الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

"السيارات الرخيصة" ثورة على الطريق

"السيارات الرخيصة" ثورة على الطريق
2 يوليو 2007 23:41
يبدو أن هناك تناقضاً قائماً الآن في توجّهات صنّاع السيارات العالميين؛ ففي الوقت الذي نجد فيه انتشار ظاهرة الاهتمام ببناء السيارات الفخمة في الدول المتقدمة، فإن شركات أخرى تصرف انتباهها إلى أسواق السيارات الرخيصة المشتعلة في الدول النامية· ويعرض تقرير مفصل بقلم المحللين (جون ريد) و(آمي يي) نشرته صحيفة فاينانشيال تايمز لقصة إعلان تلفزيوني متميز تم إخراجه على شكل فيلم قصير لا يستغرق عرضه أكثر من 20 ثانية وحيث تهبط فتاة جميلة من طائرة هيلوكوبتر فوق شاحنة تسير على طريق سريع وهي تحمل على ظهرها سيارة صغيرة؛ ثم تقوم بتفحص هيكلها الخارجي لتقفز بعد ذلك إلى مقاعدها ولتستقر في نهاية المطاف فوق مقعد القيادة· ثم تقفز بسيارتها من فوق الشاحنة إلى الطريق وتنطلق بها في الاتجاه المعاكس بسرعة جنونية تترافق مع زئير المحرك تعبيراً عن القوة وحسن الأداء· وتظهر على الشاشة بعد ذلك جملة تشير إلى ما تتمتع به هذه السيارة من رحابة وقدرة على الأداء الفائق· يقول التقرير إن هذه السيارة الرائعة لم تكن واحدة من السيارات الألمانية التي تتميز بالفخامة، بل هي السيارة الفرنسية (رينو لوجان)· وكانت رينو أطلقت (لوجان) في السوق الهندية الناشئة في شهر أبريل الماضي بسعر يبدأ بـ10 آلاف دولار· ولقد تمكنت شركة رينو حتى الآن من بيع أكثر من نصف مليون سيارة منها في الأسواق العالمية منذ تم إطلاقها للمرة الأولى في رومانيا عام ·2004 ويكمن سرّ هذا الرواج الكبير في أن (لوجان) ليست سيارة رخيصة الثمن فحسب، بل إنها تحمل أيضاً الكثير من التجهيزات والأنظمة الإلكترونية التي نراها في السيارات الفخمة· وتم إطلاقها أيضاً في الهند حيث يتم بناؤها هناك بالاشتراك مع شركة (ماهيندرا أند ماهيندرا) لصناعة السيارات· ومن الأفكار الذكية التي طلعت بها شركة رينو أنها دعت أكثر من 20 ألف هندي للمشاركة في القيادة التجريبية لـ(لوجان)، وانتهت هذه الحملة ببيع 2800 سيارة إلى الجمهور المشارك في هذه العملية· تغير أولويات الأسواق لم يعد أكثر ما يثير الاهتمام في صناعة السيارات العالمية يتعلق بالسيارات الكوبيه الرياضية ذات الأداء الخارق ولا بالسيارات الهجينة التي تشتهر بتوفير الوقود، بل أصبح العامل المحرك للأسواق هو انخفاض السعر الذي يقتضي تخفيض تكاليف التصنيع· ويتسابق صنّاع السيارات الآن على تطوير سيارات جديدة يمكن بيعها بنصف الأسعار المتعارف عليها حتى يتمكنوا من بيع أعداد مضاعفة منها بهدف تخفيض سعر التكلفة للسيارة الواحدة· وتستهدف أسواق هذه السيارات الجديدة الملايين ممن سيشترون سيارة لأول مرة في حياتهم؛ وهذه الفئة من الناس تمثل أضخم شريحة في أسواق الدول الناشئة وخاصة في الهند والصين وروسيا والبرازيل· ومع التزايد الهائل الذي يشهده الطلب على هذه الفئة من السيارات، أصبحت كبريات الشركات المتخصصة بصناعتها في أميركا وأوروبا واليابان تعمل بدأب على بناء أكبر عدد منها وبما يوحي بأن صناعة السيارات تحولت إلى واحدة من الصناعات الأكثر نمواً في العالم· وأصبحت الشركات الرائدة لصناعة السيارات تحتاج الآن للقوة الكافية للقفز بسرعة كبيرة إلى مواقع متقدمة في الأسواق حتى تتمكن من مزاحمة منتجين آخرين يتمتعون بميزة انخفاض تكاليف الإنتاج مثل شركة (تاتا) الهندية و(شيري) الصينية· وقال الخبير الهندي موهيت آرورا في معرض تعليقه على هذه التطورات: (لا شك أن كل واحدة من شركات صناعة السيارات سوف تتبنى حلولها الخاصة بها لإثبات وجودها؛ كما أن الواقع الجديد للأسواق ينطوي على عوائد هائلة، وكل واحدة من الشركات ستسعى إلى اقتطاع نصيبها منها)· عصر جديد ومثلما حدث في صناعة الطيران التجاري وحيث تغيّرت قواعد التنافس بين شركات الطيران وعالم النقل التجاري الجوي برمته، فإن السوق