلتقي فيها كل من الرئيس الأميركي جورج بوش ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة الموضوعات المعلقة بين البلدين في ولاية ''ماين'' الأميركية، يبرز الوضع في كوسوفو باعتباره من المسائل الخلافية التي ستحظى باهتمام خاص في المحادثات التي ستجرى بين البلدين· صحيح أن'' كوسوفو'' تلك المقاطعة الصغيرة التي سيطرت عليها قوات حلف ''الناتو'' في الحرب، التي اندلعت عام 1999 تقع خارج نطاق المناطق، التي تزعم موسكو أنها تمثل مناطق نفوذ لها في عصر ما بعد الحقبة السوفييتية، إلا أن الهم الروسي الأساسي الذي تقول موسكو إن الغرب يتجاهله تماماً هو ذلك الخاص بأن منح الاستقلال لكوسوفو سيشجع الكثير من الدول التي كانت ضمن الاتحاد السوفييتي السابق على المطالبة هي الأخرى بالاستقلال علاوة على أنه سيؤجج مشاعر الروس المتعصبين لقوميتهم ويدفعهم للمطالبة بإعادة الأقليات الروسية التي تعيش في البلدان المجاورة إلى دائرة النفوذ الروسي مجدداً· والمعارضة الروسية للخطة الأميركية التي ستضع هذه المقاطعة الصربية الصغيرة على طريق الاستقلال ازدادت حدة لدرجة دعت الخبراء والمراقبين إلى توقع أن تؤدي هذه الأزمة إلى إعاقة الجهود الرامية لترميم العلاقات المتدهورة بين البلدين خلال القمة المزمع عقدها بين بوش وبوتين· تعلق ''ناديجدا ارباتوفا'' رئيسة الدراسات الأوروبية في المعهد الرسمي للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو على ذلك بقولها:''منذ أن قام هتلر والحلفاء الغربيون بتقطيع أوصال تشيكوسلوفاكيا في ميونيخ عام ،1938 لم يحدث أن تم تقطيع أوصال دولة مستقلة بتواطؤ من المجتمع الدولي على النحو الذي يزمع الغرب في القيام به مع صربيا الآن''وأضافت ''أرباتوفا'' قائلة:''إن روسيا تطالب الغرب بالتوقف عما ينتويه، والتفكير في السابقة التي ستترتب على ذلك، وعليه أن يعرف أن استقلال كوسوفو، وإن كان يمكن أن يجعل الحياة أكثر بساطة قليلاً لأوروبا، فإنه سيفتح باب الجحيم بالنسبة للعديد من الدول الأخرى''· وفي الأسبوع الماضي، قامت مجموعة تضم أربعاً من الدويلات التي انشقت عن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وهي'' أوسيتيا الجنوبية'' و''أبخازيا'' و''ترانسدنيستريا'' و''ناجورنو كاراباخ'' بالتوقيع على بيان مشترك تناشد فيه المجتمع الدولي بأن يعترف بإرادة شعوبها ورغبتها في الاستقلال· فعلى الرغم من أن تلك الدول قد استقلت فعلياً بعد أن خاضت حروباً انفصالية في بدايات التسعينيات من القرن الماضي، فإن موسكو لم تعترف أبداً باستقلالها· ويقول الخبراء إن الاتحاد الروسي وهو اتحاد متعدد العرقيات، ويوجد بداخله بعض الكيانات المتمردة الراغبة في الانفصال مثل الشيشان، لديه أسباب تدفعه إلى تفضيل الإبقاء على الوضع الحالي، ولكن القرار الخاص بمنح الاستقلال لكوسوفو، سيؤدي إلى رجحان كفة الميزان وميلها لصالح الأقليات المتمردة· ويذكر أن روسيا قد هددت باللجوء إلى استخدام حق ''الفيتو'' فيما لو ما تم عرض موضوع استقلال كوسوفو على مجلس الأمن الدولي، غير أن ذلك لن يحول بالضرورة دون إقدام كوسوفو على إعلان استقلالها، كما لن يحول دون إعلان الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي اعترافها بهذا الاستقلال· ويبدي معظم القادة الأوروبيين انزعاجاً واضحاً بسبب ما يصفونه بالتعنت الروسي بصدد هذا الموضوع· وقد عبر بوش عن هذا الشعور في تصريح أدلى به في رحلته الأوروبية الأخيرة:''في نقطة معينة في المستقبل، طال الزمان أم قصر، سوف نجد أنفسنا مضطرين لأن تقول للروس··· هذا يكفي!·· يجب علينا ألا ننخرط في حوار لا ينتهي حول موضوع حزمنا فيه أمرنا منذ زمن··· فنحن نعتقد أن كوسوفو يجب أن تكون مستقلة وروسيا أيضاً يجب أن تعي ذلك''· ومما يذكر في هذا السياق أن كوسوفو، وهي مقاطعة تسكنها أغلبية ألبانية، وتعتبر مهد الحضارة الصربية، كانت هي الساحة التي جرت فيها الحرب الانفصالية والحملة الصربية الوحشية على السكان الألبان في تسعينيات القرن الماضي· وبعد التقارير التي نشرت عن عمليات تطهير عرقي قام بها الصرب، وأسفرت عن مصرع قرابة 10 آلاف ألباني في ذلك الوقت، قرر حلف ''الناتو'' التدخل لإيقاف تلك المذبحة، وهو ما حدث بالفعل حيث تمكن ''الناتو'' بعد حملة قصف جوي، استمرت 78 يوماً من هزيمة صربيا واحتلال كوسوفو، لتظل المنطقة منذ ذلك الحين تحت إدارة الأمم المتحدة، يعاونها في ذلك قوة من ''الناتو'' يبلغ قوامها 16 ألف جندي وضابط لبسط الأمن وحفظ النظام· في معرض ردهم على الدعاوى الروسية، يقول الخبراء الغربيون إن كوسوفو تمثل حالة خاصة، لأنها تعرضت لمذبحة جماعية تحت الحكم الصربي، ولأن هناك رغبة ملحة بين سكانها في الاستقلال· وقد علق ''دانيال فرايد'' مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية واليوروآسيويه أثناء محادثات مائدة مستديرة جرت في شهر مارس الماضي على وضع كوسوفو بقوله: ليس هناك وضع في أي منطقة في العالم يشبه الوضع في كوسوفو، كما لا توجد هناك منطقة في العالم تشرف الأمم المتحدة على إدارتها منذ سبع سنوات- تقترب الآن من ثمان- مثلما تشرف على كوسوفو، وليست هناك حالة اضطر فيها ''الناتو'' للتدخل للحيلولة دون حدوث عملية تطهير عرقي واسعة النطاق كما حدث في كوسوفو''· يرد الخبراء الروس على ذلك بالقول إن الحل الأمثل من وجهة نظرهم هو أن تظل كوسوفو تابعة لصربيا مع العمل في الوقت نفسه على التوصل إلى تسوية ومصالحة بين سكانها من الألبان وبين الصرب على النحو الذي تمت به المصالحات بين العديد من الأقليات العرقية التي كانت تتشكل منها يوغسلافيا السابقة· ويصر المسؤولون الروس على أن ذلك هو الحل الأمثل وأن الغرب يعرف ذلك، ولكنه يدأب على تجاهل الهموم الروسية، وأن استقلال كوسوفو بالذات، سيضع الرئيس بوتين تحت ضغط سياسي شديد، قد يدفعه للرد على هذه الخطوة، وهو ما يجب العمل على توقيه لأن الخيارات المتاحة في مثل هذه الحالة ستكون كلها خيارات سيئة، ولن يكون هناك خيارات جيدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©