الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دول جنوب الصحراء الأفريقية تجذب الاستثمارات الأجنبية

دول جنوب الصحراء الأفريقية تجذب الاستثمارات الأجنبية
17 ديسمبر 2012
تحولت الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى إلى منطقة جاذبة للاستثمارات، بعد أن كانت من أكثر المناطق تخلفاً في القارة الفقيرة، نتيجة لضعف النمو الذي ساد الاقتصادات الغنية خلال السنوات الأخيرة، وبعد أن كانت أسواق المال المحلية في تلك المنطقة محفوفة بالمخاطر، لم تعد كذلك في الوقت الحالي. كما ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا بما يقارب 50% منذ العام 2005. وأضاف مؤخراً بنك “جي بي مورجان”، نيجيريا إلى قائمة مؤشره الخاص بالسندات الحكومية للدول الناشئة، بعد أن كانت جنوب أفريقيا الدولة الأفريقية الوحيدة المدرجة فيه. ويتوقع البنك الأميركي الذي يُعد أكبر مكتتب لديون الأسواق الناشئة في العالم، أن إضافة السندات النيجيرية إلى مؤشره يساعد على جذب استثمارات بنحو 1,5 مليار دولار للبلاد. كما يمكن استغلال تدفقات الأموال الجديدة، في إرساء البنية التحتية غير الموجودة حتى الآن في قارة تساوي أراضيها مساحة الصين والهند واليابان وأميركا والمكسيك وأوروبا مجتمعة. ولا تزال الشكوك حول مستقبل القارة، تساور بعض الشركات التجارية. كما أن الدعاية التي انتشرت في الدوائر المالية الغربية والتي تروج للعصر الأفريقي الذهبي، مبالغ فيها، خاصة أن معظم الأفارقة لا يزالون يعانون الفقر. كما لا تزال مجموعة من الدول البائسة محاصرة بالفقر وليس من المرجح أن تحقق أي نوع من الرخاء المتواضع قريباً. ووجد تقرير صدر مؤخراً، أن بين كل 11 دولة مهددة بوقوع أزمة غذائية في العالم، 9 دول أفريقية. لكن يرى حتى المشككون، أن آخر التوقعات التي صدرت بخصوص القارة لا تزال تبشر بالخير. ويتوقع “صندوق النقد الدولي”، أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في القارة نمواً خلال العام الحالي قدره 5%، مقارنة بالتوقعات السابقة بنحو 5,4%، لكنها لا تزال الأسرع وتيرة من أي منطقة أخرى حول العالم تقريباً. وربما يرتفع النمو بحلول العام المقبل إلى 5,7%. كما من المحتمل أن تنعكس المزيد من المشاكل في الدول الغنية سلباً على الجنوب من أفريقيا، في حين ربما يكون أداء الدول التي تقع إلى الشمال منها، أفضل حالاً. وذكر تقرير أصدره “البنك الدولي” حديثاً، أنه في حالة كانت أفريقيا دولة واحدة ذات دخل متوسط، من المفترض أن يزيد دخل الفرد فيها عن ألف دولار، في حين يبلغ متوسط دخل الفرد الحالي نحو 1700 دولار. كما تجاوزت 22 دولة في جنوب الصحراء الأفريقية، هامش هذا الدخل الذي يعتبر محدوداً. ويقدر المجموع الكلي لسكان هذه المنطقة بنحو 400 مليون نسمة، بما فيه أنجولا والسودان الذين عانا حتى وقت قريب من ويلات الحروب الأهلية. وتوصل وولفجانج فينجلر، الاقتصادي في “البنك الدولي”، إلى أربعة أسباب وراء هذا التقدم الذي أحرزه الاقتصاد الأفريقي. أولها ما تملكه القارة من نمو سكاني ملائم، حيث يتميز معظم الأفارقة بمتوسط عمر أطول، في وقت يقل فيه معدل إنجابهم وليس العكس. وتشير توقعات “صندوق النقد الدولي”، إلى تفوق نيجيريا على أميركا بحلول 2055 كثالث أكبر بلد في العالم من حيث الكثافة السكانية بعد الصين والهند، في ذات الوقت الذي تعمل فيه البلاد على خفض معدل مواليدها. وخلق التوسع المدني السريع، فوائد في الكفاءة وجذب المستثمرين إلى المدن الرئيسية التي بدأت تعيش حالة من الازدهار، حيث الكثافة السكانية التي تساعد على تقليل ساعات التنقل وإنعاش الصناعات الصغيرة. كما يلعب قطاع التقنية دوراً أكبر في أفريقيا من أي منطقة أخرى، نظراً إلى بدئها من حيث توقف الآخرون. وارتفع استخدام الهواتف خلال العقد الماضي من نسبة ضئيلة قدرها 0,7% من مجموع السكان، إلى 70% مع ظهور الطفرة الكبيرة التي صاحبت صناعة الهواتف النقالة. وتُعد القارة من السابقين في استخدام الأجهزة المتحركة في المجال المصرفي، في وقت لم يكن في مقدور معظم الناس الوصول إلى الوسائل المصرفية التقليدية. وأخيراً ومقارنة مع البداية الضعيفة، تحسن مستوى أداء المسؤولين في ما يخص الحوكمة وإدارة الشؤون الاقتصادية. وتعتبر شهرة ديون القارة الأفريقية السيادية، خير دليل على ذلك. ويعتقد البعض أنه في حالة استمرار مثل هذه التوجهات في القارة، فمن المتوقع أن يصبح معظم سكانها من ذوي الدخل المتوسط بحلول 2025، على الرغم من تحذيراتهم من صعوبة الظروف في المستقبل. وتحقق جزء كبير من النمو في الآونة الأخيرة كمحاولة باللحاق بركب الآخرين، في وقت سادت فيه الأفكار والممارسات الغربية والأسيوية بنسبة كبيرة. ويترتب على أفريقيا وللمحافظة على نموها الحالي، إرساء البنية التحتية المتهالكة وتنويع مصادر اقتصادها. ولتنفيذ ذلك، فإنها في حاجة ماسة إلى الأموال والخبرات العملية الكافية. وكلا العاملين متوفران في الغرب بكثرة، حيث انخفاض أسعار الفائدة وكذلك معدل التوظيف. وبالتالي، انتشرت مؤتمرات الاستثمار الأفريقي في كل من لندن ونيويورك، حيث يدور الكثير من الحديث حول المكان المناسب في أفريقيا لإنشاء المصانع وشراء السندات والحصول على المواهب. وارتفعت الأجور التي تدفعها الشركات الغربية الكبيرة لمدرائها في أفريقيا بنحو 30% خلال العام الماضي. لكن ومع كل ذلك، يرى بعض الخبراء أن القارة لا تخلو من الصعوبات التي تقف في طريق قيام المشاريع الاستثمارية، مثل المخاطر السياسية والفساد الذي يحول دون إبرام العقود. وربما يعتمد النجـاح علـى نـوعية العاملين أكثر من جاذبية السوق المحلية. ولم تتوان المدارس التجارية الغربية أيضاً في الدخول في ساحة السوق الأفريقية، حيث عقدت “كلية لندن التجارية” في مايو الماضي بما يعرف بـ “يوم أفريقيا”. وتملك كلية “إنسياد” الفرنسية لإدارة الأعمال “نادي أفريقيا”، الذي يرتاده العديد من مدراء الشركات والمصرفيين والمستشارين السابقين الذين يتوقون للذهاب إلى أفريقيا بغرض الاستثمار. نقلاً عن: ذي إيكونوميست ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©