النامية للسيارات الرخيصة توحي بحدوث ثورة جديدة في هذه الصناعة سوف تتجلى بوضع ملايين إضافية من البشر فوق العجلات الأربع لأول مرة· ولقد بدأت مقدمات هذه الثورة بالظهور والتأثير على الشركات من خلال دفعها بقوة جارفة لتبني واستخدام أساليب ومواد وتقنيات جديدة تماماً تصبّ جميعاً في خانة تخفيض كل من تكاليف التصنيع وسعر البيع إلى مستويات بالغة الانخفاض بالإضافة إلى ضرورة تجهيز السيارات بالتقنيات المبتكرة التي تضمن الرفع من مستوى أدائها· ويشير تقرير (فاينانشيال تايمز) أيضاً إلى أن هذا التوجّه الجديد والحاسم لصناعة السيارات، لا بد أن يؤدي إلى تسريع وتعميق ظاهرة انتقال مراكز ثقل هذه الصناعة من الدول التقليدية الغنية التي اشتهرت بها على مرّ العقود الماضية، إلى الدول التي تتميز بقدرتها على الإنتاج بتكاليف أكثر انخفاضاً مثل الهند· وأثبتت دراسة حديثة أنجزها خبراء مؤسسة (رولاند بيرجير استراتيجي كونسولتانتس) أنه بحلول عام 2012 سوف تباع على المستوى العالمي 18 مليون سيارة من التي يقل سعر الواحدة منها عن 13500 دولار· ويمثل هذا الرقم زيادة تبلغ 4 ملايين سيارة عن عدد السيارات التي تباع الآن من هذه الفئة سنوياً· وهذا يعني أن النمو الذي تشهده أسواق السيارات الرخيصة سوف يتجاوز المعدل العام لنمو هذه الصناعة برمتها· ولقد استهلكت السوق اليابانية العام الماضي 2 مليون سيارة صغيرة جداً من طراز (كاي) التي يعود تاريخ إطلاقها للمرة الأولى إلى السنوات التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية إلا أنها ما زالت تباع بكثرة حتى الآن بسبب السياسة الضريبية الناجحة التي تتبعها السلطات اليابانية في مجال دعم السيارات المحلية الصغيرة· وقال ساروات سينج الخبير في شركة (فروست أند سوليفان) الاستشارية المتخصصة بأسواق السيارات ومقرها لندن: (نحن نعتقد بأن سوقاً واعدة وضخمة تنتظر صناعة السيارات ذات تكلفة الإنتاج المنخفضة)· أرخص سيارات العالم ويثبت السعر المدروس بعناية ودقة للسيارة (رينو لوجان) أنها تمثل بالفعل استثماراً ناجحاً لثمنها في صنف سيارات (الفئة سي) إن لم تكن أرخص بكثير من قيمتها الفعلية وفقاً للمعايير السائدة في الأسواق الناشئة التي تستهدفها· وقال كارلوس غصن المدير العام التنفيذي لشركتي رينو ونيسان، إنه يدرس الآن فكرة إطلاق سيارة بـ3000 دولار مصممة بشكل خاص للسوق الهندية· وتعمل شركة (تاتا) من جهتها على دفع الأسعار إلى الأدنى بشكل أسرع بإنتاجها لسيارة سوف تعلن عن إطلاقها العام المقبل بسعر 100 ألف روبية أو ما يساوي (2500 دولار)· وقالت مصادر الشركة أن السيارة الجديدة ستفوز من دون شك بلقب أرخص سيارة في العالم أجمع· وأطلقت (تاتا) على سيارتها الواعدة التي تنــــوي إنتاج الملايين منها اســـم (ون لاخ) One-Lakh ويعني بالهندية (مئة ألف روبية فقط)، وانطلق العمل في الإعداد لها قبل أربع سنوات؛ وهي تؤثر الإبقاء على كل عمليات تصميمها وبنائها ونوعية المواد الداخلة في صناعتها في أعلى مراتب الكتمان والسرّية خوفاً من تسرّب أسرارها إلى الشركات المنافسة· وفضلت (تاتا) أن تقدم معلومات مختصرة جداً عن خصائصها عندما وصفتها بأنها سيارة بالغة الصغر وذات أربعة أبواب ومدفوعة بمحرك تبلغ سعته 600 سنتمتر مكعب· وفيما عبّرت مصادر خبيرة في صناعة السيارات عن شكوكها القوية في أن تتمكن (تاتا) من صناعة مثل هذه السيارة وبمثل هذا السعر المنخفض إلا إذا كانت ذات نوعية رديئة، فلقد آثر رافي كانت المدير الإداري للشركة الدفاع عنها عندما عبّر أمام الصحافة عن ثقته الكاملة في أن السيارة الجديدة سوف تكون (ذات مظهر مدهش)؛ وهي تستهدف شريحة الفقراء من راكبي الدراجات النارية لتنقلهم مع عائلاتهم للتجول في ربوع الهند فوق أربع عجلات· وتخطط (تاتا) لإنتاج ربع مليون سيارة سنوياً، وسيتم إطلاقها خلال الربع الثالث من عام ·2008
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©