الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات تعيد الحياة لشريان عـــدن

الإمارات تعيد الحياة لشريان عـــدن
26 مارس 2016 23:06
بسام عبدالسلام (عدن) يعد مطار عدن الدولي، ثاني أهم مطار في اليمن، بعد نظيره في العاصمة صنعاء، حيث يتميز هذا الشريان المهم بمقومات فريدة جعلته من الموانئ الجوية الفريدة على مستوى العالم لموقعه بالقرب من وسط المدينة وميناء الحاويات والمنطقة الحرة. وتعرض المطار خلال الحرب الأخيرة التي شنتها مليشيات الحوثي والمخلوع صالح إلى دمار كبير في بنيته التحتية ومرافق المختلفة وآلياته المتنوعة، ناهيك عن برج المراقبة ومدرج المطار الرئيسي والفرعي والصالات والإدارات التي كانت تسير هذا المرفق الحيوي بشكل متميز. خلال الأسابيع الماضيةم كشف نائب الرئيس اليمني رئيس الحكومة، خالد محفوظ بحاح أن المطار سوف يعود نشاطه التجاري خلال الفترة القادمة، عقب استكمال أعمال التأهيل التي شارفت على نهايته، وأن استئناف الرحلات سيعزز من جهود الحكومة المستقبلية. سعت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح خلال حربهم على عدن إلى تدمير مطار عدن الدولي كونه الشريان الوحيد الذي يربط هذه المدينة عبر الجو بالعالم، وإن تدميره سيعمل على إفشال أية جهود للحكومة الشرعية والتحالف العربي من الاستفادة منه في نقل الإغاثة والجرحى والعالقين الذين نزحوا من ديارهم جراء الحرب إلى بلدان مجاوره. وأتبعت العناصر المتمردة في اليمن في حربهم ضد الشعب واقتحام المدن أسلوب التدمير الشامل، فما خلفته هذه المليشيات عقب تحرر المدينة في منتصف يوليو 2015، من دمار لم يكن متوقعاً في المطار والمرافق الحيوية التي كانوا يسيطرون عليها. وفور استعادة المطار من يد المتمردين بشكل كامل في 17 يوليو، سعت دولة الإمارات ضمن جهودها الإنسانية في إعادة أعمار ما دمرته تلك العناصر الإجرامية في عدن، إلى تبني مشروع متكامل يهدف إلى إعادة هذا الشريان الحيوي إلى الحياة من جديد، فعمدت على إرسال فريق فني متخصص عقب تحرير المدينة بثلاثة أيام فقط، حيث وصل الفريق في تاريخ 20 يوليو وباشر مهامه في صيانة وإصلاح الأضرار التي لحقت بالمطار. وساهم الفريق في تشغيل المطار بعد أقل من 48 ساعة من أجل استقبال طائرات الإغاثة التي لم تستطع قبلاً الوصول قبل تولي الفريق مهمة إعادة التأهيل والتشغيل بسبب الدمار في المدرج الرئيس تواجد حطام إحدى الطائرات، وعدم جاهزية أرضية المطار بكامل معداتها المطلوب. وخلال الأيام الأولى جراء تنفيذ أعمال صيانة لأحد المدارج وتجهيزه للسماح بوصول أولى الطائرات الإغاثية القادمة من السعودية حينها وتحقق الحلم بالهبوط الأمن. لم يكتف الفريق بهذا الإنجاز، وواصل مهامه في إعادة تأهيل المطار بشكل مكتمل، الأمر الذي ساعد في عودة الكثير من النازحين والعالقين في الدول العربية والعالمية عبر رحلات تم تنظيمها بشكل متكامل وهبط جميعها في مطار عدن الدولي. «الاتحاد» زارت المطار، وشاهدت الإنجازات التي تحققت منذ تولي الفريق الإماراتي مسؤولية إعادة تأهيلها بشكل متكامل، وتحدثت إلى مدير المطار المهندس طارق عبده علي، الذي أكد أن المطار سوف يستأنف نشاطه خلال الأسابيع القليلة القادمة، بعد أن شارفت أعمال الصيانة والتأهيل على الانتهاء بشكل كامل. وقال إنه خلال الشهرين أو الثلاثة الأشهر القادمة سيكون المطار جاهزاً من جديد لاستقبال الرحلات التجارية من أي بلد في العالم.. وبعد توقف دام خمسة أشهر منذ بداية الحرب على المدينة في شهر مارس، وحتى تحررها في يوليو من