الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الممكن والمستحيل في الصحافة اليومية

17 ديسمبر 2012
بغياب مؤسسات التحقق من الانتشار ودراسات السوق (المحايدة) والعلمية، تبقى معرفة مدى تأثير الصحف على الرأي العام مسألة غير يقينية، كما يزداد هذا اللايقين يوما بعد يوم في ظل طفرة الإعلام الاجتماعي الذي نجح في استقطاب تفاعل شريحة واسعة من الناشطين والمتابعين المفترض أن يكونوا من نخب قراء الصحف. وزادت الشبكة العالمية للإنترنت من الثقافة (اليومية) العامة لدى الناشطين، ووفرت بنوكا من البيانات الأساسية والمعلومات المستجدة التي باتت متوفرة في كل مجال، وقلّل الدفق الإخباري المتعدد المصادر برأي كثيرين (أو المستخدمين على الأقل) من أهمية الصحف اليومية. وفي ظل هذه الحال من الطبيعي أن يتساءل الجميع عن الدور المتبقي للصحفة التقليدية بمن فيهم بعض المختصين. فما هو دور الصحف. فما هو هذا الدور في العصر الرقمي؟ البعض يرى أن على الصحافة أن تركز على الرأي أو أنواع بعينها (دون الخبر السريع) من فنون العمل الصحفي، وقد يصحّ هذا وذاك، إلا أن في أي من ذلك، ثمة شروط ومواصفات لم يعد مفر منها في أي بحث عن ملاذ (آمن) لاستمرار الصحف التقليدية أو تأثيرها؛ لا بد لأي مادة إعلامية بما فيها الرأي أن تنطوي على معلومة ورؤية أو فكرة جديدة يحمل من القيمة ما يعادل قيمة الحبر الذي كتب به أو يحترم تكبد القارئ عناء حمل وزن الصحيفة أو عناء استمرار قراءة المقال حتى آخره على الشاشة، ومقاومة الانتقال إلى مصدر في ظل كثرة المنافسين الذين هم على بعد نقرة من أصبع المستخدم. وخلافا لكثيرين فإني لا زلت أتمسك بأن دور الصحف التقليدية الإخباري لم ولن ينتهي. ما انتهى هو الطرق القديمة في هذا الدور، أما في الجوهر فإن أمام الصحف تحدياً ما زال في بداياته. إن أخبار العالم وأسراره ومعرفة الرأي العام (العالمي) بحقيقتها لا يمكن أن تترك للهواة والمتطوعين التلقائيين على الشبكة مواقع المدونات والتواصل الاجتماعي مهما علا شأنها . فمثل هذه المهمة لا يمكن أن يقوم بها إلا مهنيون وحرفيون من جهة، كما لا بد أن تكون في سياق عمل مؤسساتي صحفي قادر على التقييم والمتابعة وتحمل مسؤولية العمل الشاق بجوانبها كافة. وإذا كان تأثير أي مصدر رهناً بـ «موثوقيته»، فإن محتوى شبكات التواصل الاجتماعي تنطوي على محتوى ذي صناعة فردية ومؤقتة (وصدقة) إلاّ في حالة واحدة وهي اعتمادها رسميا على مؤسسة إخبارية معروفة. ويوسع أي ناشط على هذه الشبكات، خاصة موقع تويتر، أن يلحظ ذلك في الكم والنوع. بالتأكيد، أتاحت البيانات العامة و«الأخبار السريعة» على الشبكة قدرا من الثقافة اليومية المتوفرة في كل حين، لكن ذلك لا يجب أن يلغي بالضرورة دور الصحافة الأساسي في صناعة الأخبار، بل يمكن أن يطور ما كان يعرف قديما بالبحث «ما وراء الخبر» من خلال نوع جديد يقدّم قصة خبرية متماسكةّ أو متخصصة تشفي غليل القارئ (والبشر) سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الفن أو حتى في العلوم وغيرها من باقي المجالات. لقد هددت شبكة الإنترنت الدور القديم للصحافة ونزعت منها امتياز التحكم الإخباري برقاب البشر والعالم، هي لم تقتلها ولكنها فرضت عليها تحديا تاريخيا نحن لا نشهد الآن سوى بداياته. وفي ظل هذا الاحتدام سوف تتمكن بعض الصحف والمؤسسات الصحفية من التحديث والتطور. أما الباقي فسيتجاوزه الزمن. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©