الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

روبرت موردوخ.. وتضليل الرأي العام الأميركي

روبرت موردوخ.. وتضليل الرأي العام الأميركي
2 يوليو 2007 04:00
في أكتوبر ،2003 نشر برنامج ''مواقف من السياسة الدولية'' المستقل دراسة بعنوان ''التصورات الخاطئة ووسائل الإعلام وحرب العراق''· الدراسة وجدت أن 60 في المئة من الأميركيين كانوا يصدقون واحداً على الأقل من الأمور التالية: أن أدلةً واضحة تفيد بوجود علاقة بين العراق و''القاعدة'' تم العثور عليها؛ أن أسلحة دمار شامل ثم العثور عليها في العراق؛ أن الرأي العام العالمي أيد خوض الولايات المتحدة للحرب مع العراق· يعتمد انتشار هذه التصورات الخاطئة في المقام الأول على المصدر الذي يحصل منه الناس على الأخبار· فإذا كان 23 في المئة فقط من الأشخاص الذين يحصلون على الأخبار من شبكتي ''بي بي إي'' و''إن· آر· بي'' صدقوا هذه الأمور المغلوطة، فإن الرقم بالنسبة للأشخاص الذين كانوا يعتمدون على شبكة ''فوكس نيوز'' بالدرجة الأولى لمعرفة الأخبار بلغ 80 في المئة· بل إن ثلثي المشاهدين الأوفياء لقناة ''فوكس نيوز'' كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة ''وجدت أدلة واضحة في العراق على أن صدام حسين كان يتعاون مع تنظيم ''القاعدة'' الإرهابي''· وعليه، فهل يرى أحد أنه لا بأس في أن تقوم شركة روبرت موردوخ، ''نيوز كورب''، التي تملك قناة ''فوكس نيوز'' بشراء جريدة ''وول ستريت جورنال''؟ مشكلة ''روبرت موردوخ'' لا تكمن في أنه أيديولوجي ''يميني''· لو كان الأمر يقتصر على ذلك، لكان ''موردوخ'' أقل خطراً· ولكنه يستغل بيئة إعلامية متحررة -وهي بيئة ساهمت فيها القوة السياسية المحافظة كذلك- عبر تحريف التغطيات الإخبارية وتأييدها لأي جهة، يرى أنها ستخدم مصالحه التجارية· هذه الاستراتيجية تعني في الولايات المتحدة انحيازاً واضحاً لصالح إدارة بوش والحزب ''الجمهوري''- وإن كان ''موردوخ'' قد سعى العام الماضي إلى التغطية على هذا الأمر عبر استضافته لحفل لجمع التبرعات لصالح حملة هيلاري كلينتون الرامية لإعادة انتخابها في مجلس ''الشيوخ''· وفي بريطانيا، قدم ''موردوخ'' دعمه لتوني بلير في 1997 وخصص لحكومته تغطية إيجابية، ''ضامناً بذلك''، تقول صحيفة ''نيويورك تايمز''، ''سماح الحكومة الجديدة له بالاحتفاظ بشركاته البريطانية''· أما في الصين، فقد حرصت شركات ''موردوخ'' على عدم إغضاب الحكم الديكتاتوري· الواقع أن موظفي ''موردوخ'' قلما يقولون معلومات غير حقيقية· ولكنهم عادة ما يقومون بنقل معلومات مغلوطة عبر التلميح وطرق أخرى غير مباشرة· فعلى سبيل المثال، كانت ''فوكس'' خلال الأشهر الأولى من احتلال العراق، تُفرد تغطيات مطولة لكل تقرير حول أسلحة الدمار الشامل الممكنة· توازي تغطياتٌ ضعيفة أو لا تغطية على الإطلاق للتقارير اللاحقة التي تفيد بأن الخبر كان إنذاراً كاذباً· وبالتالي، فلا غرو أن يعتقد الكثير من مشاهدي ''فوكس'' أنه تم العثور على أسلحة الدمار الشامل· أما عندما تفشل جميع الأساليب الأخرى، فإن شركات ''موردوخ'' الإخبارية، تتوقف بكل بساطة عن تغطية المواضيع غير الملائمة· فالعام الماضي، بذلت ''فوكس'' جهداً جهيداً للدفع بادعاء أن ''الإعلام الليبرالي'' يتخلف عن نقل ''الأخبار الجيدة'' من العراق· وعندما لم يصبح هذا الادعاء مناسباً، وجد ''مشروع التفوق في الصحافة'' أن البرامج النهارية على قناة ''فوكس نيوز'' خلال الربع الأول من 2007 لم تخصص سوى 6 في المئة من وقتها لحرب العراق، مقارنة مع 18 في المئة في قناة ''إم· إس· إن· بي· سي'' و20 في المئة في ''سي· إن· إن''· قد تتساءلون: ما الذي حل محل موضوع العراق؟ أخبار الممثلة وعارضة الأزياء الأميركية ''آنا نيكول سميث''، التي حظيت بـ17 في المئة من تغطية قناة ''فوكس'' النهارية· من جهة أخرى، يشدد المدافعون عن سعي ''موردوخ'' لشراء ''وول ستريت جورنال'' على ضرورة ألا نحكم على الرجل من خلال ''فوكس نيوز''، وإنما من خلال إدارته لصحيفة ''تايمز أوف لندن''، التي امتلكها في ·1981 الحقيقة أن التحيز السياسي لـ''ذا تايمز'' أقل مما يُبث في ''فوكس نيوز''· غير أن عدداً من موظفي ''تايمز'' السابقين اعترفوا بوجود ضغوط من أجل تحريف التغطيات الإخبارية· وعلى أي حال، هل نرغب في رؤية واحدة من الصحيفتين الوطنيتين الجادتين للولايات المتحدة في يد رجل فعل الكثير من أجل تضليل الأميركيين؟ (فبالرغم من نفوذ جريدة ''واشنطن بوست'' وتأثيرها، إلا أنها جريدة خاصة بواشنطن· أما صحف ''شركة ماكلاتشي''، فعلى الرغم من تفوق تقارير مكتبها في واشنطن خلال الأسابيع التي سبقت حرب العراق على العديد من الشركات الإخبارية العريقة، فإنها لا زالت تفتقر إلى قدرة ''وول سترت جورنال'' على إثارة نقاشات وطنية · لا يبدو أن ثمة مانعاً أو عائقاً قانونياً لسعي شركة ''نيوز كورب'' الاستحواذ على صحيفة ''وول ستريت جورنال''· ذلك أن هدف أحكام ''لجنة الاتصالات الفيدرالية'' بخصوص ملكية وسائل الإعلام هو تفادي الاحتكار في الأسواق المحلية، وليس حماية وسائل الإعلام القومية· غير أنه يمكن مع ذلك لضغوط الجميع أن تساعد على تلافي عملية الاستحواذ· وربما يجدر بالكونجرس هنا أن يعقد جلسات استماع· أما إذا حصل ''موردوخ'' بالفعل على ''وول ستريت جورنال''، فسيكون ذلك يوماً أسود بالنسبة لوسائل الإعلام الإخبارية في الولايات المتحدة - وللديمقراطية الأميركية· وإذا كانت ثمة عدالة في العالم، فإن ''موردوخ''، الذي قام أكثر من أي شخص آخر في قطاع الأخبار بتضليل هذا البلد ودفعه إلى حرب كارثية وغير مبررة، سيصبح شخصاً عديم المصداقية· ولكنه بدلاً من ذلك يعمل على توسيع إمبراطوريته· بول كروجمان كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©