العام الماضي، سعت الإمارات تبني مشروع متكامل لإعادة تأهيل المطار من خلال خطة متكاملة من ثلاثة اتجاهات، الأول كان مركزاً على أهمية تشغيل المطار وتأمينه بشكل كامل وتجهيزه لاستقبال طائرات الإغاثة التي كانت تنتظر المنفذ لإنقاذ أبناء المدينة المحاصرين منذ بداية الحرب، وتحققت هذا الأمر في 20 يوليو من خلال وصول أول طائرة إغاثة إلى المدينة المحررة قادمة من السعودية أعقبتها عشرات الطائرات الإغاثية المحملة بالآلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية، وغيرها من المساعدات الإنسانية. في حين ركز الاتجاه الثاني على سرعة تجهيز المطار من أجل استقبال العالقين والنازحين من أبناء المدينة الموجودين في دول مجاوره، ورغم الصعوبات إلا أن الجهود كانت متواصلة لتدشين لتحقيق هذا الاتجاه كتحدي للقائمين على عملية التأهيل من الجانب اليمني أو دول التحالف ممثلة في الإمارات، وفي مطلع أغسطس وصلت إلى المدينة أولى الطائرات المدنية التابعة للخطوط الجوية اليمنية على متنها عدد من المواطنين اليمنيين العالقين في الخارج. واسهم هذا الاتجاه في وصول وإقلاع العشرات من الطائرات المدنية التابعة للخطوط اليمنية التي كانت تقل العالقين والجرحى إلى البلدان المجاورة. وفي حين كان الاتجاه الثالث مرتكزاً على عمل خطة لإعادة تأهيل المطار بشكل كامل، واستئناف نشاطه التجاري، رفده بالمساعدات اللازمة لإعادة تشغيلها بصورة طبيعية. وأوضح مدير مطار عدن الطاقم يعمل منذ أشهر مع الشركة الإماراتية المكلفة بمشروع إعادة التأهيل والصيانة، حيث جرى تم البدء بمشروع إعادة تأهيل وصيانة المطار بشكل كامل، سواء من برج المراقبة الذي يبلغ حوالي 32 متراً، والصالات والهناجر، والإضاءة الليلة والمدرج الرئيس والفرعي، ومبنى الإطفاء والدفاع المدني، وأن هناك أعمال شارفت على الانتهاء وأخرى لا تزال قيد التنفيذ كونها تعرضت لدمار كبير. وأضاف المهندس طارق عبده علي «الأشقاء الإماراتيين يساعدونا في الإدارة للأعمال الفنية والإدارية وإصلاح جميع الأعطال الناتجة عن الحرب، هناك دعم لا محدود وسخي لإعادة الروح لهذا الشريان الهام، ليس من حيث التأهيل بل حتى من التجهيزات والمعدات». وبحسب مدير المطار، فقد وصلت إلى المطار مساعدات أولية لتشغيل المطار بشكل أولي، سواء في تجهيز أرضية المطار بـ 4 سيارات إطفاء جديدة مع معداتها الخاصة، باص نقل الركاب وأخرى للتموين ومعدات وتجهيزات مختلفة بينها برج متنقل، وأن هذه المساعدات ستلحقها مساعدات إضافية لتواكب نشاط وحجم المطار قبيل تشغيله. وأضاف عملنا مع الشركة الإماراتية في المراحل الأولى على ترميم بعض المواقع الأساسية والمهمة لتشغيل المطار بصورة أولية لاستقبال طائرات الإغاثة والعالقين وبالرغم من إن قدرة المطار في استقبال الرحلات الجوية كانت صعبة للظروف الاستثنائية في وضعية المطار ومشروع إعادة التأهيل، إلا أن الرحلات لم تتوقف منذ التحرير، بواقع رحلتين إلى ثلاث رحلات أسبوعياً للخطوط الجوية اليمنية، وبلغ عدد الرحلات الجوية التي تم استقبالها منذ التحرير 66 رحلة رغم عدم تجهيز صالات الانتظار بالشكل المطلوب والاهتمام بالفراق الزمني بين كل رحلة لعدم قدرة المطار في استقبال أكثر من رحلة في وقتاً واحد، ومازال لدى المطار حالياً القدرة في استقبال الرحلات في أي وقت رغم الإمكانيات البسيطة المتوافرة حتى انتهاء العمل في مشروع التأهيل». وأشار مدير المطار إلى أن البنية التحتية قد دمرت تماماً منها شبكة المياه والكهرباء والأرصاد والبرج، فإعادتها من جديد يعد