السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر توزع 10 ملايين كيس تسوق صديق للبيئة

الجزائر توزع 10 ملايين كيس تسوق صديق للبيئة
17 ديسمبر 2012
في خطوة تهدف إلى حماية البيئة من أثر أكياس التسوق البلاستيكية غير القابلة للتحلل، تطلق الجزائر حملة توعية يتم بمقتضاها توزيع عشرة ملايين كيس قماشي «قفة» مصنوعة من القش على مدى خمس سنوات مقبلة، بهدف تقليص استخدام الأكياس البلاستيكية خاصة السوداء في التسوق نظرا لأخطارها على البيئة، والمظهر الجمالي للمدن إضافة إلى ضررها على الصحة العامة. حسين محمد (الجزائر) - أطلقت “الاتحادية الجزائرية للمستهلِكين”، التي تضم العديد من الجمعيات المهتمة بحماية المستهلِك، حملة ميدانية مؤخرا، تهدف إلى توعية الجزائريين بخطر الأكياس البلاستيكية، وخاصَّة السوداء، على الصحة العامة والبيئة معاً، ومطالبتهم بالتخلي عنها تدريجياً وتعويضها بقفف تقليدية وأكياس من القماش والورق يتمّ إنتاجُها وتسويقُها لهذا الغرض، وتعتزم الاتحادية توزيع 10 ملايين قفة وكيس قماش وورق على مدى 5 سنوات لتحقيق هذا الهدف. شعار جذاب تتخذ الحملة شعاراً جذاباً لها وهو “كن صديقاً للبيئة”، وتهدف الحملة، وفق محمد تومي، المسؤول باتحادية المستهلكين، إلى القضاء على ظاهرة الأكياس السوداء التي تفشت في العقود الأخيرة بالجزائر وأضحت تغزو البيوت والفضاءات العامة على نطاق واسع، وتُسبب “تلوثاً بصرياً” يصدم الرائي في كل مكان. ويؤكد تومي أن الأكياس البلاستيكية مُضرَّة بالصحة مهما كان لونُها، لكن ضررَها يصبح أكبر إذا كان لونُ الكيس أسودَ قاتماً. ويضيف “الكثير من المواطنين أضحى يحمل الخبز في هذه الأكياس التي أثبتت كل الأبحاث العلمية أضرارها الشديدة على الصحة والبيئة، دون أن يدروا أن الخبز الساخن يُفضي إلى تحلّل المكوِّنات الكيماوية لهذه الأكياس وامتزاجها بالخبز، وبالتالي تهديد صحتهم بمرور الوقت”. ويبدي تومي حسرته على تأخر الجزائر في مجال منع الأكياس البلاستيكية خلافاً للعديد من الدول وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا وجنوب إفريقيا التي قضت على الأكياس البلاستيكية تماماً، وبلغت مستوى متقدماً في حماية البيئة من هذه الناحية. ويضيف “المفارقة أن فرنسا تمنع الأكياسَ البلاستيكية على أراضيها وتعوّضها بأخرى ورقية صحّية و”صديقة للبيئة”، بينما تقوم بعضُ أسواقها الكبرى في الجزائر بتوزيعها مجاناً على زبائنها”. وتعتزم اتحادية المستهلكين توزيع 10 ملايين قفة تقليدية وكيس قماش وورق في غضون 5 سنوات على 5 ملايين عائلة ابتداءً من مستهلِّ عام 2013، بمعدل مليوني قفة وكيس في العام الواحد، حيث ستستفيد كل عائلة من قفةٍ وكيس واحد، إذ أن القفة مخصصة لاقتناء الخضراوات والفواكه، ويتعين على كل مستهلِك أخذُها معه إلى السوق لاستعمالها بشكل دائم ورفض نقل حاجياته في أكياس بلاستيكية حفاظاً على صحته والبيئة معاً، أما أكياس القماش والورق فهي موجَّهة لاقتناء الخبز. وعود مبشرة تراهن الاتحادية على دعم قويٍّ من السلطات والمؤسسات الاقتصادية الكبرى، المحلية والأجنبية العاملة بالجزائر، ومنها شركات السيارات ومؤسسات الهاتف المحمول وغيرها لتمويل المشروع الطموح وإنجاحه. وبهذا الصدد، تلقت الاتحادية وعوداً عديدة من وزارات الصناعات التقليدية والبيئة والفلاحة والتضامن، وكذلك من عددٍ معتبر من المؤسسات الكبرى بالجزائر لدعم المشروع مادياً. إلى ذلك، يقول تومي “تكلف القفة التقليدية المصنوعة من الحلفاء أو سعف النخل نحو 800 دينار جزائري (8 دولارات)، ولمعرفتنا بأن هذا الثمن سيكون باهظاً على المستهلِك، فقد طلبنا من السلطات بيعَها مدعومة؛ إذ قررنا عرضَها للبيع بمبلغ 300 دينار فقط والباقي تتكفل به السلطات، وهذا لتخفيف