الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

امتحان بلا إعادة

1 يوليو 2007 02:16
الحياة مدرسة تعلمنا الكثير منذ صرخة الميلاد الأولى إلى لحظة الرحيل الأخيرة· الحياة تلك المدرسة القاسية التي تصفعنا بتجاربها وخبراتها ولا نملك حق الدفاع أو الرد، وتتوالى الصفعات والضربات وتترك آثارها على أجسادنا وتغرس جراحها داخل أعماقنا، لتسكن الذات الوجداني وتترسخ في الذاكرة ''إنها لعبة الزمن''· الحياة محطات·· الكل يمر بها، بحلوها ومرها·· ترتسم في القلوب وتُحفر في الأجساد ونرى بصماتها على أطلال الأماكن وفوق جدران الأسوار المتهالكة· الحياة مدرسة تعلمت منها أن الشر والخير خطان متوازيان لا يتقابلان، وأن طريق الخير محفوف بالمخاطر ومحاط بالعراقيل والصعاب التي تعرقل خط سيرنا، ولكن مواصلة الطريق تتطلب صبرا وقوة تحمل وعزيمة وإصرارا، والنهاية تكون دائماً مصدرا للطمأنينة والسكون وراحة البال· الحياة مدرسة تعلمت منها أن أجمل الأشياء وأجمل الأشكال التي نحبها قد تكون سبباً في التعاسة والكآبة، ومصدراً للإيلام لأننا نسعى لامتلاكها والاحتفاظ بها·· لكننا لا نستطيع· الحياة مدرسة تعلمت منها أن أجمل حب عرفته الإنسانية حب امرأة·· وأن أطهر قلب في الوجود قلب امرأة وأن أغلى ما في الكون امرأة وأصدق مشاعر تلامس الوجدان مشاعر امرأة، وإن أردنا التحية بانحناء واجلال وإكبار لا يكون إلا لأجل امرأة·· هذه المرأة هي (الأم)· الحياة مدرسة تعلمت منها أن الذين يسعون دائماً للصعود على حساب الآخرين شياطين البشر وعنوان الشر، يغرسون خناجر الغدر من الخلف ويخشون المواجهة، وأن الخيانة داء متأصل في نفوسهم· الحياة مدرسة تعلمت منها أن الذين يدخلون القلوب دون استئذان جديرون بالثقة، ويستحقون البقاء وسط الحنايا·· فالقلوب جنود مجندة تتعارف فتتآلف، ولا نملك السيطرة عليها فليس لنا سلطة معها· الحياة مدرسة تعلمت منها أنني لا أستطيع الامساك بقلم الرحيل، ولا أقدر على وضع معالمه بمداد حروفي·· لم أشارك في إعلان يوم ميلادي ولا يستطيع هذياني اختيار انتمائي وهويتي، ولا يمكنني بتحليلاتي التنبؤ بما هو قادم ومتى تكون نهاية محطات الرحيل، لأن هذا كله سر من الأسرار الدفينة لماهية الحياة· الحياة مدرسة تعلمت منها أنها لا تعترف بأنصاف الحلول، ولا مكان فيها للفاشلين، ولا تنظر للضعفاء·· وأن أغلب الغارقين في دهاليزها هم أصحاب القلوب الرحيمة· الحياة اختبارات متتالية لا نعلم النتائج إلا بعد فوات الأوان ومرور قطار الامتحان، مهما تعلمنا تظل الحياة هي من تدون درجاتنا وأرقام الترتيب، ولا نملك حق الاعتراض أو حتى تعديل النتيجة·· امتحان بلا دور ثانٍ أو إعادة··
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©