انتصاراً كبيراً، فعودة حركة المطار بأيام بعد تحرير عدن انتصاراً كبيراً. وتابع قائلا: نحن الآن بمرحلة الجد حتى نعيد المطار إلى ما كان عليه سابقاً لنستقبل الرحلات التجارية فهي تتطلب بعض الاستكمالات والإجراءات المهمة، والتي من شأنها تسمح لنا باستقبال هذه الطائرات والرحلات. الألغام انتزعت بمساعدة فريق هندسة إماراتي عمدت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح على زرع المئات من الألغام في مطار عدن وتفخيخه بهدف ضرب هذا المنشأة الحيوية وتدميرها، وتعد هذه المشكلة التي واجهت مشروع إعادة التأهيل خلال الفترة الماضية بحسب ما أكده مدير المطار في حديثه. وفقاً لوحدة نزع الألغام في المطار التابعة للبرنامج الوطني لنزع الألغام في عدن، إن المطار ومحيطة كان من أكثف الأماكن التي قام المتمردون بزراعة الألغام والمتنوعة فيها، ووجدت الوحدة في المطار صعوبة بالتعامل مع كثافة هذه المتفجرات داخل المباني والأرضية، حيث قامت هذه الميليشيات الإجرامية بزرعها بطريقة عشوائية بغية القتل والدمار. في ظل ذلك، طالب البرنامج الوطني لنزع الألغام في عدن بسرعة مساعدته في انتشال الألغام، فكانت استجابة دول التحالف العربي سريعة، وتحديداً من الإمارات التي تكفلت بتأمين المطار، حيث قامت بإرسال كاسحة ألغام وفريق هندسي ذي خبرة كبيرة لنزع الألغام، وفعلاً تم تأمين المطار وأسواره ونزع الكثير من المتفجرات. الجهود مستمرة لتشغيل المطار.. هناك جهود متواصلة من قبل الحكومة الشرعية ووزير النقل مراد الحالمي في لتشغيل المطار دفعة للواجهة خصوصاً وأن عدن تعد العاصمة المؤقتة لليمن في ظل استمرار المتمردين السيطرة على صنعاء. وعقدت في وقت سابق العديد من اللقاءات في دول الخليج من بينها الإمارات لوضع خطة تمويل لمشاريع حيوية اقتصادية تخدم النشاط الملاحي الجوي في المدينة، وهذا أيضاً دفع بالعديد من شركات الطيران العربية والدولية للتواصل مع إدارة المطار لمعرفة الجاهزية لاستقبال الرحلات المباشرة من وإلى مطار عدن الدولي. وأشار مدير عام مطار عدن المهندس طارق عبد علي، «باعتبار أن عدن هي العاصمة المؤقتة لليمن سيتم الإسراع في تشغيل المطار بمعدات وتجهيزات جديدة تساهم في تسيير العمل بالشكل المطلوب، ويتم من خلاله استقبال كافة الرحلات بشكل مباشر من قبل شركات سعودية وإماراتية وبحرينية ومصرية وأفريقية، حيث من المتوقع استقبال أكثر من عشر رحلات في اليوم، مقارنة ما قبل الحرب الذي كان المطار يستقبل فقط عشر رحلات في الأسبوع». يؤكد مدير المطار «أن هناك تواصل للإسراع في تشغيل المطار التي تأتي ضمن خطة تمويل مشاريع حيوية واقتصادية مشتركة بين اليمن ودول الخليج لاستعادة نشاطه بالشكل المطلوب، حيث تم تحت إشراف وزير النقل اليمني إعادة تهيئة المطار، وبدأ استقبال الرحلات في ظل ظروف صعبة، مؤكدا بأن هناك أموراً إيجابية سيتم اتخاذها من قبل الوزير بالنسبة لتشغيل المطار خلال الفترة القادمة». وفيما يتعلق بموضوع توقف الرحلات أكد مدير عام مطار عدن، «إن المطار لم يتوقف عن العمل في استقبال الرحلات الجوية منذ التحرير، ولكن عملية التوقف تتم عبر شركة اليمنية للطيران، حيث إنها لا تعطي أسباب رسمية أثناء اتخاذها قرار التعليق ويتمثل دورنا في الاستعداد باستقبال الرحلات، بعد إن يتم تبليغنا بجدول الرحلات المطلوبة، كما نؤكد بأن المطار غير مسؤول عن الطائرات العسكرية التي تهبط في المطار العسكري». تأهيل الكادر.. وحول جاهزية القوى البشرية للعمل من جديد قال المهندس طارق: «إن الموظفين وطاقم المطار