العبء على المستهلِك وتشجيعه على اقتنائها واستعمالها”. وتعِدُ وزارة الصناعات التقليدية بدعم المشروع وإنجاحه، تقول ثريا بسكري، مسؤولة بالوزارة “اتصلنا بكل الغرف الحِرفية بالولايات الـ48 للبلد قصد تجنيد كل الحِرفيين المتخصصين في إنتاج القفف التقليدية، سندعم المشروع بكل قوة نظراً لمقاصده المتشعبة؛ فهي أهدافٌ بيئية واقتصادية وتراثية في آن معاً، حيث سيُحيي هذه الحِرفة العريقة التي تراجعت بحدّة في العقود الأخيرة أمام الأكياس البلاستيكية، ويعيد الاعتبارَ لها كصناعة تقليدية كانت لها هيبتُها في الماضي”. من جانبه، يقول مخلوف بكاري، رئيس غرفة الصناعات التقليدية بولاية “سعيدة” غرب الجزائر: “في ولايتنا نحو 100 حِرفي مختص في صناعة القفف التقليدية، وسيتجندون أثناء بداية تنفيذ مشروع اتحادية المستهلكين، وأعتقد أن هذا المشروع سينعش هذه الحِرفة التقليدية ويوسّع دائرة الحرفيين العاملين بها، نحن مستعدون لتكوين المئات من الشبان فيها لإنجاح المشروع، لاسيما إذا استجاب الحِرفيون في بقية الولايات وفي مقدمتها تلك التي توجد بها الحلفاء وسعف النخل و”الدوم” بوفرة، ومنها الجلفة والنعامة ومعسكر والشلف وغيليزان وتيسمسيلت ووادي سوف وإليزي وبقية ولايات الجنوب”. معاناة حِرفة قمنا بزيارة بعض الحرفيين المتخصصين في إنتاج القفف التقليدية العريقة بالجزائر، أثناء المعرض الدولي الـ17 للصناعات التقليدية. وفي أحد الأجنحة، كانت العالية بكري، رئيسة “جمعية حواء الونشريس لترقية المرأة” من ولاية تيسمسيلت، غرب الجزائر، منكبّة على إنتاج قفة تقليدية بالحلفاء، وكانت يداها تتحرَّكان بمهارة فائقة، وهما تمسكان بالحلفاء لتنسج منها قفة تقليدية. وعن مدى استعداد جمعيتها للإسهام في مشروع الـ 10 ملايين قفة في 5 سنوات، تقول “نستطيع إنتاج ما بين 3500 و4 آلاف قفة مختلفة الأحجام كل شهر، لدينا الآن 5 فتيات في الجمعية ويمكننا تأهيل نحو 20 فتاة وسيدة للعمل في هذه الحِرفة إذا انطلق المشروع فعلاً”. وتضيف “نعلق على هذا المشروع آمالاً كبيرة لإحياء هذه الحرفة التقليدية التي تراجعت كثيراً في العقود الأخيرة، وتكاد تندثر بعد أن أصبح أغلب الناس، حتى في الأرياف، يفضلون استعمال الأكياس البلاستيكية، هذه الحِرفة بحاجة إلى دعم كبير من السلطات وبخاصة من الجانب التسويقي، وحتى من ناحية توعية الناس بأهميتها وإقناعهم بالعودة إليها حفاظاً على صحتهم وعلى البيئة معاً”. ويؤكد تومي أن آلاف الحرفيين المتخصصين في إنتاج القفف التقليدية بمختلف أنحاء الجزائر سيكونون في الموعد فور انطلاق مشروع 10 ملايين قفة وكيس قماش في بداية 2013، لأنه يمثل لهم فرصة من ذهب لإحياء حرفتهم التي تعاني من تراجع مستمر في العقود الثلاثة الأخيرة، وبالتالي سيعودون إلى النشاط بكل قوة للاستفادة من عائداته، وأبدى تفاؤله بنجاح المشروع الذي تبنّته اتحادية المستهلِكين ويحظى بدعم السلطات وكذا المؤسسات الفاعلة. تحد كبير أبدى مراقبون تحفظهم على المشروع؛ إذ إن إقناع 37 مليون جزائري بالعزوف عن الأكياس البلاستيكية المتوافرة في كل مكان، وحمل القفة التقليدية وأكياس القماش أو الورق لاقتناء حاجاتهم المختلفة، يبقى تحدياً كبيراً؛ فقد تعوّد الجزائريون على حمل الأكياس السوداء منذ سنوات طويلة، والأجيال الجديدة لا تعرف حتى شكل القفة التقليدية، ومن ثمة، فإن إقناعهم بحملها والتسوّق بها بدل الأكياس البلاستيكية سيكون أمراً صعباً، ما يعني أن اتحادية المستهلكين ينتظرها جهدٌ ضخم لإنجاح حملتها الخاصة بالتوعية قبل أن تشرع بتسويق مليوني قفة وكيس في عام 2013، لأن عدم نجاح هذه الحملة بإقناع المواطنين، سيعني محدودية تسويق هذه الكمية من القفف والأكياس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©