متواجد بشكل مستمر على مدار اليوم منذ مطلع العام الحالي 2016، ونحن مستعدون لأية مهام قادمة». وأضاف «هناك موظفون مناوبون محددون يتم الاستفادة منهم خلال هذه الفترة، باعتبار أن المطار يمر بعملية إعادة الترميم والتجهيز بكافة التخصصات من أجل أن يكون المطار مستعداً بشكل كامل في أي وقت لاستقبال أي رحلات جوية مختلفة. وأشار إلى أن هناك خطة تدريبية تستهدف موظفين وعمال مطار عدن الدولي سيتم تنفيذها خلال الفترة القادمة، تحت إشراف الهيئة العامة للطيران حول كيفية استخدام الأجهزة والمعدات الجديدة في كافة التخصصات الرئيسة بالتعاون مع دول التحالف العربي». تأمين المطـــــار نتيجة للمكانة الدولية التي يحتلها مطار عدن الدولي، باعتباره ثاني أكبر مطار في اليمن بعد مطار صنعاء الدولي، وامتلاكه قيمة رمزية وعسكرية وسيادية للدولة، فإن الوضع الأمني ضروري جداً لتسيير العمل بالوتيرة المطلوبة. ومنذ تحرر عدن تولت الإمارات تأمين المطار بشكل متكامل، إلى جانب قوة من المقاومة الشعبية تم تدريبها في معسكرات تابعة للدولة، وبإشراف من التحالف العربي. وأكد وزير الإعلام اليمني محمد قباطي في تصريح سابق له، أن فتح مطار عدن بالكامل أمام رحلات الطيران التجارية خطوة من شأنها تعزيز الثقة في قدرة الحكومة الشرعية على السيطرة على عدن، مضيفاً «إن المطار يقوم على حراسته مقاتلون محليون تم دمجهم في الفترة الأخيرة في جيش يمني جديد إلى جانب قوات من الإمارات». وأضاف «القوات الإماراتية لا تزال في المطار، وما حصل هو تغييرات عادية. المطار في يد إدارة مدنية، ويتم حراسته من قبل قوات إماراتية ومن المقاومة التي يتم استيعابها في الجيش». حول الوضع الأمني غير المستقر في عدن، قال مدير المطار المهندس طارق عبده علي «إن الوضع الأمني الذي تمر بها العاصمة عدن خلال الفترة الأخيرة، أثر على سير العمل في المطار، وعلى تحركات الشركة المقاولة في تقديم كافة المعدات والتجهيزات اللازمة من دولة الإمارات، حيث تمت الاستعانة بمعدات محلية عبر عدد من الشركات الأخرى التي تعمل تحت إشراف الشركة الإماراتية». وأكد المهندس طارق «إن عملية تأمين المطار بشكل كامل وتجهيزه بكافة المعدات والأجهزة الأمنية المطلوبة لاستقبال الرحلات التجارية، تعتبر من أولوياتنا، حيث إن الإجراءات الأمنية داخل المطار المتمثلة بعملية التفتيش، ودخول وخروج المسافرين في الصالات، وأمور أخرى، هي من مسؤولية المطار، لكن الإجراءات الأمنية خارج المطار ليست من مسؤوليتنا، بل من مسؤولية الأمن العام المتمثلة بالدولة». رسالة للإمارات.. وأبناء عدن اختتم مدير عام المطار المهندس طارق عبده علي تصريحه بالقول «لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لدولة الإمارات لما تقدمه لعدن لإعادة الحياة فيها وتطبيعها، بصورة تعكس مدى تلاحم العرب ورص صفوفهم ضد كل عدوان غاشم في منظومة عربية متكاملة»، معرباً عن شكره وتقديره للجهود التي تبذلها دولة الإمارات من أجل إعادة المطار إلى هذه المدينة التي عانت كثيراً من ظلم المتمردين. كما وجه رسالة إلى أبناء عدن والوطن، بقوله «إنه خلال شهرين أو الثلاثة بالكثير سيتم الانتهاء من أعمال الصيانة والتأهيل لمطار عدن وتجهيزه بالمعدات الفنية والأمنية، وسيعمل بشكل كامل في استقبال الشركات الملاحية العربية والدولية، واستئناف رحلاتها بشكل طبيعي يلبي رغبات المواطنين، وتنفيذ خطة جديدة في استقبال الرحلات تواكب العصر، وتسهم في رفع الاقتصاد الوطني».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©